سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المشروعات الاستثمارية والاقتصادية تسيطر على زيارة مرسى للسودان.. الطريقان البريان بين البلدين خُطوة لتنفيذ الربط البرى بين القاهرة وكيب تاون.. والرئيس: الحدود لن تكون محل نزاع بل منطقة تكامل اقتصادى
"الزيارة جاءت متأخرة تسعة أشهر، لأننا كنا نتوقع أن تكون السودان فى بداية الدول التى سيزورها الرئيس مرسى فور فوزه بالرئاسة، لكن لا بأس فالعلاقات بين البلدين جيدة ومتواصلة على كل المستويات، وأتوقع أن تكون للزيارة نتائج وأثار إيجابية عدة"، هكذا علق مصدر سودانى على زيارة الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية للسودان، وهى الزيارة التى تأتى وسط توتر مشوب بالحذر فى العلاقة بين البلدين، بدءا من الانزعاج السودانى من عدم تطبيق مصر الكامل لاتفاقيات الحريات الأربعة الموقعة بين القاهرةوالخرطوم، فضلا عن شعور الخرطوم بأن القاهرة تتقارب مع "جوبا" عاصمة جنوب السودان على حساب الإخوة الشماليين. وبعيدا عن حالة التوتر والشد والجذب، إلا أن زيارة مرسى للخرطوم بوفد وزارى كبير ستكون بداية لعلاقات أكثر انفتاحا، خاصة على المستوى الاقتصادى بين البلدين، وهو ما وضح من تصريحات مرسى ونظيره السودانى عمر حسن البشير، والتى حددت الخطة المستقبلية للتعاون الاقتصادى بين البلدين. البداية كانت فى اتفاق الرئيسين على افتتاح الطريق الشرقى البرى بين مصر والسودان، خلال الأيام القليلة القادمة، وكذلك الطريق الغربى فى الفترة المٌقبلة، والعمل على سرعة إنشاء منطقة صناعية مُشتركة، كما اتفقا على أهمية عقد الدورة الثامنة للجنة العُليا المُشتركة المصرية-السودانية بالقاهرة فى أقرب وقت، ورفع مستواها لتُصبح على مستوى الرئيسين، بدلا من وضعها الحالى المقتصر على النائب الأول للرئيس السودانى ورئيس الوزراء المصرى، دفعاً لمسيرة التعاون وتحقيق مُشاركة اقتصادية حقيقية بين البلدين. الطريقان البريَان الشرقى والغربى بين مصر والسودان، سيسهما فى فتح آفاقٍ جديدةٍ فى علاقاتِ التكامُلِ الاقتصادى والتنموى، وتعزيزِ أوجُهِ التعاونِ التِجارى فى مُختلفِ المجالات بين البلدين، وكما قال مرسى فإنه يمثل خُطوة مُهمة على صعيد إقامة ممر للتنمية فى منطقة النيل الشرقى عبر الربط البرى بين مصر والسودان وإثيوبيا، تمهيداً لتحقيق الربط الكهربائى والزراعى بين الدول الثلاث، بالإضافة لكونه خُطوة على طريق تنفيذ مشروع الربط البرى بين القاهرة وكيب تاون فى جنوب أفريقيا. وإنشاء مدينة مصرية بالمنطقة الصناعية بالسودان، لتصنيع منتجات الجلود والتى تم تخصيص ألفى متر مربع لها، كانت جزءا من الاتفاقات التى نتجت عن زيارة مرسى للخرطوم، وتعد خطوة مهمة عن طريق بدء استثمارات مصرية كبيرة فى السودان، خاصة أن الخطة الاستثمارية تشمل أيضا مشروع إنشاء شركة مصرية سودانية لإنتاج الوقود الحيوى. الجانب الاقتصادى، كان هو المحدد الأهم لزيارة الدكتور محمد مرسى للخرطوم، بل أن الرئيس حاول ألا تعرقل الخلافات