يرتبط سؤال هل من مزيد فى ذهن الجميع بتلك النار المستعرة التى لا تشبع من كثرة الملقى بها، وقد تجد علاقة وأوجه تشابه كبير بين تلك النار وبين ما يفعله البعض من اتباع سياسة (الأرض المحروقة) وإذا كان المصطلح يطلق معنوياً على الخصم الذى يكون شعاره (أنا ومن بعدى الطوفان) أو (ليذهب الجميع إلى الجحيم)، فإن البعض يريد أن يستخدمه بصورة حسية كما فعل نيرون فى حريق روما الشهير، الذى لم يكتف فيه بحرق المدينة وما فيها بل تعدى ذلك إلى تلفيق تهمة الحريق إلى الآخرين لينكل بهم، وكذلك يفعلون فبعد كل حريق يخرج من يقول نحمل الرئاسة مسئولية ما حدث ونطالب بانتخابات رئاسية مبكرة. وقد تكون سياسة الحرق هى آخر المطاف بعد استنفاذ كل السبل والطرق لتحقيق الهدف المنشود!! وقد تدرج الحرق بداية من حرق التراث العلمى والذى يترك أثراً بالغاً لدى المثقفين والمهتمين بالتاريخ وهو ما تم فى جريمة حرق المجمع العلمى، ثم حرق المتاجر والتى تؤثر مباشرة فى الاقتصاد وتؤدى إلى هروب المستثمرين ومثال ذلك حرق بعض أفرع لمتاجر شهيرة، وفى الأمس القريب حريق فرع شركة عالمية بمصر، مروراً بحرق المحاكم للتخلص من أدلة الإدانة ووصولاً للجريمة الكبرى وهى حرق قوت الشعب فى مزارعة، وما نسمعه عن حرق بعض مزارع القمح هى جريمة مكتملة الأركان وتمس كل أفراد الشعب، وقد لا تكون تلك الأفعال هى نهاية المطاف فقد يتبعها اغتيالات سياسية لتدخل البلد فى نفق مظلم. وفى أغلب الظن أن وصول المعركة السياسية إلى هذا المطاف قد يكون له جوانب إيجابية تتمثل فى إعلان الفشل السياسى لتلك الأحزاب التى تجعل فى رأس سلم أولوياتها إفشال المشروع الديمقراطى المصرى، أو بمعنى أدق إفشال مشروع الإسلام السياسى فى إيجاد نهضة حقيقية بالبلد، وذلك بعد فشل (العشروميات) التى أخذت شعارات أكبر من حجم جميع الأحزاب مجتمعة واستخدمت كل الوسائل غير المشروعة من قتل وحرق وإشاعة فوضى وكان الرهان الخاسر على التحام الشعب بتلك الأفعال فخذلهم الشعب فلم يبق أمامهم إلا حرق المحاصيل لعلها تكون سبباً فى تجويع الشعب المصرى لينتفض فى ثورة جياع لا تبقى ولا تذر. وقد يؤكد ذلك الهدف هو الظهور المفاجئ لكل من رأس الثورة المضادة فى حوارين بقنوات فضائية مصرية، فكانت الأولى مع الفريق الهارب والذى يعد بأن الحساب عسير لمن وصل للحكم بالديمقراطية، ويؤكد فى وهم واضح وأحلام يقظة يحسد عليها بأن سقوط النظام أصبح وشيكاً، أما الحوار الثانى فقد تم إجراؤه مع رئيس شرطة دبى والتى أصبحت مقراً رسمياً للثورة المضادة يهدد وينذر، ويقول إن صناديق الانتخاب لن تنهى حكم الإخوان، أى بمفهوم المخالفة أنه يجب البحث عن وسائل أخرى وقد تكون الحرق والقتل. والنقطة الجوهرية هل ستظل القيادة المصرية وعلى رأسها الرئيس مرسى يقدم الحلم والصبر والعفو وقد وصل الأمر إلى لقمة العيش؟ أم سنرى إجراءات حاسمة مثل إعلان حالة الطوارئ واعتقال كل من يثبت أنه قام بتلك الجريمة أو حرض عليها أو مولها بأى صورة كانت، وإن كانت تلك الخطوة قد تواجه بانتقادات عنيفة ولكن الانتقاد أفضل من الانتظار حتى يجوع الشعب المصرى ويعلن تمرده وكفره بالديمقراطية ورفضه لأى مشروع إسلامى. لا يمكن التعويل على القبض على المتآمرين وتقديمهم للقضاء ليتم الأفراج عنهم فى ذات اليوم، وكما يرى الجميع الشاشات تظهر لنا البلطجية وجماعة البلاك بلوك تحمل الأسلحة ويتم القبض عليهم متلبسين ثم نسمع عن الإفراجات الجماعية لعدم كفاية الأدلة والأمر متكرر ولا يدع مجالاً للشك بوجود خلل ما، إذاً نحن بصدد حدث جلل واستثنائى لا يمكن التعامل معه بإجراءات عادية، فهل يصل صوتنا الذى بح لفخامة الرئيس؟.