في تحليلات عقل المباراة .. رحلة داخل عقول المديرين الفنيين لكلا الفريقين ونجتهد لإبراز النواحي التكتيكية المتخصصة التي كانت موجودة في المباراة ونضيف عليها ما كان يجب أن يكون متواجدا حتي تصل كرة القدم بشكلها المتخصص داخل عقل القارىء. أجمل مباريات كرة القدم هي التي تدار من خارج الخطوط.. وهل هناك أفضل من جوسيب جوارديولا وأنطونيو كونتي كي نضمن 90 دقيقة من العمل المنظم الذي يجعلنا كما يقول رائدي فن المسرح at end of the chair. خطة متشابهة.. تكتيك يبدو قريبا بإستثناءات بسيطة ولكن هناك فارق ضخم في التركيز علي بناء هجمات بشكل منظم ( تفوق فيه جوارديولا بشكل ساحق ) وبين تغيير كان طبيعيا من كونتي وسىء جدا من بيب .. هنا مربط الفرس. صورة توضح تشكيل الفريقين علي أرض الملعب قبل بداية المباراة.. كونتي أصيب بإرتباك بعد عدم تواجد ماتيش إضطر لإشراك فابريجاس بجوار كونتي ليجاورا الإثنين ألونسو وموزيس في خط الوسط خلفهم الثلاثي أسبالكويتا ولويز وكاهيل وأمامهم بيدرو وهازارد وكوستا. أكاد أجزم بأن جوارديولا قد قرأ سريعا هذا المعطي ..في تحليل (ثورة كونتي الهجومية ب 3-4-3 إستنساخ لتجربة ألمانية أم إيطالية ) تم توضيح مناطق القوة والضعف دفاعيا وهجوميا في المناطق الطولية بالنسبة لتشيلسي ..عدم تواجد ماتيش وتواجد فابريجاس فضلا عن إحتساب هازارد كجناح أحيانا في تلك المنطقة يكشف خللا واضحا عند الجبهة اليسري للبلوز. نافاس جناح يجابهه ساني بينهما فيرناندنينو وجوندوجان ..ولكن نحتاج لخدمات دي بروين ليعاون نافاس في البداية بشكل طولي أقرب لجناح مهاجم إضافة لتواجد سيلفا خلف أجويرو .. فيما يتكفل الثلاثي كولاروف وستونز واوتامندي بالدفاع عن مرمي برافو. الضغط العالي الذي يطبقه تشيلسي أمرا تم تناوله من قبل وربما ستقرأه مكررا لدي البعض ولكن ماذا يحدث بعد مرحلة ضغط تشيلسي ؟ جوارديولا كان أكثر حرصا علي عدم تمرير الكرة في العمق كالمعتاد لذلك كانت التمريرات دائما علي أقصي أطراف الملعب ..أجويرو هو المكلف بإستلام الكرة في تلك المنطقة ( بعد منتصف الملعب ) ثم يبدأ رباعي الهجوم في التحرك. دي بروين أيضا حاول عزل ألونسو بالتواجد دائما خلفه مع ميل أجويرو أحيانا للعب خلف كاهيل وبذلك تصبح تلك المنطقة هي الأضعف دائما إنتظارا لتقدم نافاس فيتحول أجويرو لعمق المنطقة ..نفس الأمر فعله سيرخيو أيضا خلف أسبالكويتا مع تقدم ل ساني وفتح الملعب لأقصي درجة. في بعض الإستوديوهات التحليلية يتم دائما الحديث عن مدي أهمية تقارب الخطوط ..بالطبع تقارب الخطوط أمر جيد لإغلاق ال half spaces .. ولكن في الكرة المتطورة أنت تبحث عن أي مساحة سواء كانت Between Positions Or Between Lines .. سواء كان ذلك في العمق أو أقصي أطراف الملعب المهم أن تجد مساحة وزمنا كافيين لإستلام الكرات وقتها ستصبح دفاعات تشيلسي بلا أدني تأثير ..ما رأيك في مشاهدة الفيديو التالي : 9 لاعبين وأحيانا عشرة لاعبين ويتم إختراقهم بمنتهي السهولة ..