سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالصور.. "اليوم السابع" داخل قرية قرماوص بالشرقية رائدة زراعة ورق البردى بالعالم.. الأهالى يخصصون جميع المساحات لزراعته.. وطلاب الثانوى يعملون بمعامل البردى فى الإجازة لدفع مصروفات الكتب
عندما تتجول فى شوارعها وحاراتها تطالعك أعواد البردى التى تتمايل فى الحقول الخضراء، لتحمل لك عبق الحضارة المصرية العظيمة، حيث ترك لنا الفراعنة، بالإضافة إلى الآثار والأهرامات والنقوش، أهم ما تميزوا وبرعوا فى صناعته، وهو ورق البردى الذى دونوا عليه قصص حياتهم. هنا قرية قرماوص، التابعة لمركز أبو كبير بالشرقية، والتى يعمل جميع سكانها، وهم نحو 18 ألف نسمة، فى زراعة نبات البردى على مساحة 500 فدان، وبعد جمع المحصول يتم تحويله إلى ورق بردى وبيعه إلى السياح الذين يقبلون على اقتنائه. تنفرد "قرماوص" بأنها الأولى والوحيدة فى العالم التى تخصص أراضيها كاملة لزراعة نبات البردي.. النبات الذى استخدمه المصريون القدماء فى تدوين تاريخهم. "اليوم السابع" كان هناك.. وتجول داخل القرية المنسية والمجهولة للكثيرين، للتعرف على مراحل تصنيع البردى. سامح الدويق، حاصل على مؤهل عال وصاحب معمل لصناعة ورق البردى بالقرية، يقول إن صناعة ورق البردى تعد مصدر الرزق الوحيد لجميع أبناء القرية، ورغم أن العديد من أبناء القرية حصلوا على مؤهلات عليا لكنهم فضلوا العمل بورق البردى لارتباطهم به منذ طفولتهم. وعن كيفية دخول ورق البردى للقرية، قال "الدويق" إن زراعة البردى منتشرة بالقرية منذ أكثر من 30 سنة، وأول من أدخل هذه الزراعة شخص بالقرية يدعى الحاج أنس، جلب إحدى الشتلات معه من على ضفاف النيل، ثم زرعها بالقرية، ثم أنشأ معملا صغيرا لتصنيعه واستعان بالعديد من أبناء القرية، ومن وقتها عشق أهالى القرية زراعة ورق البردى وانغمس الجميع فى زراعته. وعن مراحل تصنيع ورق البردي، يقول إن البردى ليس له ميعاد محدد لزراعته، بل يزرع طوال العام على هيئة شتلات، ويروى كل أسبوع، ثم ينمو ويصل طوله إلى مترين ومن ثم يبدأ حصاده من الحقل، وبعدها يتم تقسيم العود لعدة قياسات طبقا لطلب المعامل، من 30 : 40 سم، ثم يتم تقشيره بنزع القشرة الخضراء منه تمهيدا لبدء مرحلة التصنيع. يوضع البردى بعد ذلك فى غلايات لمدة تتراوح من 5-6 ساعات، ثم يطرق ويدق عليه لفرده جيدا، وبعدها يقسم لشرائح رقيقة ثم يسكب عليه ماء "بطاس وكلور" ويوضع بعدها فى ماء نظيف ليدخل مرحلة الترتيب، وبعدها يضع على ورق كرتون على نفس حجم شرائح البردى ويترك فترة فى الظل كى يجف، ثم يعصر الورق جيدًا، وهى المرحلة الأخيرة والأهم، حيث يتم وضع الكرتون والقماش فى مكبس والضغط عليه لإزالة بقايا المياه الموجودة به، وتكرر هذه العملية عدة مرات ليخرج ورق البردي، ثم تبدأ مرحلة تسويقه، حيث تباع الورقة ب7 قروش لسمسارة تمهيدا لبيعه لأصحاب البازارات والسياح بشرم الشيخ. ويقول شقيقه "محمد"، طالب بالفرقة الثانية بكلية التجارة جامعة الزقازيق، إن محافظة الشرقية أهملت هذه الزراعة بعدم توفير سوق مشترك لترويجها بالخارج، وخاصة أن جميع أبناء القرية يعملون بها، ويوفرون على الدولة فرص عمل لهم، مضيفا أن صناعة البردى بالقرية تأثرت مؤخرا بسبب تدهور وضع السياحة فى مصر بعد ثورة 25 يناير، وقلت الطلبيات عليه، لكن أهالى القرية لا يستطيعون العيش بدون زراعة ورق البردى فهو مصدر دخلهم الوحيد. وعمل 7 فتيات، جميعهن طالبات بالمرحلتين الإعدادية والثانوية العامة، بالمعمل فى فترة الإجازة لتوفير مصروفات الكتب وشراء متطلبات العام الدراسى الجديد، مقابل 300 جنيه شهريا، بما يعادل 10 جنيهات يوميا، كما أن النساء بالقرية والأرامل يعملن بصناعة ورق البردى حيث لا يوجد عاطل بالقرية. وقال أحد أصحاب المعامل إن المخرج الراحل يوسف شاهين زار القرية فى آخر أيام حياته لدراسة المكان من أجل عمل فيلم عن زراعة البردى بالقرية ولكن وافته المنية. وطالب الأهالى المحافظة بالاهتمام بالزراعة والحفاظ عليها وتدعيمهم بإنشاء سوق مشترك، وخاصة أن السياح كانوا يتوافدون على القرية لمشاهدة طرق تصنيع البردى ولا يرجعون لبلادهم دون شراء الأوراق المزينة بنقوش ورسوم تماما كتلك التى كان يستخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين.