وسط سيناء يرفع درجة الاستعداد مع بدء العام الدراسي الجديد    جامعة المنصورة الأهلية تناقش استعدادات العام الدراسي الجديد    محافظ أسوان يعلن ربط وتسليم خط المياه الناقل من جبل شيشة لأبو الريش    أسعار السكر بالسوق المحلي اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء استعدادات المحافظات لاستقبال العام الدراسي 2024-2025    حزب الاتحاد: "بداية" تتكامل مع المبادرات الرئاسية للارتقاء بمعيشة المواطن    فيديو.. فيضانات وانهيارات طينية تضرب شمال وسط اليابان    إطلاق 90 صاروخا من جنوب لبنان تجاه شمال إسرائيل    الدوري الإنجليزي، ليفربول يتقدم على بورنموث بثلاثية في الشوط الأول (صور)    ماذا يحدث في أسوان؟ (القصة الكاملة)    حصيلة 24 ساعة.. ضبط 12248 قضية سرقة تيار كهربائى    مدير مهرجان المسرح العربي في دورته الخامسة يشارك في بطولة «فيلا رشدي بيه»    الثنائي المرعب.. هاني فرحات وأنغام كامل العدد في البحرين    رئيس الوزراء: نستهدف زيادة صادرات قطاع الأدوية إلى 3 مليارات دولار    سان جيرمان يفتقد حكيمي ودوناروما وأسينسيو في مواجهة ريمس بالدوري الفرنسي    رئيس الوزراء يتفقد مجمع مصانع شركة إيفا فارما للصناعات الدوائية    محافظ المنيا: ندعم أي مصنع يقدم منتجا تصديريا عالي الجودة يحمل اسم مصر    حلة محشي السبب.. خروج مصابي حالة التسمم بعد استقرار حالتهم الصحية بالفيوم    منتدى شباب العالم.. نموذج لتمكين الشباب المصري    رابط الحصول على نتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية 2024 بالدرجات فور إعلانها عبر الموقع الرسمي    قصور الثقافة تختتم أسبوع «أهل مصر» لأطفال المحافظات الحدودية في مطروح    مبادرات منتدى شباب العالم.. دعم شامل لتمكين الشباب وريادة الأعمال    محافظ المنوفية يتابع الموقف النهائي لملف تقنين أراضي أملاك الدولة    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج فلكية تدعو للهدوء والسعادة منها الميزان والسرطان    اليوم ...المركز القومي للسينما يقيم نادي سينما مكتبة مصر العامة بالغردقة    بعد إعلان مشاركته في "الجونة السينمائي".. فيلم "رفعت عيني للسما" ينافس بمهرجان شيكاغو    «جنايات الإسكندرية» تقضي بالسجن 5 سنوات لقاتل جاره بسبب «ركنة سيارة»    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 475 من كبار السن وذوي الهمم بمنازلهم في الشرقية    حزب الله يعلن استهداف القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا    في اليوم العالمي للسلام.. جوتيريش: مسلسل البؤس الإنساني يجب أن يتوقف    مباشر مباراة ليفربول وبورنموث (0-0) في الدوري الإنجليزي لحظة بلحظة    وزير الصحة يؤكد حرص مصر على التعاون مع الهند في مجال تقنيات إنتاج اللقاحات والأمصال والأدوية والأجهزة الطبية    بعد 182 مليار جنيه في 2023.. برلماني: فرص استثمارية بالبحر الأحمر ونمو بالقطاع السياحي    مبادرة بداية جديدة.. مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق "اتعلم اتنور" لمحو الأمية    إخلاء سبيل المفصول من الطريقة التيجانية المتهم بالتحرش بسيدة بكفالة مالية    استشهاد 5 عاملين بوزارة الصحة الفلسطينية وإصابة