إقبال الطلاب على ورش مراكز الموهوبين والتعلم الذكي بإدارة شرق الإسكندرية    تراجع أسعار الذهب في ختام تعاملات الأربعاء 26 يونيو    تقرير عبري: إسرائيل مستعدة لمحاولة إضافية من أجل التوصل إلى تسوية في الجبهة الشمالية    انسحاب المرشح قاضي زاده هاشمي من الانتخابات الإيرانية    جورجيا تضرب البرتغال بالهدف الثاني في يورو 2024    بالأسماء.. مصرع وإصابة 9 أشخاص إثر اصطدام سيارتين بالطريق الزراعى بالبحيرة    السيطرة على حريق في محول كهرباء بقنا    كريم عبد العزيز يعلق على ظهوره برفقة الملاكمين جوشوا ودوبوا: الخناقة هنا بمستقبل    مسئول أمريكى يؤكد بأن الجميع لا يريد حربا بين إسرائيل وحزب الله    5 صور ترصد زحام طلاب الثانوية العامة داخل قاعات مكتبة الإسكندرية    جولر يقود تشكيل تركيا ضد التشيك فى يورو 2024    التعليم تعلن نتيجة امتحانات الدور الأول للطلاب المصريين بالخارج    قرار جديد من الداخلية بشأن التسجيل بدفعة معاوني الأمن الجديدة للذكور    تفاصيل عرض برشلونة لخطف جوهرة الدوري الإسباني    على أنغام أغنية "ستو أنا".. أحمد سعد يحتفل مع نيكول سابا بعيد ميلادها رفقة زوجها    "يا دمعي"، أغنية جديدة ل رامي جمال بتصميم كليب مختلف (فيديو)    هل يجوز الاستدانة من أجل الترف؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    سماجة وثقل دم.. خالد الجندي يعلق على برامج المقالب - فيديو    بالفيديو.. أمين الفتوى: العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة عليها أجر وثواب    في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات- هل الأدوية النفسية تسبب الإدمان؟    القوات المسلحة تنظم مؤتمراً طبياً بعنوان "اليوم العلمى للجينوم "    صندوق النقد الدولي يقر بتمويل 12.8 مليون دولار للرأس الأخضر    «قطاع الآثار»: فيديو قصر البارون عار تمامًا من الصحة    أزمة جديدة تواجه شيرين عبد الوهاب بعد تسريب 'كل الحاجات'    لماذا يقلق الغرب من شراكة روسيا مع كوريا الشمالية؟ أستاذ أمن قومي يوضح    الرئيس السيسي يوقع قوانين بربط الحساب الختامي لموازنة عدد من الهيئات والصناديق    وزير الرى يدشن فى جنوب السودان مشروع أعمال التطهيرات بمجرى بحر الغزال    "شباب النواب" توصى بصيانة ملاعب النجيل الصناعي في مختلف محافظات الجمهورية    بشرى لطلاب الثانوية العامة.. مكتبة مصر العامة ببنها تفتح أبوابها خلال انقطاع الكهرباء (تفاصيل)    مساعد وزير البيئة: حجم المخلفات المنزلية يبلغ نحو 25 مليون طن سنويا    كيف يؤثر ارتفاع درجات الحرارة على الرحلات الجوية؟.. عطَّل آلاف الطائرات    بتكلفة 250 مليون جنيه.. رئيس جامعة القاهرة يفتتح تطوير مستشفي أبو الريش المنيرة ضمن مشروع تطوير قصر العيني    مهرجان فرق الأقاليم المسرحية.. عرض «أحداث لا تمت للواقع بصلة» و«الحضيض» الليلة    منتخب اليد يتوجه إلى كرواتيا 4 يوليو استعدادا لأولمبياد باريس    خبير شئون دولية: فرنسا الابن البكر للكنيسة الكاثوليكية    «مياه كفر الشيخ» تعلن فتح باب التدريب الصيفي لطلاب الجامعات والمعاهد    كيف يؤدي المريض الصلاة؟    