التدخل الأجنبى فى شئون مصر قديم منذ عصر محمد على، فقد حاولت القوى الغربية منعه من بناء إمبراطورية كبيرة وقوية والقضاء عليه، وقد حرص محمد على باشا على إقامة دولة قوية اقتصاديا وعسكريا الشعب المصرى كانت له مواقف مع المندوبين الساميين، فمثلا فى ثورة 1919 بعد موقف المعتمد قام الشعب بتجريسه، وأطلقوا عليه «وش النملة» كان مفهوم "المندوب السامى" جديدا على المصريين في أوائل القرن العشرين، وقد ظهر بعد إعلان الحماية البريطانية على مصر، ويعنى السلطة الأعلى في البلاد، وكان مقره بقصر الدوبارة. هكذا ما أكده عدد من المؤرخين الذين أوضحوا أن المندوب السامى كان هو الحاكم الفعلى للبلاد، والخديو هو الحاكم الظاهرى، مشبهين المندوب السامى البريطانى قديما بالمندوب الأمريكى حديثا "متمثلا في السفارة الأمريكية". دكتور إبراهيم العدل، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة المنصورة، يؤكد أن مفهوم المندوب السامى لم يتم فرضه إلا بعد إعلان الحماية البريطانية على مصر عام 1914، وقبل ذلك كان يسمى ب "المعتمد" أو "القنصل البريطانى". وأوضح أن مهمته الأساسية وضع تقارير عن مصر في السياسة والاقتصاد والزراعة والتعليم والداخلية والأوقاف، ويتدخل في اختيار الوزراء ووضع الميزانية، وسمى ب " السامى" لأنه مندوب عن ملك بريطانيا، ويعتبر أعلى سلطة في الدولة، كما أن بريطانيا كانت دائما ترسل المندوبين أصحاب الخبرة العسكرية، وقادة حرب، وهم على دراية تامة بمنطقة الشرق الأوسط ويجيدون اللغة العربية. دكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ المعاصر بكلية الآداب جامعة القاهرة، يري أن لقب "المندوب السامى" أطلق على السفير البريطانى ،لأن مصر كانت تحت سلطة الاحتلال، وقد ارتبط لقب المندوب السامى في العقول المصرية باللورد "كرومر" الذي من المفترض أنه كان مجرد سفير بريطانى في مصر، ولكنه كان في الواقع الحاكم الفعلى. عفيفي أضاف أن "المندوب السامى" كان الحاكم الفعلى وينفذ السياسة والأوامر البريطانية في مصر، بمشاركة الرموز البريطانية، ولكن الحاكم الظاهرى هو الخديو، موضحا أن هذا المندوب عمل على إلغاء كل ماهو وطنى. وشبه عفيفى السفيرة الأمريكية آن باترسون ب«اللورد كرومر» ماركة 2013 مشيرا إلى أنها تتحرك وكأنها تحكم مصر. وتابع: قبل اللورد كرومر كان يوجد العديد من المندوبين منهم كتشنر وجوزست ولكن أشد المندوبين سلطة وتدخلا سافرا فى الشأن المصرى هو كرومر وقد وصفه أحمد شوقى بأنه فرعون يحكم مصر، ولفت إلى أن الحاكم الشرعي لمصر حينها هو الخديو عباس، والحاكم الفعلى هو سفير بريطانيا، الدولة المحتلة لمصر، مشبها الوضع حينها بما قبل ثورة 30يونيو، بقوله: كان الحاكم الشرعي لمصر هو محمد مرسي ،والحاكم الفعلى السفيرة آن باترسون. وقال إن قصر عابدين هو القصر الملكى مقر الحكم، وقصر الدوبارة هو مقر المندوب السامى الحاكم الفعلى للبلاد، والذي يعبر الآن عن السفارة الأمريكية. وأكد "عفيفي" أن التدخل السافر في شئون مصر الداخلية حدث في فبراير 1942، عندما حاصرت القوات الإنجليزية قصر عابدين لإجبار الملك على تعيين النحاس باشا رئيسا للوزراء، واصفا ذلك بأنه جرح للكرامة الوطنية، وأن ماحدث في التاريخ المصري هو ما تفعله باترسون الآن. من جانبه قال الدكتور جمال شقيرة، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة عين شمس، إن مصر أثناء الاحتلال البريطانى كانت ممنوعة من إقامة علاقات دبلوماسية، وأرسلت إنجلترا المعتمد ليقوم من خلف الستار بإدارة شئون البلاد والتدخل في كل كبيرة وصغيرة، وكانت سلطة الاحتلال كاملة في يد المندوب البريطانى. وأكد أن المسئول عن السياسة الاستعمارية البريطانية في مصر هو المعتمد، وأولهم "كرومر" الذي وضع نظام الإدارة المصرية في