في ظل ما تشهده البلاد من محاولات استقطاب سياسي بعد إزاحة الحكم الإخوانى، لم يكن غريبا أن يبرز السلفيون على الساحة كونهم الراعى الرسمى للتيار الإسلامي في خارطة الطريق، خاصة وأن استمرارهم في دعم المرحلة الانتقالية الحالية يدفع بقوة إلى عبورها سريعا، لذلك جرت اتصالات خلال الأيام الماضية بين بعض المسئولين السعوديين وعدد من قيادات حزب النور والدعوة السلفية، وذلك بعد رفض «النور» لإقصاء الإسلاميين وتهديداته بالانسحاب من خارطة الطريق ومن الحياة السياسية، ردا على محاولات إلغاء ما يطلق عليه السلفيون «مواد الهوية». وكشفت مصادر من قيادات التحالف الوطنى لدعم الشرعية والمنشقين عن الدعوة السلفية أن تدخل المسئولين السعوديين واتصالهم بقيادات الدعوة السلفية نابع من إيمانهم بقدرة التيار السلفى وحزب النور على تغيير كثير من المعادلة السياسية، في ظل التوتر الذي تشهده مصر الآن، مشيرة إلى أن المسئولين السعوديين أقنعوا الدعوة السلفية بضمان مشاركتها الفعالة في الحياة السياسية بعيدا عن الاضطهاد، وعدم إلغاء الأحزاب الدينية وذلك وفقا لوعود نظرائهم المصريين. قيادات الدعوة السلفية حاولوا - بحسب المصادر - إقناع مسئولي السعودية بأنهم أصبحوا القوة الإسلامية الوحيدة المتواجدة حاليا في الشارع المصرى بعد سقوط الإخوان، مما يتطلب دعمهم ضد حرب إعلامية وسياسية تستهدف إقصاءهم بمعرفة الحكومة الحالية، فطمأنهم السعوديون باستمرار حزب النور والدعوة السلفية دون التضييق عليهما، ولن تكون هناك ملاحقات أمنية لهم من جانب الشرطة بموجب وعود أخذوها من الحكومة وبعض القيادات العسكرية مقابل عدم الانسحاب من الحياة السياسية واستمرار تأييد خارطة الطريق. «الدعم السعودى والتبرعات الآتية من الرياض لن تتوقف».. هذا ما أكد عليه الجانب السعودى، الذي وعد قيادات الدعوة السلفية وحزب النور بإنشاء شركة خاصة لتنظيم رحلات العمرة والحج بنفقاته كاملة وتسهيل كل الإجراءات الداخلية والخارجية لهم على أن تكون هي الأكبر من نوعها في مصر مع تأسيس فروع لها في كافة المحافظات تعمل تحت إشراف الدعوة السلفية. وفى ذات السياق، أكدت المصادر أن الاتصالات مستمرة للتوفيق بين الحكومة الحالية وقيادات حزب النور بعد الأزمة التي تسببت فيها أيضا إلغاء المادة 219 من الدستور المعطل، لولا ضغوطات النور وإعادتها للبت فيها أمام لجنة الخمسين، مشيرة إلى أن الجانب السعودى يحاول التوفيق حاليا بين قيادات حزب النور وحكومة الببلاوى خاصة في أمر تشكيلها، فضلا عن ربط الحزب مشاركته في لجنة الخمسين بعدم المساس بمواد الهوية. وأشارت إلى أن الدعوة السلفية استقرت على ضرورة التواجد في الحياة السياسية كمحاولة منها لمنع تعديل مواد الهوية، ولإدراكها أن انسحابها في هذا التوقيت يوقف التمويل والمساعدات السعودية، كما قررت الدعوة إطلاق حملة «هوية وطن» بتمويل سعودى تماما من أجل الإبقاء على مواد الشريعة في الدستور، وتشمل مؤتمرات في مختلف المحافظات والقرى لحث الشعب على رفض إلغاء مواد الشريعة مع ضمان عودة القنوات الإسلامية. وفى سياق متصل، أكدت مصادر «فيتو» أن وفدا من حزب النور سيغادر القاهرة إلى دولة الإمارات بناء على دعوة تم توجيهها إلى قيادات الحزب للتشاور حول خارطة الطريق ومحاولة جذب دعم السلفيين، خاصة بعد التعاون الملحوظ بين الطرفين في أعقاب عدد من اللقاءات التي تمت في الإمارات بين نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامى والقياديين بحزب النور أشرف ثابت ونادر بكار وبين مسئولين إماراتيين برعاية اللواء مراد موافى مدير جهاز المخابرات العامة السابق، وكذلك الفريق أحمد شفيق المرشح الرئاسى السابق. المصادر كشفت أن الجانب الإماراتي كان يريد إجراء مشاورات مع قيادات حزب النور في القاهرة لكن الأحداث التي شهدتها مصر حالت دون إتمام المقابلة، وانتهى الأمر إلى أن يكون اللقاء في دبى بدعوة إماراتية خاصة في ظل السخط الذي أظهره حزب النور خلال الفترة الأخيرة بسبب محاولات الحكومة المصرية إقصاءه، وكذلك عدم تنفيذ الاتفاق الرامى إلى الإبقاء على المادة 219 وغيرها، وهو الأمر الذي دفع الإماراتيين للتدخل، فضلا عن تدفق الأموال السعودية للحفاظ على الحليف السياسي الحريصين على دعمه حتى لا يكون لجماعة الإخوان المسلمين مكان في الحياة السياسية. ولفتت إلى أن هذا اللقاء ليس الأول ولا الأخير، في ظل الاتصالات المستمرة منذ فترة كبيرة بين قيادات الدعوة السلفية وحزب النور والزيارات المتتالية التي يشرف عليها كل من أشرف ثابت واللواء ممدوح قطب وكيل جهاز المخابرات السابق، وذلك بالاتصال بين شفيق وبعض رجال الأعمال المصريين وكذلك قائد شرطة دبى ضاحى خلفان، خاصة وأن الإمارات تسعى إلى تضخيم الحجم السياسي للدعوة السلفية في مقابل إضعاف الإخوان، والتي تشعر بخطورة مشروعها بعكس الدعوة السلفية لأنها تسعى للتواجد فقط في الحياة السياسية. المصادر أكدت أن هناك وعودا من مسئولين إماراتيين بدعم الدعوة السلفية وحزب النور بالأموال وكذلك تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع القوات المسلحة نظير دعمهم لخارطة الطريق.