بيراميدز يترقب مصير أحمد حجازي مع اتحاد جدة    المشدد 15 سنة لصاحب مستودع لاتهامه بقتل شخص بسبب مشادة كلامية فى سوهاج    اخوات للأبد.. المصري والإسماعيلي يرفعان شعار الروح الرياضية قبل ديربي القناة    «التمريض»: «محمود» تترأس اجتماع لجنة التدريب بالبورد العربي (تفاصيل)    الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي: صرف معاشات شهر يوليو اعتبارا من الخميس المقبل    نجم ميلان الإيطالي يرفض عرض الهلال السعودي ويتمسك بالبقاء في أوروبا    وزيرة البيئة تتابع حادث شحوط مركب سفاري بمرسى علم    الصحة: استجابة 700 مدمن للعلاج باستخدام برنامج العلاج ببدائل الأفيونات    الإعدام لثلاثة متهمين بقتل شخص لسرقته بالإكراه في سوهاج    شديد الحرارة رطب نهارًا.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس غدا الخميس    لجنة القيد بالبورصة توافق على الشطب الإجبارى لشركة جينيال تورز    ختام دورة "فلتتأصل فينا" للآباء الكهنة بمعهد الرعاية    تعيين 4 أعضاء جدد في غرفة السلع والعاديات السياحية    المنظمات الأهلية الفلسطينية: الاحتلال يمارس جرائم حرب ضد الإنسانية في قطاع غزة    فحص 764 مواطنا فى قافلة طبية مجانية بقرى بنجر السكر غرب الإسكندرية    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    الأكاديمية الطبية تفتح باب التسجيل في برامج الماجستير والدكتوراة بالمعاهد العسكرية    أحمد فتحي: انسحاب الزمالك أمام الأهلي لا يحقق العدالة لبيراميدز    «حلو بس فيه تريكات».. ردود فعل طلاب الثانوية الأزهرية بقنا عقب امتحان النحو    الجريدة الكويتية: هجمات من شتى الاتجاهات على إسرائيل إذا شنت حربا شاملة على حزب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا.. تاريخ طويل من الإرهاب والجرائم ضد الشعوب.. قادت 25 صراعًا لاحتواء ثورات التحرر وتثبيت الطغاة.. وارتكبت جرائم حرب فى العراق وأفغانستان والصومال.. وأوباما يتحدث عن عدم إقصاء الإخوان
نشر في اليوم السابع يوم 16 - 08 - 2013

◄تدخلت عسكريا فى بنما ودعمت قصف "يلتسين" للبرلمان الروسى بالدبابات
◄أيدت ديكتاتوريين مثل الشاه و"بينوشيه". .وأطاحت بمصدق فى إيران و"الليندى" فى "تشيلى"
" الشيطان يعظ ". . هذا هو الوصف الذى يمكن إطلاقه على المسئولين الأمريكيين وعلى رأسهم باراك اوباما الذى خرج أمس الأول الخميس ليدعو السلطات المصرية لاحترام حقوق الإنسان، ويلغى مناورات النجم الساطع، بين الجيشين الأمريكى والمصرى، ردا على قيام الأجهزة الأمنية بفض أعتصامى رابعة العدوية ونهضة مصر حلفاء واشنطن من الإخوان المسلمين، وعلى الرغم من مطالبة الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، باحترام حقوق الانسان، فإن الرجل، الذى صدرت عنه هذه المطالبات، تناسى إرتكاب دولته العديد من جرائم حقوق الإنسان، يأتى على رأسها جرائم الحرب فى العراق، وما تبعها من أحداث سجن أبو غريب، وكذلك جرائم سجن جوانتانامو.
وفى كتابه " 500 عام من السجون فى أمريكا " يكشف الكاتب سكوت كريستياتسون أن أمريكا هى الدولة الثانية فى العالم، بعد روسيا، التى تضع أكبر عدد من مواطنيها وراء القضبان الحديدية.
