بين زحام شارع المغربلين ومنازله العتيقة ينزوى ببشرته السمراء فى محل متهالك يصنع بيديه أقدم حذاء كامل عرفه المصريون، ببساطة يجلس أسفل لافتة تعلن عن موقع آخر صانع لأحذية "البابوش" فوق هذه الأرض بعنوان "الطمباجى". أب عن جد ورث جمال وجدى، صاحب أقدم وأخر محل للبابوش فى مصر مهنته التى يحكى عنها ويقول: "البابوش هو أقدم حذاء كامل عرفه المصريون، يرجع عمره إلى العهد المملوكى، وعلى الرغم من شبه انقراضه فى الأسواق المصرية، هو بالنسبة للعيلة شبه الحاجة اللى بتجرى فى دمنا ما نقدرش نسيبها". يتابع عم "جمال": "أنا ماوعتش على جدى الكبير "الطمباجى" لكن القصص اللى وصلت ليا عنه من أجدادى، إن هو اللى اخترع البابوش فى العصر المملوكى". يحفظ الرجل الأربعينى عن ظهر قلب تاريخ الأحذية فى مصر ويقول: "المصريين كانوا بيلبسوا فى حياتهم اليومية أحذية مفتوحة، عبارة عن نعل وأربطة فقط، وكانت الأحذية النصفية مخصصة فقط للمحاربين". ويستكمل حديثة: "من هنا بدأت قصة تصنيع البابوش، أو الجذمة الكاملة المحكمة بقطعة جلدية من الخلف، وبدأ ينتشر بين أفراد البلاط الملكى والقادرين، وبعدين وصل لطبقات الشعب المختلفة، واستمر لحد ما ظهرت الجزم الجديدة فى عهد الاحتلال الإنجليزى". وعن سبب تسميته بهذا الاسم، يقول "وجدى" إن كلمة بابوش كلمة فرنسية الأصل، فعرف بهذا الاسم بعد نزول الحملة الفرنسية إلى مصر والتقاط المصريون بعض المصطلحات الفرنسية. ويتابع حديثه قائلا: "استمرت الشغلانة بين أفراد عائلتنا يتوارثها الأجيال، وكانت شغلانة كويسة لحد ما وصلتنى، لأنها مهنة بتعتمد على السياحة، ودلوقتى بعد الانهيار السياحى بقت المهنة شبه متوقفة، وبنعيش بس على المصريين اللى بيحبوا الأنتيكة والمنتجات التراثية". يتراوح سعر البابوش بين 10 إلى 15 جنيها، فكلما كان مغلقا من الخلف كلما زاد سعره.
