وزير التعليم أمام النواب للمرة الأولى.. 5 ملفات يستعرضها «عبد اللطيف»    كفر الشيخ .. افتتاح مسجد صلاح الفار بسيدي سالم في كفر الشيخ | صور    ضوابط استحقاق الحافز المنصوص عليه في قرار الترقية الوظيفية.. تفاصيل مهمة    شركات إدارة فنادق صينية كبرى تعتزم الترويج للمقصد السياحي المصري    الإسكان : إتاحة 426 قطعة أرض ب 20 مدينة جديدة لذوى الهمم    بعد يوم من مق.تل السنوار.. إسرائيل ترسل تعزيزات عسكرية إلى شمال غزة    الأممي للسكان: الأطفال النازحون في لبنان لا يعيشون في أماكن مؤهلة    نتيجة مباراة الأهلي والزمالك في كرة اليد.. الأحمر يتأهل لنهائي أفريقيا    بمشاركة خالد الدرندلي.. اجتماعات مكثفة للجنة التدقيق المالي في ال«كاف»    أمطار علي عدد من المحافظات .. الأرصاد تعلن توقيتها والمناطق المحتملة    بعد رفع سعر البنزين .. أرقام ساخنة لتلقي شكاوى مخالفة تعريفة الأجرة    وزير الثقافة: يجب تضافر الجهود العربية لضمان حماية الهوية في مواجهة تحديات المستقبل    الاحتلال يشن غارة جوية على منزل فى منطقة المواصى الساحلية برفح الفلسطينية    أوبريت راحت عليك لسيد درويش والحجار.. أبرز فعاليات الموسيقى العربية الأربعاء    الصحة: جراحة متطورة تعيد الشكل الطبيعي لجمجمة فتاة باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد    الأهلى يتقدم على الزمالك 15 - 13 بالشوط الأول فى نصف نهائى بطولة أفريقيا لليد    قرعة صعبة لفريق مسار في دوري أبطال أفريقيا للسيدات    عقوبة انتحال صفة ذوي الإعاقة للاستيلاء على امتيازاتهم    وزير الخارجية يؤكد لنظيره اللبناني ضرورة العمل لتخفيف حدة التوتر المتصاعد بالمنطقة    الصحة العالمية: ارتفاع عدد المصابين بفيروس ماربورج في رواندا إلى 62 حالة    ماذا نصنع إذا عميت أبصاركم؟.. خطيب الجامع الأزهر: تحريم الخمر ثابت في القرآن والسنة    "حماية المستهلك": أكثر من 16 ألف شكوى في النصف الأول من أكتوبر    4 مصابين في حادث تصادم في بني سويف    ليست التونسية فقط.. لطفي بوشناق يكشف جنسيته الأصلية    رئيس مجلس الأمن الروسي: نظام كييف يحاول صنع "قنبلة قذرة"    بحضور محافظ الإسماعيلية.. فرق قصور الثقافة تتألق في احتفالية العيد القومي    «بحبك يا زعيم وعملت اللي عليك».. إلهام شاهين توجه رسالة لعادل إمام    سوسن بدر توجه الشكر لكلية الإعلام جامعة القاهرة في إحتفالية نصر أكتوبر    افتتاح مسجد القواسمة بالشيخ زويد (تفاصيل)    عالم أزهري: الإسلام تصدى لظاهرة التنمر في الكتاب والسنة    سيدة وزوجها يقودان عصابة تزوير حكومية.. من شقة في بدر إلى النصب عبر مواقع التواصل"    «الأمومة والطفولة» تتدخل لإنقاذ طفلة في المرج (فيديو)    كيف يساعدك تناول البرتقال يوميًا على فقدان دهون البطن؟    