آخرين في قطاع غزة    موعد مباراة ريال مدريد وريال سوسيداد والقنوات الناقلة في الدوري الإسباني    اسكواش - نهائي مصري خالص في منافسات السيدات والرجال ببطولة فرنسا المفتوحة    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    يوفنتوس يجهز عرضًا لحسم صفقة هجومية قوية في يناير    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    تحرير 458 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وسحب 1421 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    شيخ الأزهر يعزي اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في وفاة والدته    باندا ونينجا وبالونات.. توزيع حلوى وهدايا على التلاميذ بكفر الشيخ- صور    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    18 عالما بجامعة قناة السويس في قائمة «ستانفورد» لأفضل 2% من علماء العالم (أسماء)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    «اعرف واجبك من أول يوم».. الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل رابعة ابتدائي 2024 (تفاصيل)    وزير خارجية لبنان: لا يمكن السماح لإسرائيل الاستمرار في الإفلات من العقاب    مدحت العدل يوجه رسالة لجماهير الزمالك.. ماذا قال؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإمام يقدم لنا الحلول لأهم 10 مشكلات دينية ودنيوية فى عصرنا
نشر في اليوم السابع يوم 23 - 07 - 2009

ناقش الإمام محمد عبده جميع المسائل والقضايا والمشكلات التى تبدو فى زمننا مشكلات عويصة وقضايا شائكة ووضع لها الحلول المباشرة الواضحة منذ مائة عام أو أكثر، لكن المشكلات والقضايا الشائكة مازالت قائمة وتثير الخلافات والجدل بين الناس، كما لو كانت ألغازا لم يتصَّد أحدٌ لحلها.
الحلول التى قدمها الإمام لقضايا ديننا ودنيانا يتجلى فيها منهجه الوسطى المعتدل الحريص على صالح الإنسان، والمهموم بصالح المجتمع ككل، وفى السطور التالية 10 قضايا تثير الغبار والجدل منذ مائة عام، وحلولها التى لو تم العمل بها لانصلح حال الفرد والمجتمع..
1 تعدد الزوجات
لم يستغرق الإمام جهده ووقته فى اللف والدوران حول إنكار واستهجان عادة تعدد الزوجات، بل دخل مباشرة فى صلب مواجهتها، باعتبارها مجرد عادة يمكن السيطرة عليها، بل إنه وضع الرجل فى تحد أخلاقى وحضارى، عندما توجه إليه بالسؤال عما إذا كان يقبل أن يشاركه فى زوجته رجل آخر مثلما يبيح لنفسه التعدد لتشترك فيه العديد من الزوجات، يقول:
تعدد الزوجات هو من العوائد القديمة التى كانت مألوفة عند ظهور الإسلام ومنتشرة فى جميع الأنحاء يوم كانت المرأة نوعاً خاصاً معتبرة فى مرتبة بين الإنسان والحيوان، وهو من ضمن العوائد التى دل الاختبار التاريخى على أنها تتبع المرأة فى الهيئة الاجتماعية، فتكون غالبة فى الأمة عندما تكون حالة المرأة فيها منحطة، وتقل أو تزول بالمرة عندما تكون حالها مرتقية، اللهم إذا كان التعدد لأسباب خاصة. وبديهى أن فى تعدد الزوجات احتقارا شديدا للمرأة، لأنك لا تجد امرأة ترضى أن تشاركها فى زوجها امرأة أخرى، كما أنك لا تجد رجلا يقبل أن يشاركه غيره فى محبة امرأته، وهذا النوع من حب الاختصاص طبيعى للمرأة كما أنه طبيعى للرجل.