وحسب الكاتب، فإن حقوق الانسان فى أمريكا تعنى دعم الأنظمة الدولية الحليفة لها حتى وأن كانت ديكتاتورية، طالما أنها لا تمس مصالحها. . كما أنها تعنى فتح معتقل جونتانامو لتعذيب المعتقلين باشد انواع وأساليب التعذيب، فضلا عن أحتلال العراق وأفغانستان لاسباب واهية وليست واقعية، كما أنها تعنى أيضا فرض قيود على تحركات ودخول المسلمين للاراضى الامريكية.
وتعد لغة الأرقام هى الفيصل للتدليل على السياسة الخارجى السوادء، التى تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية، فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وحتى اليوم قادت واشنطن 75حرباً وتدخلاً عسكرياً ودعماً لانقلاب عسكرى نفذتها الولايات المتحدة فى مناطق شتى من العالم، وكلها لا علاقة لها بالدفاع عن حقوق الإنسان، ومن يقرأ القليل من تاريخ الإدارات الأمريكية المتعاقبة يدرك بكل وضوح زيف الشعارات التى بشرت بها العالم عقب الحرب العالمية الثانية، ففى عام 1944 قامت ثورة فى جواتيمالا الواقعة فى أمريكا الوسطى، والتى تحدها من الشمال والغرب دولة المكسيك، وأسست حكومة ديمقراطية وبدت بشائر التنمية الاقتصادية المستقلة، فأثار ذلك زوبعة هستيرية فى واشنطن، ووصف الموقف فى (جواتيمالا) عام 1952 بأنه معاد للمصالح الأمريكية، مما استدعى انقلاباً عسكرياً دعمته إدارة كارتر، فسفكت الدماء، وسار الفساد فى جواتيمالا لا لشيء إلا لأن المصلحة الأمريكية تقتضى ذلك.
وبالتزامن مع ذلك وفى الخمسينيات، قادت الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع بريطانيا، إنقلابا عسكريا شهيرا، أطاح برئيس الوزراء الإيرانى، محمد مصدق، الذى كان يقاتل لاسترداد حقوق شعبه، فى البترول والنفط بعدما أمم حق استخراجه وبيعه، إلا أن عملاء جهاز الاستخبارات الأمريكية ازاحته فى إنقلاب تآمرى عام 1953، للحفاظ على مصالحها ودعم تحالفاتها السوداء، مع الخونة والعملاء داخل وخارج إيران.
وكانت أمريكا اللاتينية، أو ما تسميه واشنطن بفنائها الخلفى، هى المسرح الرئيسى لحروب أمريكا الديمقراطية، فبعد 12 عاما من الانقلاب الدموى فى جواتيمالا، هيأت إدارة كنيدى فى عام 1964 لانقلاب عسكرى فى البرازيل، أدى لوأد التجربة الديمقراطية البرازيلية، وكان السبب فى التدخل الامريكى هى الشركات الأمريكية العملاقة المسيطرة على البرازيل.
وفى أواخر السبعينيات من هذا القرن سعت الولايات المتحدة الأمريكية جاهدة للإبقاء "اناستاسيو سوموزا" حاكم نيكاراجوا، لأن فى إبقائه ضرورة تقتضيها المصلحة الأمريكية، رغم الاتهامات التى كانت توجه اليه بانتهاكات متعددة لحقوق الانسان، وفى مارس 1980 قامت الحكومة الأمريكية بدعم الحكومة العسكرية فى السلفادور ضد الشعب فى سبيل تثبيت دعائم تلك الحكومة الديكتاتورية التى مارست أبشع أنواع القتل والتعذيب ضد شعبها تحت سمع وبصر الولايات المتحدة لأنها تؤدى دورها بكفاءة فى خدمة المصالح الأمريكية فى المنطقة.
