توفى أمس الاثنين وزير الدفاع الأمريكى الأسبق روبرت ماكنمارا، عن عمر يناهز 93 عاما. وكان أحد المدافعين الشرسين عن حرب فيتنام، قبل أن يعود ويعرب لاحقا عن أسفه حيالها. وقال الموقع الخاص بالبنتاجون إن ماكنمارا توفى فى منزله بواشنطن فى وقت مبكر من صباح الاثنين بعد صراع مع المرض. وماكنمارا، الذى يعد ثامن وزير دفاع أمريكى، كان من الصقور فى إدارتى الرئيسين جون كينيدى وليندون جونسون، ومن أنصار اللجوء إلى القوة خلال حرب فيتنام قبل أن يعرب لاحقا عن الأسف حيالها. ولم يتردد ماكنمارا الذى كان على رأس وزارة الدفاع بين 1961 1968، فى المطالبة بأن تطلق على حرب فيتنام اسم "حرب ماكنمارا". وكتب عام 1964 "أعتقد أن هذه الحرب فى غاية الأهمية، ويسرنى أن أكون مشاركا بها وبأن أبذل كل ما فى استطاعتى للفوز فيها". ولد ماكنمارا فى التاسع من يونيو 1916 فى اوكلاند بكاليفورنيا (غرب) ولمع فى مجال الصناعة قبل أن يدعوه الرئيس كينيدى للعمل فى ظل إدارته. وماكنمارا الحاصل على دبلوم فى الاقتصاد والرياضيات والفلسفة من جامعة بيركلى كان قد عين قبل أقل من شهر رئيسا لمجموعة "فورد" الشهيرة للسيارات، المنصب الذى لم يشغله أحد من خارج عائلة فورد قبل ذلك. وفى نوفمبر 1960 اقترح عليه جون كينيدى المنتخب حديثا وزارة الخزانة التى رفضها، ثم الدفاع التى قبلها فى خضم الحرب الباردة. واعتبر ماكنمارا، النشيط والذكى إلى حد العجرفة والذى يقول عنه أصدقاؤه بأن "دماغه جهاز كمبيوتر"، أحد الأعضاء البارزين فى إدارة الرئيس كينيدى. اضطلع ماكنمارا بدور كبير فى أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 حتى أنه نصح الرئيس كينيدى فى البدء بغزو جزيرة كوبا خلال 36 ساعة، لكنه حذر من مخاطر التصعيد النووى. وتعزز الوجود العسكرى الأمريكى فى فيتنام فى ظل توليه وزارة الدفاع. وعند تركه للوزارة (البنتاجون) كان نحو 16 ألف جندى أمريكى قد قتلوا فى جبهات القتال. ولكن فى نهاية الحرب بعد سبع سنوات من ذلك التاريخ وصل عدد القتلى من الجانب الأمريكى إلى ما يقارب 58 ألفا ومن الجانب الفيتنامى ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص. وقال تيد سورنسن (81 عاما) الذى عمل مستشار للرئيس كينيدى "أعتقد أن بوب ماكنمارا كان واحدا من أذكى المسئولين الذين عرفتهم وأكثرهم وطنية، لكننى لم أتفق معه على حرب فيتنام". وبعد إحالة ماكنمارا على التقاعد أعرب عن أسفه، وكتب فى مذكراته التى نشرت عام 1995 تحت عنوان "مأساة ودروس فيتنام" يقول "لقد أخطأنا، لقد أخطأنا بشكل رهيب". وبالنسبة إلى ايرول موريس، السينمائى ومخرج الفيلم الوثائقى "ضباب الحرب" الذى أنتج عام 2004 عن حياة ماكنمارا، فإن شخصيته "تاريخية بسبب قدرته على إعادة قراءة الماضى". ومنذ 1967، بدأ ماكنمارا يشك فى إمكانية تحقيق انتصار فى حرب فيتنام ودعا الرئيس ليندون جونسون إلى التفاوض من أجل إحلال السلام بدلا من حصول تصعيد لا تحمد عقباه فى حرب فقدت الدعم الشعبى. أبعده الرئيس بعد ذلك عن البنتاجون وعينه على رأس البنك الدولى الذى ترأسه لمدة 13 عاما حتى 1981 بنى خلالها سمعته كمدافع عن الدول النامية. وأثناء ولايته ازدادت ميزانية البنك الدولى فى القروض من مليار دولار إلى 12 مليار دولار كما تضاعف عدد العاملين فى المؤسسات المالية. حتى أن الرئيس الحالى للبنك الدولى روبرت زوليك الذى أعرب عن حزنه لوفاة ماكنمارا وصفه فى بيان بأنه "شخصية طبعت التاريخ". تزوج ماكنامارا عام 1948 من مارجريت كريج التى توفيت إثر إصابتها بالسرطان عام 1981. ولهما ابنتان وولد. وفى عام 2004 وعندما كان يبلغ من العمر 88 عاما تزوج ماكنامارا مجددا من أرملة من أصول إيطالية تدعى ديانا ماسييرى بيفيلد. ولماكنامارا نحو عشرة كتب حول الدفاع والتنمية.