2 أرباح صناديق التوفير والبنوك
مثلما يحدث الآن كل يوم سأل أحد الناس الإمام محمد عبده منذ مائة عام تقريبا: هل فوائد دفاتر توفير البريد حلال؟ وكانت آنذاك وسيلة جديدة للادخار والاستثمار، فأجاب الإمام:
جمع أمير البلاد لجنة من علماء الأزهر لأجل تطبيق إيداع النقود فى صندوق التوفير على قواعد الفقه المعروفة، وكتبوا فى ذلك ما ظهر لهم، وتم عرضه على المفتى وبعد تصديقه عليه تم العمل به، ونحن لا نرى بأسا من العمل به، على أساس أنه تعاقد فى عمل يفيد الآخذ والمعطى وأضاف فضيلة الإمام، إن سبب نزول الآية من قوله تعالى «يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة آل عمران 30»، أنه كان فى المدينة وغيرها من اليهود والمشركين، من يقرض المحتاج بالربا الفاحش، وفى ذلك من خراب البيوت ما فيه، فالحكمة فى تحريم الربا إزالة هذا الظلم والمحافظة على فضيلة التراحم والتعاون، أو فقل «ألا يستغل الغنى حاجة الفقير، وهذا هو المراد بقولة تعالى فى سورة البقرة آية 279» فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون«، فالمعاملة التى يقصد بها البيع والاتجار لا القرض للحاجة هى من قسم البيع لا من قسم استغلال حاجة المحتاج، ولا يخفى أن إدارة التوفير والبنوك هى مصلحة من مصالح الحكومة تستغل المال الذى يودع فى صناديقها، فينتفع به المودع والعمال المستخدمون فى المصلحة والحكومة، فلا يظلم أحدهم الآخر.
ورغم إجابة الإمام الواضحة الشارحة منذ مائة عام أو يزيد، مازال الناس يسألون السؤال نفسه لكل شيخ يصادفونه، فى مشيخة الأزهر أو على التليفزيون أو فى الإذاعة، وفى الفضائيات، وإذا لم يعجبهم رد شيخ كفروه وانتقلوا لشيخ آخر من شيوخ الفضائيات ممن يبدو متعصبا متجهما ميالا إلى جلد الناس وإرهابهم بجهنم وسقر، ساعتها يطأطئ الناس رءوسهم وهم مقتنعون بتحريم ما هو حلال، وذلك لأن الناس أصبح عندهم رغبة فى معاقبة أنفسهم دون سبب، وميل إلى التشدد دون داع، ربما لأن ما يعانونه من فساد واستبداد قد كرههم فى الحياة نفسها.
3 التأمين على الحياة
من الأمور التى تثير جدلا وبلبلة بين الناس مسألة التأمين على الحياة، إذ يعتبرها البعض تدخلا وتحايلا على قضاء الله وقدره، ويرفضها البعض الآخر على اعتبار أنها نوع من الربا، فيما يتجه البعض لرفضها كنوع من التشدد المجانى متصنعا الورع فيما لا يفيد، وبالمناسبة فإن للإمام محمد عبده فتوى منذ مائة عام حول هذا الموضوع، إذ سأله أحد الناس: إذا أعطيت جماعة من الناس مبلغا من المال فى صورة أقساط لمدة عشرين سنة على أن يردوه إلى أسرتى كاملا إذا توفيت قبل انتهاء الأقساط أو يردوه لى مع أرباحه إذا انتهت مدة التأمين هل يعتبر ذلك حراماً؟ فأجابه الإمام: إذا كان التأمين على الحياة على صورة أن يدفع الرجل من ماله الخاص أقساطا معينة لتعمل به شركات التأمين بالتجارة، كان ذلك جائزا شرعا، ويجوز لذلك الرجل، بعد انتهاء الأقساط وحصول الربح أن يأخذ، لو كان حيا، ما يكون له من المال، مع ما خصه من الأرباح، وكذلك يجوز بعد موته من ورثته، أو من له ولاية التصرف فى ماله، أن يأخذ ما يكون له من المال مع ما أنتجه من الربح.
