"ميخفشى على المال إلا أصحابه" قالها عم جمال وجدى "الصورماتى"، الذى يصر على تعليم أبنائه الثلاثة وهم فى سن صغيرة المهنة التى ورثها عن والده وجده. يجلس على كرسى لا يعلوا عن الأرض إلا بمقدار عشرين سنتيمتر ممسكا بأحد "القوالب" أو "الإسطمبات" يقوم بشد الجلد عليها ويثبته بمسامير، ومن حوله توجد العديد من الأحذية والشنط الجلدية المصنوعة من جلد الجمال. "كماشة وشاكوش ومسمار ومخراز وخيط وإبر" هى الأدوات البسيطة التى يستخدمها عم جمال ذو الخمسين عاما والذى دخل إلى هذا الكار وهو فى العاشرة من عمره فهو كما يقول "أنا شارب المهنة أبا عن جد من وأنا عندى 10 سنين، كنت بروح المدرسة الصبح وأرجع أكمل شغل مع أبويا". المحل الذى يقع بمنطقة الخيامية والذى توارثه عم جمال عن والد وجده لأكثر من 100 عام، يريد هو الآخر أن يورثه لأبنائه من بعده ليحافظ على المهنة، خاصة وأنها قد تعرضت للانقراض بعد الهجوم الشرس للأحذية الجاهزة، إلا أن عم كمال له رأى آخر فيقول "الزبون بيحب الشغل اللى بيتعمل قدام عينه، وبينبهر لما بيشوفنى وأنا بعمل حتة الجلد جزمة كاملة، ومفيش حد عدى عليا من غير ما يشترى منى، وناس كتيرة سياح بتجيلى مخصوص علشان تاخد من الشغل بتاعى"، فأحذية عم جمال لها شكل مختلف عن الأحذية المعتادة لا تلبس أن تتعجب من شكلها الرائع وبساطة صنعها فى نفس الوقت. ويصف عم جمال ل"اليوم السابع" سر المهنة والخطوات والمراحل التى تتم لكى تنتج فى النهاية هذا الحذاء الجذاب فيقول عم كمال "هذه الأحذية مصنوعة من جلد جمل نأتى به من المدابغ ثم يتم تثبيته على أحد القوالب، التى توجد منها مقاسات مختلفة، ويتم تثبيتها بالمسامير حتى تأخذ شكل القالب ثم يأتى بعد ذلك دور السروجى فى خياطة الحذاء وتركيب نعمل وعمل رسومات بسيطة من خلال "الخيط" الذى يستخدمه لصنع الحذاء ليظهر فى النهاية منتج مصرى تراثى. وتتراوح أسعار هذه الأحذية من 60 إلى 100 جنيه، إلا أن عم جمال لا يستخدم فى هذه الصناعة إلا سبعة ألوان فقط هى الأسود والبيج والبنى والأحمر والأخضر والكحلى والهفان أو الجملى. إلا أن عم جمال يعانى مثله مثل تجار المنطقة من الكساد وقلة الطلب وخاصة بعد الأحداث الراهنة فيقول "الشغل زمان كان أحسن وكأن فى رجل على المكان، ومكناش بنلاحق على الشغل، لكن دلوقتى مفيش سياح وغالبية اللى بيشتروا الشغل منى مصريين ودول طبعا قليلين".