أعمال الشاعر الراحل أحمد على موسى.. تملى معاك وغمضت عيني أبرزها    هاني زادة: خدمت الزمالك كثيرًا.. و"شيلت بلاوي سوداء وتقارير حكام" لمنع شطب أي مسؤول بالنادي    إزالة 23 حالة تعد على الأراضي الزراعية بالشرقية    دعاء الشهداء.. «اللهم ارحمهم وجميع المسلمين واجعل الجنة دارهم»    ضبط المتهمين بالتعدي على طالب والشروع فى قتله لسرقته بسوهاج    أسعار النفط تسجل 74.68 دولار ل"برنت".. و70.94 للخام الأمريكى    10 لاعبين يسجلون غيابا عن الزمالك في السوبر المصري.. هل تؤثر على النتائج وفرص الفوز بالكأس؟    وزير الصحة يعلن أهم جلسات النسخة الثانية للمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    الاحتلال الإسرائيلي يشدد من إجراءاته القمعية بالبلدة القديمة ومداخل الخليل بالضفة الغربية    غير صحيحة شرعًا.. الإفتاء تحذر من مقولة: "مال أبونا لا يذهب للغريب"    أطباء بلا حدود: من السابق لأوانه تحديد تأثير اغتيال يحيى السنوار على المساعدات بغزة    الأعلى للتعليم يوافق على إطلاق حملة توعية بحقوق الطلاب ذوي الإعاقة    تحديد مدة غياب بونو عن الهلال السعودي    تخريج 3 دورات تدريبية للكوادر الأمنية الإفريقية ودول الكومنولث بأكاديمية الشرطة.. صور    بث مباشر.. نقل شعائر صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين    وزيرة البيئة تبحث مع نظيرها الأوزباكستاني آليات تعزيز التعاون بين البلدين    تطورات الأوضاع في غزة ولبنان والسودان تتصدر نشاط الرئيس السيسي الأسبوعي    وكيل تموين الشرقية يترأس حملات على محطات الوقود    أسعار الحديد اليوم الجمعة 18-10-2024 في الأسواق    التموين: حملات رقابية لمتابعة التزام محطات الوقود بالأسعار الجديدة    مصلحة الضرائب: حد أقصى لغرامات التأخير لا يتجاوز 100% من أصل الضريبة    في أعقاب تهديدات حزب الله.. هل حيفا على وشك أن تواجه مصير كريات شمونة؟    وزير الصحة والسكان يؤكد أهمية تقييم التكنولوجيا الطبية في تعزيز الوضع الصحي    وزير الخارجية الإسرائيلي: جوتيريش شخصية غير مرغوب بها    ترتيب الدوري الألماني قبل مباريات اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بل هم المنتصفيون
نشر في اليوم السابع يوم 29 - 05 - 2013

كعادتى أقف كل فترة مع العبقرية الشعبية المصرية التى تلخص من خلال أمثالها وبكلمات قليلة العديد من المعانى العميقة التى قد تكل الأقلام والألسنة فى بيانها، من ذلك تشبيه المائعين المميعين ممن أدمنوا إمساك العصىِّ من المنتصف والتزلف لجميع الأطراف بالراقصين على السلالم فلا «اللى» فوق سمعوهم ولا «اللى» تحت شافوهم، والمثل رغم جرأته واستدعائه لتلك الفعلة الخليعة فإنه يلخص ببساطة حال كثير ممن نراهم اليوم فى مجتمعاتنا. فرغم فجاجة الفعلة فإنهم فى النهاية ولميوعة خيارهم لم يتمكنوا من لفت أنظار أى ممن حاولوا استرضاءهم بمنتصفيتهم اللزجة!
