الرياض لديها فائض.. والقاهرة تحتاج لتقليل الفاقد واليمن أقل الدول العربية فى الاكتفاء الذاتى 15٪ ولاجزائر 22٪ نادر نور الدين: نحتاج لاستيراد 10 ملايين طن وننتج 9 ملايين سنوياً "من لا يملك قوته لا يملك حريته"، كلمة قالها العظماء قديما وكأنهم يقرأون التاريخ جيدًا، فبسبب عدم قدرة الدول العربية على الاكتفاء ذاتيا من المحاصيل الإستراتيجية، وهو ما جعل الوطن العربي بأكمله تعبث به أمريكا وروسيا وأوكرانيا كأكبر الدول تصديرا للقمح في العالم والذي يعد المحصول الأهم. وكما يقول المثل الفلاحي الدارج "اللي أكله من فأسه.. قراره من رأسه"، ولأن مصر لم يكن أكلها من فأسها فلم يكن قرارها عائدا اليها، بل قامت الدول الأوربية بتصدير أسوأ وأردأ أنواع الأقماح إلى مصر "الفاسدة" وأعلاف الحيوانات. وبعد الثورات التي قام بها الشعب المصري بدءاً من 25 يناير وحتى 30 يونيو، يحاول بعض الخبراء في مجال الأقماح بمركز البحوث الزراعية التوصل إلى طرق للوصول إلى الاكتفاء الذاتي من القمح للتخلص من تبعية القرار الأمريكي، ولوضع حد للتدخل السافر في شئون مصر. ويؤكد الدكتور نادر نور الدين أستاذ التربة بكلية الزراعة جامعة القاهرة، أن التقارير الأخيرة الصادرة في العام الحالي 2013 تؤكد أن دولتين عربيتين فقط تمكنتا من الاكتفاء الذاتي من القمح وهما سوريا والمملكة العربية السعودية، لاسيما في الوقت الذي تحتل مصر ومعها الجزائر الدول الأكثر احتياجا، وتعد اليمن أقل الدول من ناحية نسب الاكتفاء والتي تصل إلى 15% تليها الجزائر "22%" ثم المغرب بنسبة 44% والعراق 44% ثم مصر بمعدل 55% والسودان بنسبة 62%. ويرى الخبير الزراعي أن التعاون المصري السعودي القائم حاليا عقب الموقف الرائع من ملك السعودية ووقوفه بجانب مصر ضد أمريكا والاتحاد الأوربي التي تصنف ما قام به الجيش المصري من إزاحة من يسرقون الإرادة المصرية ويعتبرون ذلك انقلابا عسكريا، فبما أن السعودية هي الأولى في الوطن العربي في الاكتفاء الذاتي ولديها فائض يسمح بالتصدير لمصر وهو ما يمكن للدولتين إذا ما اتحدتا سويا أن تكتفي مصر من القمح. ويستند نور الدين في ذلك إلى أن مصر تحتاج إلى استيراد 10 ملايين طن من القمح سنويا وتنتج ما يقرب من 9 ملايين طن يتم توريد 3 ملايين طن ونصف للدولة والباقي يظل مخزنا لدى الفلاحين في منازلهم. أما الدكتورة إيمان صادق، رئيس الحملة القومية للقمح بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، فلديها تصورات للوصول إلى الاكتفاء الذاتي من القمح في خلال عام واحد عن طريق الاستغلال الأمثل للقمح عن طريق تقليل الفاقد فيه والذي يصل إلى 30% في شون بنك التنمية والائتمان الزراعي. وقد جاء في تقرير لوزارة الزراعة أن نسبة الفاقد من القمح خلال مراحل الإنتاج تعادل 1.3 مليون طن، أي ما يعادل 8.666.000 أردب قيمتها 8.666 × 400 جنيه للإردب = 3.4664.000.000 مليارات و46 مليون جنيه مصري، وبذلك تكون تلك الخسارة خسارة مزدوجة، بما يعنى أننا نخسر تلك الكمية 1.3 مليون طن ونعيد استيرادها من الخارج لتلبية احتياجات السوق المحلية. وترى صادق أنه لو استطعنا تقليل نسبة الفاقد في القمح سيوفر لمصر المليارات التي ستمكنها من