وفى ديسمبر من عام 1969 غزا الأمريكيون بنما، وقتلوا الآلاف فى سبيل إعادة السلطة إلى السفاح مانويل نوريجا، والذى يعد احد كبار بارونات تجارة المخدرات فى أمريكا اللاتينية، وذلك بزعم أنه الممثل الشرعى الوحيد للمصلحة الأمريكية فى بنما، وعندما خرج نوريجا العميل المطيع للمخابرات الأمريكية عن الخط المرسوم له، عادت واشنطن لاستخدام قبضتها الحديدية، وقامت باختطافه بزعم تورطه فى تهريب المخدرات إلى داخل أمريكا، ودون أى اعتبار للحصانة التى يمنحها القانون الدولى لرؤساء الدول.
وفى عام 1992 عندما أرادت الولايات المتحدة أن تؤمن لنفسها موطئ قدم فى القرن الإفريقى البالغ الأهمية استراتيجياً لها ولإسرائيل، تعللت بالفوضى التى حلت فى الصومال برحيل سياد برى، وحشدت قوات التدخل السريع التى مارست القتل على الطريقة الأمريكية، فقتلت من الصوماليين باسم تهدئة الأوضاع وإطعام الجوعى فى عملية (إعادة الأمل) ما لا يقل عن ألف صومالى، وهو ثمن لا بد من دفعه وأكثر منه لأن الأمر يتعلق بالمصلحة الإستراتيجية الأمريكية الصهيونية.
وعلى الصعيد الداخلى تعتبر الولايات المتحدة من أكثر دول العالم انتهاكا لحقوق الإنسان حيث يعيش المجتمع الأمريكى بعنصرية فجة وفقر مدقع فى مناطق السود والملونين، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الجريمة والانحلال الخلقى بين جنبات المجتمع الأمريكى.
وللولايات المتحدة الأمريكية تاريخ طويل مع "التمييز العنصري" وقد كان هذا النوع من التعامل حياة يومية يعيشها المواطن الأمريكى فى مختلف قطاعات الحياة الإنتاجية، الاقتصادية والسياسية حتى أصبح السمة الرئيسة التى يتميز بها الشارع الأمريكى، وحتى منتصف القرن الماضى، كان الكثير من المؤسسات والنوادى والمقاهى تضع يافطات كُتِبَ عليها بالخط العريض "يمنع دخول الزنوج والكلاب"، وكان على الأمريكي"الملون" الوقوف من مقعده فى الحافلة إذا لم يكن هناك مقعد فارغ ليفسح المجال أمام جلوس نظيره "الأمريكى الأبيض". وكثير من مؤسسات الخدمات العامة فى المقاطعات الجنوبية فى الولايات المتحدة ومنها المطاعم كانت لا تقدّم الوجبات إلى الزنوج إلا وهم واقفون، وجرت أول عملية جلوس قسرى فى عام 1960، وكانت حصيلة ذلك الجلوس القسرى إلقاء القبض على 53 زنجياً والحكم عليهم بالسجن مدة أربعة أشهر فى ولاية "نورث كارولينا".
مع ذلك، لا يشهد وضع التمييز العنصرى المنتشر والقائم منذ زمن طويل فى الولايات المتحدة أى تحسن، فخلال الانتخابات الرئاسية الاخيرة فى نوفمبر 2012، تمت عرقلة بعض الأمريكيين الآسيويين فى مراكز الاقتراع وعوملوا بتمييز، كما أشار عدد شهرى يناير وفبراير 2013 من صحيفة «بوسطن ريفيو» أنه بحلول عام 2010 حرم أكثر من 5,85 مليون مواطن أمريكى من حق الاقتراع بسبب إدانات جنائية، كما تم تجريد أكثر من مليونين من الأمريكيين الأفارقة من حق التصويت حتى الآن. ويعترف النائب العام الأمريكى، فى ظل تقييد حقوق التصويت لبعض الأمريكيين من الأقليات العرقية من قبل القانون الذى يتطلب إثبات الهوية، يعترف أن بعض الأشخاص جردوا بالفعل من تلك الحقوق.وفقاً لصحيفة «ذا جارديان» فى 30 مايو 2012.