السياسية الانطلاقة الاقتصادية التى يبنى عليها مرسى آماله، لكى تتجاوز مصر كبوتها الحالية، لذلك قال الرئيس المصرى محمد مرسى، إن الحدود "لن تكون محل نزاع بين مصر والسودان، بل منطقة تكامل اقتصادى مفتوحة لاستثمارات الجانبين، وتنضم إليها ليبيا لتفعيل المثلث الذهبى". وأضاف مرسى "اتخذنا كل القرارات ونمتلك الإرادة السياسية لتسهيل كل العقبات أمام الاستثمارات والتبادل التجارى، والكرة الآن فى ملعب رجال الأعمال"، مبديا ترحيبه باستثمار رجال الأعمال السودانيين فى مصر، متعهداً بتسهيل مهمتهم. زيارة مرسى للخرطوم سارت على نفس الدرب الذى اتخذه لنفسه فى زيارته الخارجية بلقاء أعضاء الجالية المصرية بالبلد التى يحل عليها ضيفا، فعلى هامش زيارته للخرطوم التقى صباح اليوم الجالية المصرية بالسودان، وأكد لهم أن مصر قادرة على الانطلاق بقوة صوب الأمام بعزم وسواعد أبنائها، حيث تتمتع مصر بموارد هائلة أهمها الثروات البشرية فى الداخل والخارج، قادرة على مواجهة كل التحديات التى تواجه مصر فى المرحلة الانتقالية التى تهدف إلى تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية، وعودة الإرادة لجموع المصريين، ووصف هذه التحديات بأنها كبيرة نظرا لحجم وضخامة الوطن المصرى ومكانته المحورية إقليميا. وشدد مرسى فى كلمته للجالية، على أن الجاليات المصرية فى الخارج تعد إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد، مشيرا إلى دورها فى دفع عملية التنمية، وقال إن هذا الدور يزداد أهمية فى ظل الظروف الراهنة التى تمر بها مصر، مستعرضا التحديات الكبيرة التى تواجه مصر حاليا، وأكد أن ما تمتلكه من ثروات وإمكانات قادرة على مواجهة هذه التحديات. وأوضح أن مصر ماضية على طريق الإصلاح والتقدم رغم ما عاناه المصريون فى السابق من محاولات للفرقة بين أبناء الوطن، وجعل المصريين مشغولين فى توفير احتياجاتهم اليومية فى المعيشة من مطعم وملبس، كما أن أعداء مصر فى الخارج يريدونا أن نضيع الأوقات والتناحر وتعطيل المسيرة، لأن نهوض مصر يعنى نهوض الأمة والمنطقة بكاملها لكى تصبح مجرد سوقا لمنتجاتهم، وأن نصبح مجموعة من المستهلكين، على الرغم مما تملكه من موارد وأيد عاملة العلم، ووصف ذلك بأنه فقه السيطرة والاستعمار. وقال مرسى إن ذلك هو ما يدبر بوضوح ومن ينظر إلى المشهد يدرك أن هناك محاولات مستميتة لمنع مصر من النهوض، ولكن ستفشل هذه المحاولات، وانتقد الرئيس استيراد المواد الغذائية من الخارج، مثل الأسماك والقمح، رغم ما تمتلكه مصر من إمكانات وشواطىء وقدرة على استصلاح الأراضى، ووصف ذلك بأنه استنزاف لعرق المواطن، ودعا إلى بذل التضحية واستكمال المسيرة فوق الأشواك، رغم أن الأقدام تنزف بالدماء. وحذر مرسى من محاولات بعض رموز عصر ما قبل ثورة يناير من الفاسدين، إلى العودة للساحة وممارسة فسادهم مرة أخرى، وأكد أن العودة للفساد أمر مستحيل، ولن يتم السماح به ولن نسمح للذين أفسدوا بأية خطوة أو حركة واحدة، كما أكد أن المجرم يجب أن ينال