4 النقاب
من المعارك التى خاضها الإمام محمد عبده، معركة النقاب، وله فيها رأى متقدم جداً، فقد بحث الإمام خلف أصل النقاب ومنشئه فوجد أنه يخص شعوب الشرق، لا يمت للشعوب العربية بصلة، كما وجد أنه لا أصل له فى الدين ولم ينزل به أمر إلهى فى القرآن الكريم، أى أن الإمام محمد عبده لو كان بيننا الآن لهاله ما يراه من انشغال بالنقاب عن القضايا الهامة التى تخص حياتنا ومجتمعنا، يقول: لو أن فى الشريعة الإسلامية نصوصا تقضى بالحجاب على ما هو معروف الآن عند بعض المسلمين لوجب على اجتناب البحث فيه، لكننا لا نجد نصا فى الشريعة يوجب الحجاب على هذه الطريقة المعهودة، وإنما هى عادة عرضت عليهم من مخالطة بعض الأمم فاستحسنوها وأخذوا بها وبالغوا فيها وألبسوها لباس الدين كسائر العادات الضارة التى تمكنت من الناس باسم الدين، والدين منها براء، ولذلك نرى من الواجب أن نلم بها ونبين حكم الشريعة فى شأنها وحاجة الناس إلى تغييرها.
جاء فى الكتاب العزيز: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن - النور 30-31».
أباحت الشريعة فى هذه الآية للمرأة أن تظهر بعض أعضاء من جسمها أمام الأجنبى عنها، غير أنها لم تسم تلك المواضع، وقال العلماء إنها وكلت فهمها وتعيينها إلى ما كان معروفا فى العادة وقت الخطاب، واتفق الأئمة على أن الوجه والكفين مما شمله الاستثناء فى الآية، ووقع الخلاف بين العلماء فى أعضاء أخرى كالذراعين والقدمين.
ومما يروى عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت إن أسماء بنت أبى بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فقال لها يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه». هذا حكم الشريعة الإسلامية كله يسر لا عسر فيه لا على النساء ولا على الرجال ولا يضرب بين الفريقين بحجاب لا يخفى ما فيه من الحرج عليهما فى المعاملات والمشقة فى أداء كل منهما ما كلف به من الأعمال سواء كان تكليفاً شرعياً أو تكليفاً قضت به ضرورة المعاش.
أما دعوى أن ذلك من آداب المرأة فلا أخالها صحيحة لأنه لا أصل يمكن أن ترجح إليه هذه الدعوى، وأى علاقة بين الأدب وبين كشف الوجه وستره؟ وعلى أى قاعدة بنى الفرق بين الرجل والمرأة؟ أليس الأدب فى الحقيقة واحدا بالنسبة للرجال والنساء؟ وموضوعه الأعمال والمقاصد لا الأشكال والملابس؟
والحق أن الانتقاب والتبرقع ليسا من المشروعات الإسلامية لا للتعبد ولا للأدب بل هما من العادات القديمة السابقة على الإسلام والباقية بعده، ويدلنا على ذلك أن هذه العادة ليست معروفة فى كثير من البلاد الإسلامية وأنها لم تزل معروفة عند أغلب الأمم الشرقية التى لم تتدين بدين الإسلام.
5 أكل طعام غير المسلمين
بصراحة وبدون مواربة إذا عزمك زميلك المسيحى على الغداء هل تقبل عزومته؟ وإذا كنت فى بيته وقدم لك مشروبا أو نوعا من الحلوى هل تمد يدك بتلقائية وتأكل كأنك فى بيتك أم تتردد لأنه مسيحى؟ الكثيرون يرفضون تناول الطعام فى بيوت زملائهم المسيحيين دون سبب مقنع مع أن المسيحيين مثل المسلمين يشترون من نفس البقال والسوق، الإمام محمد عبده التفت إلى تلك المشكلة التى قد تضع حواجز بين المواطنين وطرح فيها رأياً مهماً يقول فيه:
«أرى أن يأخذ المسلمون بنص كتاب الله «وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم» «المائدة 5» وأن يعولوا على ما قاله الإمام الجليل أبوبكر بن العربى من أن مايسوغ عند أهل الكتاب من طعام ويأكل منه قسيسيهم وعامتهم، ساغ للمسلم أن يأكل منه، لأنه يقال له طعام أهل الكتاب، ومجىء الآية الكريمة «اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم» بعد آية تحريم الميتة وما أهل لغير الله به، وأن ذلك بمنزلة دفع ما يتوهم من تحريم طعام أهل الكتاب.