وينتشر التمييز العنصرى فى مجال تنفيذ القانون وتحقيق العدالة. وأفاد موقع رويترز يوم 3 يوليو 2012 بأن الشرطة تميل إلى المعاملة بأسلوب أكثر رفقاً مع البيض. ومن بين أكثر من 685 ألف حادث توقيف من قبل الشرطة فى مدينة نيويورك فى عام 2011 كان أكثر من 85 بالمائة من الموقوفين من السود وذوى الأصول اللاتينية. تسيء سلطات تنفيذ القانون غالباً إلى الأمريكيين من القوميات. وقد تم تفتيش شاب أسود بالغ من العمر 21 عاماً فى ولاية أركنساس ووضع فى سيارة الشرطة، وفيما بعد تم العثور عليه مصاباً بطلق نارى فى رأسه وهو مكبل اليدين. من موقع صحيفة تليجراف فى 8 أغسطس 2012. وقد أثار حادث العثور على محمد باه، وهو شاب أسود بالغ من العمر 28 عاماً، مقتولاً بطلق نارى من قبل شرطة نيويورك، غضب المواطنين السود.
وفى الوقت الذى كانت الأمم المتحدة تصدر مواثيق حقوق الإنسان مركزة على مفاهيم أكثر رقيا للحرية الفردية من مجرد حق العمل والمساواة والمعتقد، كان أصحاب البشرة السمراء فى الولايات المتحدة حتى عام 1955 لا يستطيعون الجلوس فى الاتوبيسات العامة، وكانت القوانين تقضى بعدم جلوس الزنوج فى الباصات التى تقّل البيض. وكانت قائمة المطالب التى رفعها السود فى عام 1955 فى مدينة مونتغمرى الجنوبية مجرد السماح لهم بالجلوس فى الباصات العامة ولو بالجلوس فى المؤخرة، وان يعاملوا بتهذيب ولياقة كمعاملة البيض، واضطر السود إلى طلب مساعدات إنسانية من اليابان لشراء ناصات خاصة بعد مقاطعتهم للأخرى المملوكة للدولة.
كما يواجه الإسلام والأقليات الإسلامية فى الغرب عموماً وفى أمريكا خاصة انتهاكات متصاعدة لحقوق الإنسان فى هذه الدول إلا أن هذا الانتهاك لم يكن بالشكل الدموى والعنصرى ولم يكشف النقاب عنه إلا بعد هجمات سبتمبر2001، ولا يعنى هذا أن هجمات 11 سبتمبر هى التى أوجدت تلك الانتهاكات، بل أقتصر دورها على توفير منطلقات مسبقة لتكون بمثابة الذريعة للتحرك وفق صيغة قائمة للدول الإسلامية المستهدفة كانت معداً من قبل.
وكان العنف الذى استهدف العرب والمسلمين فى أعقاب الحادى عشر من سبتمبر لم يكن غير مسبوق، فعلى امتداد السنوات العشرين الأخيرة أصبحت جرائم الكراهية الناجمة عن ردود الأفعال العكسية ضد العرب والمسلمين المهاجرين إلى الولايات المتحدة أمرا يمكن التنبؤ به، لكن نوعية الجرائم التى أعقبت هجمات سبتمبر كانت متفردة فى شدتها ومداها. وتفيد أرقام الجاليات العربية والمسلمة بوقوع أكثر من 2000 حادث مرتبط برد فعل ما حدث، ويفيد مكتب التحقيقات الفيدرالى أن الجرائم الموجهة ضد المسلمين تضاعفت 17 مرة على مستوى الولايات المتحدة فى عام 2001 قياسا بالعام الذى سبقه.
