لن يَنسى له التاريخ وقفته الشجاعة حين أراد الملك فؤاد إسقاط عبارتين من الدستور، تنص إحداهما على أن الأمة مصدر السلطات، والأخرى أن الوزارة مسئولة أمام البرلمان، فارتفع صوت العقاد من تحت قبة البرلمان على رءوس الأشهاد من أعضائه قائلا: (إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه)، وقد كلفته هذه الكلمة الشجاعة تسعة أشهر من السجن سنة 1930 بتهمة العيب في الذات الملكية. اشتهر العقاد بمعاركه الأدبية والفكرية مع الشاعر أحمد شوقي والدكتور طه حسين والدكتور زكي مبارك والأديب مصطفى صادق الرافعي والدكتور العراقي مصطفى جواد والدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)، كما اختلف مع زميل مدرسته الشعرية الشاعر عبد الرحمن شكري. ولد في أسوان في 28 يونيو 1889، تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة أسوان الأميرية وكان يتردد أثناء دراسته مع أبيه الذي كان يعمل مديرًا لإدارة المحفوظات بمديرية أسوان، على مجلس العالم الأزهرى أحمد الجداوى، كان مجلس أدب وعلم، فأحب القراءة والكتابة، وبدأ يكتب الشعر، وحصل على الابتدائية سنة 1903، ولم يكمل دراسته وبعد الابتدائية عمل موظفًا في الحكومة بمدينة قنا في 1905 ثم الزقازيق في 1907، وفى هذه السنة توفى أبوه، فاستقر في القاهرة. وحين ضاق بالوظيفة، اتجه إلى الصحافة، في 1907، وعمل مع محمد فريد وجدى في الدستور اليومية، وبعد توقفها عاد سنة 1912 إلى الوظيفة بديوان الأوقاف، لكنه تركها واشترك في تحرير جريدة المؤيد لصاحبها الشيخ على يوسف، وسرعان ما اصطدم بسياستها لتأييدها الخديو عباس حلمى الثانى، فتركها وعمل بالتدريس مع عبدالقادر المازنى، ثم عاد إلى العمل بالصحافة في جريدة الأهالي بالإسكندرية سنة 1917 عاد العقاد إلى القاهرة، حيث تعرف إلى عبد القادر المازني، وتوثقت الصلة بينهما عام 1911، وكان الأديب محمد المويلحي، صاحب كتاب (عيسى بن هشام) من المعجبين بكتابات العقاد، فأسند إليه سنة 1912 وظيفة مساعد لكاتب المجلس الأعلى لديوان الأوقاف. وأصدرت دار الهلال للعقاد أول كتبه (خلاصة اليومية) عام 1912 وكذلك الشذور عام 1913 والإنسان الثاني عام 1913م. وفي عام 1913 م أصدر عبدالرحمن شكري الجزء الثاني من ديوانه فكتب له العقاد مقدمة قيمة، وفي عام 1914م قدم الجزء الأول من ديوان المازني، وجاء دور العقاد ليخرج أول دواوينه عام 1916م وهو (يقظة الصباح)، وقد احتوى الديوان على قصائد عديدة منها (فينوس على جثة أدونيس) وهى مترجمة عن شكسبير وقصيدة (الشاعر الأعمى) و(العقاب الهرم) و(خمارويه وحارسه) و(رثاء أخ) و(ترجمة لقصيدة الوداع) للشاعر الاسكتلندي برونز. ثم عمل بالأهرام سنة 1919، وانخرط في الحركة الوطنية بعد ثورة 1919، وأصبح الكاتب الأول لحزب الوفد، والمدافع عنه، وعن سعد زغلول، كما عمل مع توفيق دياب في صحيفتيه الضياء والجهاد. وشارك في تأسيس روز اليوسف، وظل منتميًا لحزب الوفد حتى اصطدم بسياسته تحت زعامة مصطفى النحاس في 1935 فانسحب من العمل السياسي، وبدأ نشاطُه الصحفى يقل لانشغاله بتأليف كتبه مع مقالات متناثرة بين الصحف، وللعقاد أكثر من مائة كتاب في الأدب والتاريخ والاجتماع والدراسات النقدية واللغوية والإسلامية،ومن أهم مولفاته: الله جل جلاله - كتاب في نشأة العقيدة الإلهية، إبراهيم أبو الأنبياء، عبقرية المسيح في التاريخ وكشوف العصر الحديث. عبقرية محمد، داعى السماء بلال بن رباح مؤذن الرسول، عبقرية الصديق، عبقرية خالد، عبقرية عمر، عثمان بن عفان ذو النورين، شاعر الغزل عمر بن أبى ربيعة. وقد حظى العقاد بالكثير من مظاهر التقدير والتكريم مصريا وعربيا وقد منحه الرئيس المصري جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية في الآداب غير أنه رفض تسلمها، كما رفض الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة. وظل العقاد عظيم الإنتاج، لا يمر عام دون أن يسهم فيه بكتاب أو عدة كتب، حتى تجاوزت كتُبُه مائةَ كتاب، بالإضافة إلى مقالاته العديدة التي تبلغ الآلاف في بطون الصحف والدوريات، ووقف حياته كلها على خدمة الفكر الأدبي حتى لقى الله في 12 مارس 1964.