6 التبنى
الدين يسر وليس عسرا، وليس هناك شروط أو ضوابط دينية يمكن أن تكون عقبة أمام سعادة الإنسان أو سببا فى شقائه وتعاسته، هذه الحقيقة يؤكد عليها الإمام محمد عبده، فهو صاحب العبارة الشهيرة التى يقول فيها إذا تناقض العقل مع ظاهر الشرع فالتزم بالعقل، الأمر الذى يبدو واضحا فى رأيه حول قضية التبنى التى قد يدخل بسببها السجن بعض الأبرياء فى عصرنا الراهن، يقول: إذا كان التبنى ليس مرتبطا بمسألة حضانة الطفل وحدها، ويتعداها إلى المحافظة على حياته لانعدام وسائل الإنفاق عليه، يتم النظر فى حال الأم فإذا كانت قادرة على حضانة الطفل والإنفاق عليه والأب عاجز عن ذلك، وجب على الأم أن تحضن طفلها ولا يجوز تسليمه لغيرها، وإن كانت الأم عاجزة عن التفرغ للحضانة والإنفاق تم إلزام الأب بأن ينفق على الطفل وأن يسلم حضانته إلى من يلى الأم فى استحقاق الحضانة إن رفضت الأم أن تحضن طفلها، وإن كان الأب عاجزاً عن الإنفاق وإعطاء أجر الحضانة، ولا فائدة من إجباره على ذلك ووجد من يكفل تربية الطفل وكان أبواه راضيين، جاز ذلك حفظا لحياته.
7 الفقر والفقراء
إن أرضنا خصبة طيبة التربة ينبت فيها غالب النباتات التى تزرع على وجه الأرض وهواؤها ونباتها فى غاية الجودة، وبنوها أصحاب كد وتعب وذوو صبر على العمل، وهى بذلك لا تفنى كنوزها ولا تفرغ خزائنها لأن سلطتها وخيرها يذهبان لغيرها، لماذا؟ الثروة الطبيعية ليست كافية للغنى والثروة وإن كانت من أسبابها الأساسية، أما السبب الرئيسى لمواجهة الفقر وتحقيق السعادة للفقراء بالغنى والثروة، فى نظر الإمام محمد عبده، فيأتى حسب تعبيره من «حسن استعمال الثروات الطبيعية ورشاد الرأى فى استعمالها ليوضع كل شىء فى موضعه وأن تستعمل كل وسيلة لما يناسبها».
نسأل يامولانا عن معنى وجود 40 % من المصريين تحت خط الفقر بحسب الإحصاءات الدولية المعتمدة، وعن السبب فى سقوط الطبقة المتوسطة المستورة مثل قطعة الثلج فى محيط الفقر والفقراء، وعن أسباب ضياع فلوس البنوك فى القروض المنهوبة بالأمر المباشر، وعن أسباب خراب القطاع العام وبيعه بالمزاد العلنى بتراب الفلوس فى أكبر محاولة للتخلص من أصول الدولة.
هل معنى منح ملايين الأمتار والفدادين بالملاليم للمحاسيب والرعايا ليحولوها إلى مدن ومنتجعات ومحميات تباع بالمليارات بينما تعانى الأغلبية الساحقة من المواطنين من ضيق المسكن والزحام والاختناق والشعور بالرغبة فى الهروب من النفس والمكان والأهل والبلد، هل يعنى ذلك غياب العقول الرشيدة؟ هل انتهاء مقولة «محدش بيبات من غير عشا»، وظهور من ينام ليالى عديدة جائعاً ومن يأكل من القمامة ومن يقتل من أجل جنيهين ألا يعنى غياب العقول أصلاً؟
يجيب الإمام محمد عبده: «إذا ضلت الآراء وساء الاستعمال فهذا هو الفقر المدقع الذى يصعب علاجه، وما فقر البلاد إلا قلة العقلاء الراشدين فيها».
