سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الضوء على الفرصة التى سنحت أمام الجماعات الليبرالية والعلمانية بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسى، وقالت الصحيفة إن تلك الجماعات التى طالما غرقت فى صراعات داخلية وسوء تنظيم، رأت فى عزل مرسى فرصة جديدة لها لكى تتوحد. وتشير الصحيفة إلى أنه للمرة الثانية خلال عامين ونصف يستطيع النشطاء الشباب الليبراليون أن ينظموا حركة احتجاج تستدعى تدخل الجيش، ونجحوا فى خلع رئيس واحتفلوا فى ميدان التحرير بالألعاب النارية والأناشيد الوطنية، ووعد بغد أفضل. لكن من غير واضح ما إذا كانت القوى المعارضة للإسلاميين قد طورت استراتيجية تمتد خارج خارطة الطريق الغامضة التى أعلن عنها الفريق أول عبد الفتاح السيسى الأربعاء الماضى. وبالنسبة للنشطاء والسياسيين الليبراليين الذين يقولون إنهم يدافعون عن القيم الديمقراطية، فإن تأييدهم لتدخل الجيش للإطاحة بمرسى قد يمثل تحديات أخرى. لكن لو كان زوال الإخوان سريعا قد منح الليبراليين دفعة جديدة من الثقة، فإن حماسهم سببه قناعاتهم بأن العدو قد تمت هزيمته أكثر من وجود استراتيجية سياسية واضحة. ويقول المحللون السياسيون إن آخر فرصة حصل عليها الليبراليون فشلوا فيها. فتجزؤوا من قوة قوية وموحدة تقف فى وجه حسنى مبارك إلى عشرات من الجماعات والأحزاب السياسية. وتعثروا فى محاولات حشد الناخبين. وافتقروا إلى الرؤية والاستراتيجية الشعبية لمنافسة الإخوان الأفضل تنظيما، والتى تمتلك خبرة عقود فى معارضة مبارك، وأيضا لديها شبكة أعمال خيرية على مستوى البلاد كلها. لكن هذه المرة يقسم الليبراليون على أنها ستكون مختلفة. ونقلت الصحيفة عن عمرو موسى، رئيس حزب المؤتمر وعضو جبهة الإنقاذ الوطنى، قوله إن الدستور يجب أن ياتى أولا، ويجب أن يتوحد الليبراليون حول عدد أقل من القيادات والأحزاب. وأضاف موسى أن الأمر كان سلسا للغاية أمام الإخوان المسلمين فى الانتخابات الماضية، فكان الجميع فى شجار باستثنائهم. من جانبه، يقول أحمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار، إنه يعتقد أنه فى المرحلة القادمة فى المستقبل لن يحدث انقسام مجددا، فقد تعلمنا الدرس. من ناحية أخرى، قالت الصحيفة إنه بالنسبة لكثيرين ممن شاركوا فى الاحتجاجات للإطاحة بمرسى وحلفائه الإسلاميين من السلطة، فإن انهيار الإخوان يمثل موت الإسلام السياسى فى مصر. ويقول إسلام بدران، محام عمره 23 عاما صوت لمرسى لكنه انقلب عليه وشارك فى الاحتجاجات ضده، إن الشعب المصرى لن يصوت بدا لهم أبدا. أى شخص يخوض الانتخابات باسم حركة إسلامية لن يتم التصويت له. ويقول المحللون إن هناك عدة سيناريوهات محتملة.. فيقول شادى حميد، الخبير بمركز بروكنجز، إن هذه فرصة لهم لكى يبدأوا من الصفر ويتموا الانتقال بطريقتهم، فمع تهميش الإخوان يستطيع قادة المعارضة الليبرالية أن يمضوا قدما فى الدستور الذى يلائم مصالحهم، وسيكونون قادرين على خوض الانتخابات مجددا ضد تكتل ضعيف من الإسلاميين. لكنهم سيواجهون تنافسا هائلا من لاعبين آخرين على الساحة السياسية فى البلاد، منهم الجنرالات الأقوياء. ويقول حميد إن الليبراليين أيضا سيكون عليهم التفاوض على الحكم مع الرئيس المؤقت عدلى منصور وعدد من فلول مبارك الذين يجدون فرصا للعودة من جديد. ويقول عبد الله منصور، القيادى بحركة تمرد إن حركته واثقة من أنها كسبت حق التأثير على الحكومة الجديدة عندما جمعت 22 مليون توقيع لسحب الثقة من مرسى. ويعتقد حميد أنه لا يوجد ما يشير إلى ما أو من يمكن أن يقسم البلاد فى الفترة القادمة، لكنه يرى ضرورة عدم إغفال مدى ميوعة السياسة المصرية. ويقول إن الأشخاص الذين يكرهون بعضهم البعض قد يتحولون فى غضون عام.. ولا يعنى أن الإخوان فى طريقهم للخروج من الساحة أن الأمر سيكون كذلك فى خلال عام.