[email protected] عندما كان رجب طيب أردوغان محافظا لإسطنبول ألقى خطبة نارية بين حشد من أتباعه قال فيها «الديموقراطية ليست إلا قطارا نركبه فقط حتى نصل لهدفنا. المساجد هي ثكناتنا العسكرية والمآذن هي رماحنا والقباب هي خوذاتنا»، تسببت هذه الكلمات في سجنه فأدرك حدوده في دولة علمانية واستوعب الدرس، خاصة وقد رأى ما حدث لرئيس الوزراء الإسلامي أربكان من الجيش القوى المسيطر وقتها.. قرر أردوغان، كما يفعل كثير من الإسلاميين حاليا، تدمير العلمانية بالتظاهر بقبول العلمانية، وتقويض الديموقراطية من خلال المشاركة في العملية الديموقراطية، واستعان بصديقه الأكاديمي الإخواني أحمد داود أوغلو ليقدم له خريطة طريق للوصول لهذه الخلافة التي كان يحلم بها، ومن خلال دراسة سلوك أردوغان وحزبه يمكن تلخيص هذه الخطة في عدة أمور: الأمر الأول :هو سياسة تصفير المشاكل مع الجيران كما اقترحها أحمد داود أوغلو، وفلسفتها أنه لكى تحقق حلمك في الهيمنة على هذه المنطقة فلابد من أن تكون مقبولا وتحوذ ثقة الجيران وتنهى أي مشاكل بين تركيا وبينهم، أي تجعل المشاكل صفرية مع كافة الجيران. الأمر الثانى: هو أن تقدم نفسك للغرب، وخاصة بعد 11 سبتمبر 2001، على أنك تملك خلطة سحرية لتحويل الإسلام الحربي إلى إسلام ديموقراطي، وهذه الخلطة تقدم للغرب على أنها كفيلة بجذب واحتواء تيارات الإسلام السياسي والجهادي إلى حضن العملية الديموقراطية السلمية. وقد انبهرت الولاياتالمتحدة حتى صار أردوغان وحزبه هو مضرب المثل في واشنطن يشار إليه على أنه حقق معجزة فشل في تحقيقها المسلمون على مدى 1400 عاما. الأمر الثالث :هو تحقيق طفرة اقتصادية تجعلك ترسخ أقدامك في الحكم، بل وتساعدك على تفكيك هياكل الدولة القديمة لصالح النموذج الجديد بتشجيع ومساندة غربية.عن طريق عاملين، الأول دعوة الغرب للاستثمار في تركيا للمساعدة في نجاح هذا النموذج، والثانى التوجه للدول الإسلامية ومحاولة توسيع حجم الصادرات التركية إليها بعد سياسة تصفير المشاكل معها، وجذب استثمارات إسلامية وعربية كذلك لتركيا. وبالفعل تحققت طفرة اقتصادية بالونية وليست حقيقية، ولكنها على كل الأحوال جعلته يرسخ أقدامه بشدة في تركيا. الأمر الرابع :الإفصاح عن سياسات الهيمنة والأخونة من خلال مشاركة أمريكا والغرب في خطة حكم الإسلاميين للمنطقة، وخاصة الإخوان المسلمين، ومن ثم التخطيط لتحقيق حلمه وهوسه في أن يكون خليفة للمسلمين، ولكن عصبية أردوغان وعنجهيته وتعجله في تحقيق حلمه جعلته ينكشف رويدا رويدا، وبدأت أول خطوات الانكشاف بالصدام مع إسرائيل، وجاءت الخطوة الثانية في ميدان تقسيم حيث تحالف مع رجال أعمال فاسدين ومنهم زوج ابنته صاحب شركة المقاولات التي تمتلك المشروع، وهذا الصدام مع شعبه أظهر للعالم كله وجهه الديكتاتوري القبيح، حتى أن تركيا حاليا بها أعلى معدلات لحبس الصحفيين في العالم كله.ولكن انكشافه الأكبر جاء مع ما يسمى بالربيع العربى أو بالتسمية الصحيحة الربيع الإخواني، فقد كان أردوغان أحد القوى الدولية المتحالفة لضرب ليبيا، وبعد سقوطها وسقوط تونس في يد الإسلاميين وسقوط مصر كذلك بأيديهم سارع بزيارة هذه الدول كفاعل رئيسي في الأحداث وكداعم لحكم الإخوان، ولكن جن جنون أردوغان عندما تعثر مشروع تمكين الإخوان في سوريا، وحول حدوده مع سوريا إلى مسرح لجذب عتاة الإرهابيين من العالم كله وتسليحهم وتمويلهم لإسقاط نظام بشار، أما بعد سقوط الإخوان في مصر فقط أصيب بما يشبه اللوثة من جراء ضياع حلمه فراح يهرتل ويهذي ويحرض ويوزع الاتهامات في كل اتجاه. لقد سقط النموذج الأوردوغاني إقليميا ودوليا وعلى المستوى السياسي والدينى وقريبا ستنفجر بالونته الاقتصادية ليظهر وجهه الإخوانى العثماني القبيح كشخص يريد تحقيق أحلامه حتى ولو كان ذلك على جثث شعوب المنطقة