ظل الاحتلال، ليحقق أهداف الاستعمار، ومن أشهرهم اللورد "كليرن"، لأنه في حادث 4 فبراير 1942 أجبر الملك فاروق على تشكيل حكومة وفدية خالصة برئاسة مصطفي النحاس. وأشار إلى أن الشعب المصري كانت له مواقف مع المندوبين الساميين، فمثلا في ثورة 1919 بعد موقف المعتمد قام الشعب المصري بتجريسه، وأطلقوا عليه "وش النملة"، وقد كره الشعب المصري السير"صمويل هورن" لأنه تهكم عليهم وقال عنهم قوله الشهير "هذا الشعب لا يفهم في الديمقراطية ولا يستحق دستور 1913" فقال المصريون عنه: "يسقط هور ابن الطور". مؤكدا أن تشبيه "كرومر" بالسفيرة الأمريكية "باترسون" التي حاولت التدخل في الشئون المصرية من باب السخرية فقط، مؤكدا أن المصريين لن يسمحوا بعودة أيام المندوب البريطانى مرة أخرى. من جانبه قال الدكتور عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث بكلية الأداب جامعة حلوان، إن التدخل الأجنبي في شئون مصر قديم منذ عصر محمد على، فقد حاولت القوى الغربية منعه من بناء إمبراطورية كبيرة وقوية في مصر والقضاء عليه، وقد حرص محمد على باشا على إقامة دولة قوية اقتصاديا وعسكريا، واصطدم بالدولة العثمانية بسبب ذلك، وكان على وشك إعلان استقلالها عن العثمانيين. وأوضح الدسوقي أن انجلترا كانت تريد مصر سوقا لاستهلاك فائض الإنتاج بعد الثورة الصناعية، وكان محمد على يسير عكس سياستهم، وأغرق السوق المصرية بالبضائع وكان يصدر للدول الخارجية. وعقدت إنجلترا مع تركيا معاهدة "بلطة ليمان"عام 1883 وتهدف لدخول السلع البريطانية مصر بعد دفع الجمرك عليها، ورفض محمد على تطبيق المعاهدة واعطته إنجلترا مهلة لمدة عام، ثم بدأ حصار إنجلترا، لافتا إلى أن سلسلة السيطرة الإستعمارية لم تتغير على مدى التاريخ. وأضاف "الدسوقي" أنه تم إسقاط محمد على بمقتضي معاهدة لندن 1840، واجتمعت الدول الغربية عليه وتم عزله، وتحولت مصر إلى ولاية وراثية، ومنذ ذلك التاريخ تم بدء التدخل في شئون مصر من إنجلترا وفرنسا حتى انتهى ذلك بالاحتلال. وأشار الدسوقي إلى أنه في عهد الخديو إسماعيل حدث تدخل بسبب الديون، ونتج عنه صندوق الدين 1876، وقد حرص إسماعيل على تكرار تجربة محمد على في بناء دولة قوية وصلت إلى السودان. وحاولت الدول الغربية الإيقاع به، وتعللوا بالديون، وأنشأوا المراقبة الثنائية على الإدارة المالية، ووجود فرنسي وآخر إنجليزى في الوزارة، وانتهى الأمر بعزل إسماعيل، واصبحت مصر في قبضة انجلترا عام 1882، وفي عام 1914 أعلنت الحماية البريطانية على مصر التي فقدت شخصيتها الخارجية. وأصبح المندوب السامى نائبا لملك انجلترا في مصر، وألغيت وزارة الخارجية المصرية، واستمرت انجلترا مسئولة عن علاقة مصر بالخارج، ويشير الدسوقي إلى أن المندوب السامى قبل فرض الحماية كان يدعى "المعتمد البريطانى"، وفي عام 1936 عقدت معاهدة نظمت وجود بريطانيا في مصر، وألغيت الحماية البريطانية، وتحول المندوب السامى إلى سفير، وأصبحت لنا سفارة في بريطانيا، ودخلت مصر عصبة الأممالمتحدة. ويضيف: بالرغم من معاهدة 1936 استمر التدخل الأجنبي في شئون مصر حتى قيام ثورة يوليو1952، وأبرز مظاهر التدخل هو حادثة 4 فبراير 1942، عندما أرغم السفير البريطانى "ايل جمسون" الملك فاروق على تعيين النحاس باشا رئيسا للحكومة، وبعد إلغاء الحماية على مصر ظاهريا كدولة مستقلة، فقد ظلت السفارة البريطانية تتدخل في كل الشئون، ومنها تعيين رؤساء الحكومة. وأضاف أنه بعد ثورة يوليو1952 لم تعجب سياسة مصر الولاياتالمتحدة، وبدأت أمريكا قيادة العالم ووراثة السياسة البريطانية، فحاولت التخلص من جمال عبد الناصر، ويؤكد الدسوقي أنه في عهد الرؤساء توجد تدخلات في الشأن المصري، وأوضح أن السادات ومبارك كانا ينفذان الأجندة الأمريكية، وكذلك فعل محمد مرسي والإخوان.