تناولت الندوة الثقافية الفكرية التى عقدت فى ملتقى الأدب، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولى للكتاب فى نسخته الثانية والثلاثين، موضوع السرد بوصفه الحياة، تحدثت فيها الشاعرة والأستاذة فى الجامعة اللبنانية الأمريكية، جمانة حداد، والكاتب والباحث والمترجم والمستشار فى رأس الخيمة، زكريا أحمد، وأدار الندوة، إبراهيم مبارك. وقال زكريا أحمد، الذى تحدث أولاً، رغبة من زميلته فى الندوة جمانة حداد، إن بدايات السرد كانت مع بدايات الوجود البشرى، منذ كان الإنسان صياداً فى مرحلة الصيد واللقط، حيث كان يتنقل من مكان إلى آخر ويغادر كهفه بحثاً عن طريدة يصطادها، وأثناء عودته يروى ما جرى معه، لافتاً إلى أن السرد منذ حينها لم يخل من الكذب أو التخيل والإضافة، وانتقل مثل هذا السرد إلى كافة أفراد الأسرة فى الكهف الأول حتى اليوم. وتساءل أحمد، هل الحياة هى السرد، أم أن السرد هو الحياة، لافتاً إلى أن الأكاديميين لم يصلوا حتى الآن إلى تعريف للسرد محدد ومقنع للجميع، وسرد أحمد بشكل مشوق بدايات السرد مع الإنسان "البدائى"، وعندما بدأ بالكذب بدأ السرد، وأن بدايات السرد كانت حقيقية وصادقة لكنها لم تخل من الكذب لاحقاً، واستدل على ذلك بقصص روبنسون كروزو التى كانت كلها قصص حقيقية. وقال: السرد لم يبدأ فى النصف الأخير من القرن الماضى، بل بدأ مع بدايات الإنسانية، لكن الاهتمام بالسرد بدأ فى منتصف القرن التاسع عشر، وتحدث عن السرد كقصة ورواية وسيرة ذاتية وسيرة غيرية، وعن إشكاليات السرد العربى. كما تطرق إلى مؤتمر السرد السادس الذى عقد فى أكتوبر العام الماضى، فى باريس، لافتاً إلى أن المؤتمر تناول أكثر من 250 ورقة عمل بحثية فى 80 جلسة، حول مختلف أنماط وأشكال السرد تتجاوز المسائل الأدبية وألوان الأدب، إلى كافة مجالات الحياة، ما يعنى أن هذا المؤتمر الذى يعقد كل سنتين مرة يؤكد على أهمية البحث عن مفهوم جديد للسرد. وأشار إلى أن مؤتمرات السرد كانت تدور حول الأدب، لكنها بدأت تتوسع، وأن الاتجاه الجديد فى السرد يتجاوز المفهوم التقليدى المرتبط بالرواية والقصة. وبدورها، تحدثت الشاعرة والأكاديمية اللبنانية، جمانة حداد، صاحبة كتاب "هكذا قتلتُ شهرزاد"، ومؤلفات عديدة أخرى، عن السرد والكتابة، معتبرة أن الكتابة هى الحياة وهى الذات. وتساءلت: هل الكتابة كذب أم إعادة خلق، لافتةً إلى أنها حتى لو كانت كاذبة، فهى كتابة جميلة وحاجة "للمكذوب عليهم". وأكدت: فى فعل الكتابة أو السرد نحن نخلق، وما نخلقه يصبح موجوداً وتدب فيه الحياة، وبالتالى فإن كل حياة حقيقية أو متخيلة تصبح مشروع سرد، إنه التماهى الكامل بين الكاتب والمكتوب، ولفتت إلى أن السرد اليوم يتجاوز الحالة الأدبية إلى مختلف مجالات الحياة، مشيرة إلى أن رهان السرد خارج إطار السؤال المتعلق بالنجاح والفشل، فلا علاقة لنا كقراء بما يسرده السارد، هل هو حقيقة أو وهم أم كذب، فعلاقتنا به ترتبط بسؤال آخر: هل نستمتع بهذا السرد، وهل يفتح لنا مخيلتنا ويكشف عن آفاق جديدة، معتبرة أن هذه هى معايير تقديم السرد الناجح، التى لا ترتبط بمدى الصدق والكذب والوهم، بل بمدى الاستمتاع بما يتم سرده.