العقاب. وأضاف الرئيس مازحا، كل يوم عندنا حكاية ونرى بعض رموز الفساد تعود إلى بيوتها، وكأن شيئا لم يحدث وربما يتعين علينا منحهم مكافآت على فسادهم، ومضى قائلا: لماذا قمنا بالثورة إذن على هؤلاء الفاسدين، وإذا تطلب الأمر القيام بثورة أخرى فأنا أدعو المصريين جميعا للقيام بها، ومع ذلك لا نريد اتخاذ إجراءات قد تبدو استثنائية، فقد وصفت ثورات كثيرة بأنها دموية، أما ثورتنا فإنها سلمية ونغض الطرف عن سفاسف الأمور، حتى نمر من عنق الزجاجة. وبالنسبة للأزمة الاقتصادية فى مصر، قال مرسى: إنه يمكن حل مشكلتنا الاقتصادية فى غضون ستة أشهر فى حالة تعاون الأشقاء والأصدقاء معنا، وإلا فإنها يمكن حلها خلال تسعة أشهر، اعتمادا على سواعد أبناء هذا الوطن، مشيرا إلى ما أنعم الله به على الوطن من بركات، مثل توقع فى موسم الحصاد الجديد جنى تسعة ملايين طن من القمح من نفس المساحة المنزرعة، مما يخفض استيرادنا من القمح ليصل إلى عشرين فى المائة فقط بدلا من خمسين فى المائة. وتحدث مرسى مع الجالية عن أهداف زيارته للسودان، وقال إنها تهدف إلى تحقيق التكامل الاقتصادى، وتحقيق الأمن الغذائى لأبناء وادى النيل، ووصف السودان بأنه "الجذر الممتد داخل أفريقيا العزيزة، وقال إنه الامتداد الطبيعى لمصر والامتداد الطبيعى نحو الجنوب وبالعكس، وقد تعارف الناس وعاشوا بدون موانع، وتبادلوا السلع وتزاوجوا وتعاونوا مستفيدين بشريان النيل، وبكل مكونات السودان ومصر بكل مساحاتها، شعب وادى النيل الذى نفخر بالانتماء إليه وإلى الحضارة والجذور والثقافة المشتركة، نلتقى لنستكمل مسيرة البناء ويستشعر بعضنا روح التآخى الحقيقى، ونود أن يكون التكامل فى كل شىء، الموارد والمشروعات والثقافة، مشيرا إلى أن الشعبين مسالمين ولم يخرج أيا منهما من دياره للحرب، وكانت الحروب دائما تشن علينا والاستعمار يمتص ثرواتنا. كما أشار مرسى إلى أن العلاقات الوطيدة بين مصر والسودان لا يشوبها أية خلافات مهما كانت طبيعتها، وأن أية مشكلة يتم تناولها وتسويتها من خلال التواصل والتشاور، والتنسيق القائم بين البلدين. وقال إن مصر ستفتح كل أبواب التعاون مع السودان وليبيا والخليج وكل دول العالم، وسيتم افتتاح الطريق البرى شرق النيل قريبا جدا، ونأمل قبل نهاية هذا العام فى افتتاح الطريق الغربى، ونعمل دراسات جدوى لخط سكة حديد من الإسكندرية إلى السودان مع تخطيط إستراتيجى بعيد المدى ليصل إلى كيب تاون بجنوب أفريقيا، لتسهيل التبادل التجارى بين الدول الأفريقية، وسيتم تفعيل اتفاقيات الحريات الأربع. واستمع مرسى إلى مشكلات المصريين بالسودان، وأعلن أنه سيتم تأسيس مجلس استشارى للمصريين بالخارج، وسيعلن عن تشكيله فى نهاية أبريل الحالى لاستمرار التواصل، وتذليل العقبات أمام الجاليات المصرية، ووعد بوضع الحلول السريعة لهذه المشكلات، ومن بينها اشتراكهم فى منظومة التأمين الصحى، مشكلة تحويل مدخرات المصريين إلى الخارج، حيث قال مرسى إنه سيتحدث مع الرئيس البشير بشأن هذه المشكلة اليوم.