كشف التقرير الذى أعدته مؤسسة عالم واحد تحت عنوان "الإعلام الحر" أن موقع الفيس بوك الاجتماعى الشهير الذى صممه طالب هارفارد "مارك زوكربيرج" عام 2004 يعد أحد أهم المواقع على شبكة الإنترنت وأكثرها تصفحا. رصد التقرير عدد مستخدمى الفيس بوك حول العالم، حيث تخطى ال200 مليون مستخدم يقضون 4 مليارات دقيقة يوميا فى تصفحه، ويقوم 30 مليون منهم بتحديث "وصف الحالة" الخاص بهم يومياً، ويُرفع عليه شهريا 850 مليون صورة و10 ملايين فيديو على مستوى العالم، كما أنه يحتوى على 30 مليون "مجموعة مستخدمين - جروب" حول العالم لمناقشة كافة القضايا التى تخص أو تهم كل مجموعة من المستخدمين على اختلافها. إلا أنه يمثل فى مصر ما هو أكثر من ذلك، حيث أنه كما وصفته وول ستريت جورنال فى مايو 2008 أحد أدوات المعارضة المصرية. ليست المعارضة فحسب، ولكنه أيضا وسيلة لا يمكن تجاهلها بالنسبة لكافة النشطاء المدنيين والحقوقيين، ويتضاعف عدد مستخدمى الفيس بوك فى مصر من حوالى 450 ألف مستخدم حينها (أبريل 2008) إلى حوالى 1.5 مليون مستخدم الآن (يونيو 2009) يمثل الشباب (من سن 14 – 34) حوالى 90% من هؤلاء المستخدمين. ويمثل مستخدمى الفيس بوك بالنسبة للعدد الكلى لمستخدمى الإنترنت فى مصر حوالى 14%, كما يمثلون 1.8% من مجمل السكان وحوالى 4.7% من عدد الشباب المصرى من سن 18 إلى 34. ولكن كما سبق وأشرنا فإن أهمية موقع الفيس بوك فى مصر تتعدى ما يمكن أن تقوله المؤشرات الكمية على كل حال. وكانت مؤسسة عالم واحد للتنمية قد أصدرت تقريرها الأول تحت عنوان "الإعلام الحر" فى إشارة إلى الوسائل التى ابتكرها المبدعون والمثقفون والناشطون وحتى المواطنون العاديون، لاستخدامها لخلق هامش من الحرية يستطيعون التنفس والتعبير من خلاله. ويهتم هذا التقرير برصد واقع "الإعلام الحر" من خلال إلقاء الضوء على الأدوات الجديدة التى شكلت ما سمى بظاهرة "الإعلام الحر" أو الإعلام الموازى لما هو رسمى، والذى يتميز بخاصية التكيف مع مختلف التطورات التى تعرفها وسائل الاتصال, أيضاً تقنيات الرقابة والضغوطات الاجتماعية والسياسية، إضافة إلى قدرته على التشكّل، إذ يظهر فى أشكال مختلفة حسب المرحلة التاريخية التى يمر بها المجتمع ونوعية مستخدمى هذه الشكل الإعلامى، ومن أبرز وسائل التعبير، والتى يركز عليها هذا التقرير بشىء من التفصيل الموقع الإلكترونى الأشهر بين الشباب "الفيس بوك"، السينما المستقلة، مسرح الشارع وإذاعات الإنترنت. وبشكل عام حددت دراسة عن الإعلام البديل أو الموازى الفئات التى عادة ما تلجأ إلى هذه الوسيلة للتعبير، فى فئتين، هما النخبة التى تمتلك زاد معرفى وتعليمى، والنخبة الشبابية المهمشة وتحديداً خريجو الجامعات والمعاهد العليا. أشار التقرير إلى "السينما المستقلة"، باعتبارها إحدى الوسائل التى لجأ إليها المبدعون للتعبير عن آرائهم بعيداً عن سلطة الرقابة ومشاكل الإنتاج، وتناول موضوعات تختلف عن التى يتناولها إعلام الدولة من قضايا حقوق إنسان وحريات، وتعاون أصحابها مع منظمات ومؤسسات حقوقية لتقديم أفكار تخدم حقوق الإنسان مثل مهرجان أفلام حقوق الإنسان "كرامة الإنسان" والذى دعت إليه منظمة المؤتمر الإسلامى الأمريكى من خلال مكتبها فى القاهرة. بالإضافة إلى تناول التقرير "مسرح الشارع" وهو أى مكان خارج الأربعة جدران، ويتجمع الجمهور حول العرض، ومسرح الشارع هو ظاهرة غير منفصلة عن الواقع السياسى والاجتماعى، وتم اللجوء إليه بسبب عدم توافر أو صعوبة الحصول على أماكن للعرض يمكنها أن تستضيف مساحات أرحب من الحرية وعرض موضوعات حول قضايا شائكة، وتعددت الفرق المسرحية التى قدمت مسرح شارع مثل فرقة حالة وفرقة السويس التجريبية وفرقة الخيال الشعبى ورؤى مغايرة، وتبنت جهات عدة الإشراف على واستضافة عروض مسرح الشارع مثل جمعية النهضة الثقافية والعلمية "الجزويت"، ومهرجان شبرا للفرق الحرة السنوى، وتتمثل المشكلة الأبرز لفرق مسرح الشارع فى الحصول على التصاريح الأمنية للعرض فى الشارع. و"إذاعات الإنترنت" والتى انتشرت بسبب الانتشار الواسع بين الشباب لاستخدام الإنترنت، والتى لجأ إليها الكثيرون نتيجة لصعوبة الحصول على التراخيص والموافقات للإنشاء إذاعة خاصة على موجات ال FM والاعتراضات إما على الجهة التى تتقدم بالطلب، خاصة إذا كانت معارضة، أو رفضاً لفكرة أو مضمون والمحتوى المادة التى تقدم، فلجأوا إلى إذاعات الإنترنت التى تحقق مساحة أكبر من الحرية والتعبير، بالإضافة إلى أن معظم هذه الإذاعات تكون موجهة بالأساس للشباب، والذى يستخدم الإنترنت بكثافة مما يسهل الوصول إليه ويسهل أيضاً التفاعل والتواصل مع الإذاعة، ويوجد فى مصر عدد ليس بالقليل من الإذاعات على شبكة الإنترنت، وتهتم موضوعات مختلفة منها السياسى والحقوقى والترفيهى والدينى، ومن أبرز هذه الإذاعات إذاعة "بنات وبس" وهو إذاعة موجهة إلى الفتيات ويقوم على العمل عليها أيضاً فتيات، وتهتم الإذاعة بمناقشة القضايا التى تهم المرأة والمشكلات التى تواجهها، كما أن هناك إذاعة "حريتنا" وهى إذاعة شبابية تهدف لنشر ثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية ونشر روح التسامح، بالإضافة إلى الإذاعات المتخصصة والتى منها الترفيهية مثل "راديو محطة مصر"، والسياسية مثل إذاعة الحزب الوطنى الديمقراطى "وإذاعة حزب الغد".