وبعد هجمات 11 سبتمبر أطلقت لادارة الأمريكية موجة من أعنف حروبها تحت مسمى"الحرب على الارهاب" والتى بدأت باحتلال أفغانستان فى نوفمبر 2001 ثم احتلال العراق فى ابريل 2003. ومنذ الاحتلال الأمريكى لأفغانستان، ما يزال 600 أسير دون اتهام أو محاكمة فى قاعدة غوانتانمو البحرية الكوبية وترفض واشنطن أن تعترف لهم بوضعية سجناء الحرب عملا بمعاهدات جنيف أو أن تقر لهم بحقوق أخرى تنص عليها المعايير الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. وفى الولايات المتحدة نفسها هناك حوالى 1200 أجنبى غالبيتهم من أصول عربية أو آسيوية جنوبية أوقفوا فى سياق التحقيقات المفتوحة حول هجمات الحادى عشر من سبتمبر.
وأحصت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان 10292 قتيلاً على الأقل من المدنيين من عام 2007 إلى يوليو 2011. وسجل «مشروع إحصاء أعداد الجثث فى العراق» نحو 115 ألف قتيل من المدنيين فى تبادل إطلاق النار من عام 2003 إلى أغسطس 2011.
من جهة أخرى، استخدمت أمريكا كافة أنواع الأسلحة المحرمة دوليا، والممنوعة وفق مواثيق دولية فى اعتداءاتها على الشعوب، والمثال الأكثر صرامة هو استخدامها القنابل الذرية ضد اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية، كما استخدمت السلاح الكيميائى فى فيتنام بعد اليابان، رغم منع استخدام الأسلحة الكيميائية بموجب اتفاقية هيئة الأمم المتحدة، فقد استخدمت فى الأراضى الفيتنامية التى احتلتها قنابل النبالم والفسفور وغيرها من الأسلحة الكيميائية، وأوقعت أضراراً فى الغطاء النباتى للبلد إضافة إلى حرقها وهدمها القرى وتشويهها البشر نتيجة استخدام الغاز السام.
وشهدت حرب فيتنام تطبيقا منهجيا لممارسات التعذيب الوحشى المنافى للإنسانية، وفضلا عن تعرض الآلاف من الفيتناميات لعمليات اغتصاب متكررة وجماعية على يد الجنود الأمريكيين، فقد نفذت أساليب التعذيب مخيفة، مثل إدخال قطع قصب البامبو التى تشبه الأشواك تحت الأظافر وفى أمكنة عديدة من الجسم، ووضع الرؤوس فى الماء لفترة طويلة، وربط الأيدى وحلمات الأثداء والخصيتين بأشرطة الهواتف، وتعليق الأسير خلف عربة وجره فى حقول الأرز حتى يموت، والرمى من المروحيات أثناء تحليقها، والسحق تحت جنازير المصفحات، وقطع الرؤوس، وقطع الذراعين وترك الشخص يموت نازفاً دمه وغير ذلك الكثير من الأساليب المتوحشة، اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية راعية " السلام وحقوق الإنسان".
وقبل سقوط الاتحاد السوفييتى بسنوات تزعم الرئيس الأمريكى الأسبق رونالد ريجان حملة شرسة ضد الاتحاد السوفييتى بحجة قيادته للإرهاب العالمي, وبعد سقوط الاتحاد المذكور فى العام 1990 لم تعد واشنطن تتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان فى روسيا الاتحادية ولاعن الانتهاكات المتواصلة للأجهزة الروسية ضد أعضاء المعارضة والتيارات السياسية والدينية الأخرى, بل راحت تساند الرئيس يلتسين فى قمعه للمعارضة بحجة حماية الديمقراطية والتى بلغت ذورتها بقصف البرلمان الروسى بالدبابات عام 1993.
على صعيد آخر، شكل افتتاح الولايات المتحدة الأميركية معتقلا فى جوانتانامو عقب غزوها أفغانستان، وحملة الاعتقالات العشوائية التى نفذتها فى ذلك البلد المبتلى بالمصائب والكوارث، تحديا قانونيا للعالم بأجمعه، ذلك أن الولايات المتحدة أعلنت أن معتقلاتها فى قواعدها العسكرية فى أفغانستان وجوانتانامو أمكنة لا تطبق فيها القوانين الدولية ولا الوطنية.