بناء صوامع جديدة بمواصفات قياسية تعمل على تقليل الفاقد بدلا من الشون الترابية التي يفسد فيها القمح بسبب تركه في العراء لعوامل التعرية، وهو ما سيؤدي إلى تخزين كميات أكبر من القمح للوصول سريعا إلى الاكتفاء الذاتي من القمح. وتطالب صادق بضرورة العودة مرة أخرى إلى العمل بنظام الدورة الزراعية واستخدام طريقة الزراعة "التسطير على مصاطب"، والتي تستهلك كمية مياه أقل ويصل إنتاج الفدان بها إلى 30 إردبا وهي أعلى معدل إنتاج للقمح في مصر وهو ما سيتسبب في ارتفاع الكمية الإجمالية من الناتج. ويرى الدكتور عبد العزيز عبد النبي، مدير معهد بحوث المحاصيل الحقلية التابع لمركز البحوث الزراعية أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح من الممكن الوصول إليه خلال عام واجد فقط إذا قمنا بتقليل المساحة المزروعة من البرسيم بنسبة 20% بمساحة نصف مليون فدان وهو ما سيتسبب في زيادة الناتج المحلي مليون و350 ألف طن، بالإضافة إلى توفير أعلاف الحيوان وعدم وجود عجز بها من خلال استغلال "تبن القمح"، كما سيؤدي ذلك إلى توفير كمية كبيرة من المياه. وينصح عبد النبى بزراعة أصناف الترتيكال في أراضى الاستصلاح الجديدة، حيث تتميز بتحملها للجفاف والملوحة في مناطق "الوادي الجديد وتوشكي وسيناء"، والاهتمام بنتائج الأبحاث العلمية التي تجرى بالجامعات المصرية ومراكز البحوث. ويؤكد أن هناك معاملات تؤدى إلى زيادة إنتاجية القمح بنسبة تتراوح بين 20 و30%، حيث اكتشفت مركبات طبيعية مستخلصة من الطحالب البحرية تستخدم في تغذية القمح. ويضيف عبد النبي أنه يجب تشجيع المزارعين زراعة كميات كبيرة من القمح سنويا عن طريق زيادة سعر الإردب وتحديد السعر قبل زراعته حتي يضمن الفلاح حقه قبل أن يزرع أرضه، بالإضافة إلى دعم مستلزمات الزراعة وتوفير الأسمدة بالأسواق بأسعار مخفضة، فعند ذلك يتحقق الاكتفاء الذاتي من القمح لا محالة. ويستطرد: وسنعود إلى سابق مجدنا مرة أخرى ولن يتحكم فينا أي اتحاد أوربي أو أي دولة تطمع في خيراتنا ومقدراتنا، مؤكدا أن الاهتمام بالبحث العلمي واستنباط أصناف جديدة ذي إنتاجية عالية من القمح سيؤدي إلى وفرة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي. كما يري الدكتور عبد النبى أنه بالنظر إلى الدول العربية التي حققت الاكتفاء الذاتي من القمح "السعودية وسوريا" مع استبعاد سوريا في الوقت الراهن بسبب الظروف التي تمر بها ونجد أن متوسط استهلاك الفرد في هذه الدول لا يتعدى 100 كجم سنويا أقل من المعدل المصري ب 20 كجم لكل فرد، كما أن الشعب المصري يستخدم القمح استخداما خاطئا عن طريق استخدام الخبز المدعم كعلف للحيوانات وهو ما يرفع من معدل الاستهلاك. ويناشد الدكتور عبد النبى الشعب المصري أن يعي جيدا ما يسببه الاستخدام الخاطئ للاقتصاد المصري من دمار، مؤكدًا أن تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح مرهون بإرادة الشعب ووعيه بأهمية الاكتفاء الذاتي من القمح حتى يكون قرار الشعب المصري لا يملي عليه ونابعاً من رأسه، وبالتالي يتسنى له الاستغناء عن المعونة الأمريكية والتبعية الأمريكية وإنعاش الاقتصاد المصري ووضع مصر على الطريق الصحيح نحو التقدم والريادة.