في تجربة شخصية لي في تحليل أداء أحد الفرق كان لي ملاحظة مهمة ( الضغط المكثف في منطقة يعني أن هناك مساحات هائلة في مناطق أخري ) لذلك علينا إستخدام مهارات فردية بسيطة لتخطي ذلك التنظيم القوي. بجوار المهارات الفردية يمكنك إختراق العمق من جهة الأطراف والعمق معا .. جملة تبدو نموذجا حقيقيا لكيفية ضرب أقوي الدفاعات ( يتقدم أوتامندي ويتسلم دي سيلفا الكرة في أطراف الملعب ويتوغل للعمق ) يلعب أجويرو خلف أسبالكويتا ثم ينطلق للأمام ليصبح أمامه وفي نفس الوقت يتحرك ساني من خلف موزيس لأمامه ليصبح الأمر يبدو وكأن أسبالكويتا بات بين مطرقة ساني وسندان أجويرو .. شاهد الفيديو التخيلي التالي :
كونتي جعل لاعبيه يبدو كالضباع يركضون بأقصي قوة في إتجاه المرمي مع إنهاء الهجمة بشكل سريع مع تناقل الكرات يمينا ويسارا ولكن ذلك فطن له جوارديولا فجعل ساني ونافاس يلتزمون حرفيا بالدفاع في الخلف عند تقدم تشيلسي في الهجمات المنظمة وإفتقد تشيلسي صناعة فرص بشكل قطري كما شاهدت في الفيديو السابق. لكن تشيلسي كان له أسلوب أيسر وبسيط .. أوتامندي من أكثر اللاعبين إرتقاءا رغم قصر قامته نسبيا بالنسبة لستونز أو كاهيل مثلا .. لكن الكرات الساقطة بشكل قطري طويل مع تحرك هازارد أو كوستا بالتأكيد سيمنح كونتي ما يبحث عنه ( هدف ) ..فيديو يوضح الفكرة : أفضل ما في كونتي أنه صبور جدا لا يتعجل الفوز ولا يحاول تأمينه بالهجوم بل يترك الفرصة لمنافسيه بمحاولة التقدم ومن ثم عقابهم بمرتدة وإثنين وثلاثة ( حقيقة حدثت أمس وأمام توتنهام ) ..كونتي يجيد تأمين دفاعاته بالطبع هذا في المطلق إذا نظرنا لنظافة الشباك ولكن حقيقة الأمر أن دفاعات كونتي يمكن إختراقها وبغزارة كما رأيت في الفيديو الأول وهو ما يعني خطرا محدقا مستقبليا . تغييرين هما الأسوأ لبيب تكفلا بهزيمتين محليتين ..الأول عندما أشرك فيرناندو بجوار فيرناندينو أمام توتنهام وجعل الأول أقرب لخط الدفاع فلم يستطع الخروج بالكرة أو بناء اللعب كما إعتاد ..الثاني كان إخراج ساني الذي قدم لقطة مذهلة في الشوط الثاني عندما عاد من قلب منطقة جزاء تشيلسي ليعيق إستمرار تقدم ويليان نحو بناء هجمة ..يمكنك أن تقارن بين سرعة كليشي أو كولاروف بعد ذلك في منع ويليان للهدف الثاني. تغير واحد خاطىء جعلت كل تغييرات جوارديولا بعد ذلك غير مؤثرة فالمشكلة كانت في عدم جدوي تواجد كليشي في ظل بحثك عن التعادل .. خرج ستونز وجوندوجان ودخل توريه وإيهانتشيو شكل يبدو هجوميا أفضل ولكنه كان مباشرا لحد كبير وفي كرة القدم لابد أن تمتلك الأثنين. لم يقدم برافو علي مدار المباريات السابقة ما يشفع له بالإستمرار وأعتقد أن جزء كبير من أزمة الأهداف التي تسكن مرمي السيتي تكمن في حراسة المرمي .. كابييرو أفضل كثيرا من برافو علي الأقل في السيتي. أخيرا .. من حقك أن تستمتع بالمدرب الذي تحبه وبالطريقة التي تفضلها وأن تفضل هذا عن ذاك ولكن إن أردت أن تعرف أسباب الخسارة والفوز فعليك أن تنحي كل ماسبق وتتجه فقط لما حدث علي أرض الملعب ولا تنظر للوحة النتائج أعلي يسار الشاشة. للتواصل مع الكاتب على الفيس بووك