وقالت منظمة العفو الدولية فى تقرير سابق لها إن فشل حكومة الولايات المتحدة فى إغلاق مركز الاعتقال فى خليج جوانتنامو يخلِّف إرثاً مسموماً فى مجال حقوق الإنسان.
وفى تقرير نُشر بعنوان:"جوانتنامو: عقد من انتهاك حقوق الإنسان"، سلطت منظمة العفو الدولية الضوء على المعاملة غير القانونية التى تعرَّض لها المعتقلون، وتبيِّن لماذا ظل هذا المعتقل يمثل اعتدءاً على حقوق الإنسان. وقال روب فرير، الباحث فى فرع منظمة العفو الدولية فى الولايات المتحدة: "لقد أصبح معتقل جوانتنامو رمزاً لعشر سنوات من فشل الولايات المتحدة المنهجى فى احترام حقوق الإنسان فى ردها على هجمات 11 سبتمبر. وتجاهلت حكومة الولايات المتحدة حقوق الإنسان منذ اليوم الأول لعمليات الاعتقال فى جوانتنامو".
وعلى الرغم من الوعد الذى قطعه الرئيس أوباما على نفسه بإغلاق معتقل جوانتنامو قبل 22 يناير 2010، فقد ظل 171 رجلاً محتجزين فيه بحلول أواسط ديسمبر 2011. ولا يزال 12 شخصاً على الأقل ممن نُقلوا إلى جوانتنامو فى 11 يناير 2002، محتجزين هناك. ويقضى أحدهم حكماً بالسجن المؤبد بعد إدانته من قبل لجنة عسكرية فى عام 2008. ولم توجَّه تهم إلى أى من الأشخاص الأحد عشر الآخرين.
لقد أصبح معتقل جوانتنامو، الذى يقع فى القاعدة البحرية الأمريكية فى كوبا، رمزاً للتعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة عقب افتتاحه بعد مرور أربعة أشهر على هجمات 11 سبتمبر.
ومن بين المعتقلين الذين مازالوا يقبعون فيه حتى اليوم أشخاص تعرضوا للتعذيب والاختفاء القسرى على أيدى السلطات الأمريكية قبل نقلهم إلى غوانتنامو. ولم تكن هناك مساءلة تُذكر عن الجرائم التى تشكل انتهاكاً للقانون الدولى، والتى اقترُفت فى سياق برنامج الاعتقال السرى الذى جرى العمل به بموجب السلطة الرئاسية. وقد منعت الحكومة الأمريكية، بصورة منهجية، المحاولات التى قام بها معتقلون سابقون للمطالبة بإنصافهم على مثل تلك الانتهاكات. وعلى مدى السنوات العشر، لم يُنقل إلى الولايات المتحدة لمحاكمته أمام محكمة اتحادية عادية سوى معتقل واحد من بين المعتقلين الذين بلغ عددهم 779 شخصاً. وواجه آخرون محاكمات جائرة أمام اللجان العسكرية. وتعتزم الإدارة الأمريكية حالياً طلب توقيع عقوبة الإعدام بحق ستة من المعتقلين فى سياق مثل هذه المحاكمات.
و ألقت أوباما باللائمة عن فشلها فى إغلاق معتقل غوانتنامو على الكونغرس، الذى فشل فعلاً فى ضمان التزام الولايات المتحدة بالمبادىء الدولية لحقوق الإنسان فى هذا السياق.
ومضى روب فرير يقول: "بموجب القانون الدولى، لا يجوز استخدام القانون الوطنى والسياسة المحلية لتبرير عدم التقيد بالتزامات المعاهدات. إن وضع أحد فروع الحكومة اللوم على الفروع الأخرى عن فشل الدولة فى مجال حقوق الإنسان لا يعتبر مبرراً كافياً. إذ أن القانون الدولى يقضى بضرورة إيجاد حلول، ولا مكان للأعذار".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.