8 تكفير الآخرين
يرى محمد عبده أنه إذا صدر قول من قائل يحتمل الكفر من مائة وجه ويحتمل الإيمان من وجه واحد تم حمله على الإيمان، ولا يجوز حمله على الكفر. ثم يجيب عن السؤال الذى يخص وقتنا الراهن: متى بدأ يظهر مرض التكفير بين المسلمين؟
بدأ المرض يظهر عندما بدأ الضعف فى الدين يظهر فى المجتمع، وأخذ المسلمون يظنون أن البدع فى الدين من المستحسن إحداثها، ونسوا ماضى الدين ومقالات سلفهم فيه، واكتفوا برأى من يرونه من الغلاة المتصدرين فتولى شئونهم جهالهم، وفى تلك الأثناء حدث الغلو فى الدين واستعرت نيران العداوة بين المتكلمين فيه، وسهل على كل منهم لجهله بدينه أن يرمى الآخر بالمروق منه لأدنى سبب، وكلما ازدادوا جهلا ازدادوا غلوا فيه بالباطل ودخل العلم والفكر فى جملة ما كرهوه وانقلب عندهم ما كان واجبا من الدين محظوراً فيه. نحتاج الآن أكثر من أى وقت مضى أن يكف الناس عن تكفير بعضهم بعضا فالتكفير هو نوع من الاغتيال المعنوى يمكن أن يتحول إلى القتل الفعلى إذا مددنا خيط الأزمات الاقتصادية والاجتماعية إلى آخره.
9 الزواج بين المسلمين والمسيحيين
أباح الإسلام الزواج من المسيحية واليهودية وجعل من حقوق الزوجة الكتابية على زوجها المسلم أن تتمتع بالبقاء على عقيدتها والقيام بفروض عبادتها، ولم يفرق الدين فى حقوق الزوجية بين الزوجة المسلمة والزوجة الكتابية، ولم تخرج الزوجة الكتابية باختلافها فى العقيدة مع زوجها من حكم قوله تعالى «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون» «الروم 21»، فلها حظها من المودة ونصيبها من الرحمة وهى كما هى، وهو يسكن إليها كما تسكن إليه، وبذلك تتحقق صلة المصاهرة التى تحدث بين أقارب الزوج وأقارب الزوجة وتتحقق الألفة بين المسلم وغير المسلم، مما يعود القلوب على أن الدين معاملة بين العبد وربه والعقيدة طور من أطوار القلوب يجب أن يكون أمرها بيد علام الغيوب، فهو الذى يحاسب عليها، وأما المخلوق فلا تطول يده إليها، وغاية ما يكون من العارف بالحق أن ينبه الغافل ويعلم الجاهل، وينصح الضال.
10 الفتنة الطائفية
يرى الإمام محمد عبده أنه لا مجال للفتنة الطائفية ولا للخلاف والصراع بين الأديان خصوصا الأديان السماوية الثلاثة لأنها جاءت تكمل بعضها بعضا، وليس هناك تضارب ولا اختلاف فى غايتها الأساسية، يقول: «جاء الإسلام والناس شيع فى الدين كل فرقة فى جانب تزعم أنها متمسكة بصحيح الدين، أنكر الإسلام كل ذلك وصرح تصريحا لا يحتمل الشك بأن دين الله فى جميع الأزمان وعلى ألسن جميع الأنبياء واحد.
ويرى الإمام محمد عبده أن القرآن الكريم قد نص على أن دين الله فى جميع الأزمان هو إفراده بالربوبية والتسليم بألوهيته وطاعته فيما أمر به لمصلحة البشر ولسعادتهم فى الدنيا والآخرة، ولا اختلاف لدين عن آخر فى هذه الغاية.
ماذا لو فهم المسلمون أن المسيحيين يعبدون الله مثلما يعبدونه هم، وماذا لو اعتقد المسيحيون أن المسلمين يعبدون الله الذى يعبدونه أيضاً، وماذا لو صدق كلا الفريقين أن صور العبادات لا تعنى التنافر بين الأديان بل تعنى رحمة من الله للإنسان وطريقة فى مخاطبته تناسب زمانه ومكانه وعقله، أظن أن الجميع سيستريح وسيتعامل مع المختلف عنه بصورة بعيدة عن الاحتقان والكراهية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.