وهنا لن أستعمل اللفظ الذى يحرص عليه ذلك الصنف من مدمنى السلالم ليستروا به ميوعة قراراتهم الدائمة وضعف مواقفهم المستمر، ألا وهو لفظ الوسطية، والوسطية منهم بريئة، ذلك لأن ثمة فارقا بين المنتصفية وبين الوسطية ربما لا يلحظه كثير من أولئك المنتصفيون، هذا الفارق ليس لغويا بقدر كونه شرعيا، يتبينه من أمعن النظر فى الأدلة، وأدرك من خلال مجموعها أن الوسطية ليست دائما هى المعنى الظرفى المتبادر للأذهان، والذى هو المنتصف بين طرفين أو نقيضين، وإنما يأتى اللفظ فى القرآن كثيرا بمعنى الأعدل والأفضل والأكمل، من ذلك قوله تعالى فى شأن أصحاب الحديقة الذين منعوا حق الفقراء فيها: «قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون»، وأوسطهم هنا أى أعدلهم وأفضلهم، ومنه أيضا قول الله عن كفارة اليمين: «فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ»، أى من أعدل وأفضل وأمثل ما تطعمون أهليكم، وليس كما يتصور البعض من عادىّ طعامهم ومتواضعه. وعلى ذلك تدور أقوال ابن عباس وابن عمر وابن جبير وعطاء وابن سيرين والحسن وغيرهم. أيضا جاء ذكر الوسط فى قوله تعالى: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا» وتفسير الوسطية بالعدالة والخيرية هو المتسق مع كون هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس ولقد فسّر نبينا معنى «أمة وسطاً» بالعدل، كما فى الحديث الصحيح بالبخارى وغيره، ويقول ابن كثير فى تفسيرها: واخترناكم لنجعلكم خيار الأمم، وقال القرطبى: «وليس من الوسط الذى بين شيئين فى شىء». وفى مختار الصحاح: والوسط من كل شىء أعدله.
فالوسطية هى الخيرية والعدالة والإنصاف والقصد، وليس شرطا أن تكون المنتصف كما يظن البعض، فيختار بين كل خيارين خيارا مائعا غالبا ما يكون بلا لون ولا رائحة، لمجرد أن يقال إنه توسط. والمنتصف أو الحياد ليس ممدوحا ولا مذموما بإطلاق، ولا تلازم بينه وبين التوسط أو الوسطية، فقد يكون الحياد فى لحظة ما خيارا صائبا، على ألا يكون منهجا دائما، يجعل صاحبه شخصا مذبذبا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، فلا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، ولا ينصر حقا ولا يبطل باطلا. ولئن صح أن تكون الشجاعة وسطاً بين الجبن والتهور فكم من متناقضات لا يُتصور أن يتم التوسط بينها، بل الحق والصواب يكون بانحياز المرء قطعا لأحدها، فلا توسط مثلا بين العدل والظلم ولا بين الصدق والكذب أو الإيمان والكفر وكلما تطرف تجاه كمال الصدق والعدل والإيمان فإنه يزداد بذلك خيرا وشرفا، لكن حين تشوش الرؤية ولا يستطيع الإنسان أن يميز بوضوح بين الصواب والخطأ، أو يقصر به فهمه ومعطياته عن إدراك خير الخيرين وشر الشرَّين خصوصا فى أحوال مختلطة لم تعد الخيارات فيها بالبساطة السابقة، فإنه من حق الإنسان فى تلك اللحظة أن يرفض تلك الخيارات المتاحة التى لم يجد نفسه فى أى منها ولا ينحاز إلى أحدها لحين ظهور البديل الأقرب والأصوب فى نظره، أو ربما يقوم هو بنفسه بطرح ذلك البديل يوما ما. وليست كل النزاعات هى بين حق خالص وباطل مطلق، بل قد يكون الأمر اجتهاديا، وتقصر بالمرء أدوات الاجتهاد والترجيح بينهما، فيختار الحياد الجزئى أو الوقتى تماما كما يختار السائق فى خضم الضباب الكثيف أن يقف على جانب الطريق لحين انقشاع طبقاته وتمكنه من الرؤية والسير من جديد. فى هذه الحالة لا يوصف بالتذبذب أو الميوعة مثل هذا الحريص على خطواته الرافض للوقوع فى المحظور، أو صاحب الرأى المختلف الذى لم يجد نفسه فى أى من الموجود، لكن أن يكون هذا حال الإنسان دوما، متعللا بأن هذه هى الوسطية أو التوسط أو الاستقلال، فهذا على الرغم من أنه أكثر راحة فإنه استسهال لا يفرق كثيرا عن نقيضه الذى يزعم أنه يرفضه، وهو الإمعة المتطرف فى انحيازه واتباعه الأعمى وما أولئك بوسطيين بل هم المنتصفيون المتميعون. وللحديث بقية بإذن الله..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.