كان للأزهر في الماضى دور كبير في مقاومة الاستعمار بالثورات والوقفات وفى دعم كل القضايا العربية، وهذا ما جعله عن حق قبلة العرب والمسلمين في العالم كله، وفى ظل حالة التقارب العربي الآن بين الشعوب العربية ومصر يثور السؤال حول دور الأزهر للاستفادة من هذه الحالة التي لم تحدث منذ حرب أكتوبر 1973 لتدعيم حلم "الوحدة العربية" الذي لم يكتب له الخروج للنور حتى الآن. الدكتور محمد شحاتة الجندي، أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية وعميد المعهد العالى للثقافة العربية والدراسات الإسلامية، قال: إن الإزهر عليه دور مهم في تأكيد أولًا الوحدة داخل الأوطان العربية، للقضاء على مخططات تقسيم الأراضي خاصة في دول الربيع العربي ليكون ذلك تمهيدا للوحدة العربية التي لا يمكن أن تتم قبل وحدة الأوطان. وأوضح أن ذلك يتم عن طريق تركيز خطاب الأزهر على وحدة الوطن الواحد بعواملها المشتركة من وحدة للأرض والسكان، الأصل، التاريخ، اللغة، الدين، مع كشف المخططات الأمريكية والإسرائيلية التي يعلمها الجميع من تقسيم البلاد العربية عن طريق الفوضى الخلاقة، والشرق الأوسط الجديد الذي يحلمون به، وقتها تتحقق وحدة الوطن الواحد. وأضاف الجندى أن الخطاب الذي يدعو للوحدة العربية لابد أن يركز على القواسم المشتركة وهى الدين الإسلامي الذي تدين به أغلب سكان هذه الدول من المغرب العربي حتى الخليج واليمن، ويؤكد الأصل العربي، فجميعنا من أصل واحد وهو الأصل العربي ولغتنا واحدة وهى لغة القران الكريم وتاريخنا واحد، وبالتالى وجب علينا تنفيذ قوله تعالى "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون". وأشار الجندى إلى أن الوحدة يجب أن تبنى على على أساس المصلحة المشتركة بين الدول العربية، مؤكدًا أن ما يحقق مصلحة مصر هو ما يحقق مصلحة أي دولة عربية أخرى. وتابع الجندى: إن هذه الوحدة قد تتحقق لها مظاهر مثل السوق العربية المشتركة، ومحكمة عربية وتلك الاقتراحات يمكن أن يطرحها الأزهر ويتبنى نشرها ويقدمها لمنظمة التعاون الإسلامي. وقال إن نشر هذه المبادئ والأفكار سيحتاج وقتًا لكي يتم نشرها بين الشعوب كى تقوم بعدها بالضغط على الحكام لتنفيذها وهو ما سيحتاج لتغيير الثقافة العربية لدى الشعوب لمعرفة أن مصلحتهم في الاتحاد والترابط، موضحًا أن الأزهر يمكنه أن يستعين لتنفيذ هذه المهمة بالطلاب الموجودين لديه من مختلف جنسيات العالم فهم سفراؤه في بلادهم، إلى جانب بعثات الأزهر التي يرسلها لجميع الدول العربية. وعن وجود الأزهر في تلك الدول وتأثير خطابه فى شعوبه، قال الجندي: إنه للأسف حتى الآن محدود رغم أنه مفترض أن يكون مؤثراً، ولكن هناك بعض العوامل مثل أن بعض المؤسسات الإسلامية في بعض البلدان العربية ترى أنها أحق بأن يكون لها دور الأزهر ومكانته، وأشار "الجندى" إلى أن حلم "الوحدة العربية" سيأخذ وقتًا لأن المخططات الغربية تقف له بالمرصاد، ولكن علينا أن نبدأ ونسعى لذلك، خاصة أن تلك الخطوة تأخرت كثيرًا. من جانبه قال محمد رفاعي، كبير أئمة بنى سويف، إن عمامة الأزهر لها قدسيتها في كل الدول العربية، بل فى العالم أجمع، فالأزهر له قدسيته في نفوس كل المسلمين ومبعوثه في أي دوله بمثابة رئيس للجمهورية. وأضاف أنه يستطيع أن يسهم بدور كبير في تحقيق الوحدة والتقارب العربي عن طريق بعثاته لهذه الدول بالتعاون والتخطيط مع الرئاسة ومجلس الوزراء، لتذهب بعثاته وتشرح لهذه الدول الوضع الاقتصادي لمصر، مؤكدًا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص"، وأن الإخوة في الإسلام تسبق الإخوة في الدم أو النسب، وله حقوق هذه الأخوة. واعتبر رفاعى أن موقف السعودية المشرف والدول العربية الأخرى التي وقفت بجانبنا تعبير عن هذه الأخوة وعظمتها، مشيرًا إلى أن الأزهر على مدى تاريخه كان يقف بجوار كل هذه الدول ولم يكن عداء لأي منها مهما كان تطرفها، فحتى الآن مثلًا لم يصدر أي بيان ضد قطر رغم ما تصدره من تصريحات، وذلك لأنه حريص على التقارب والوحدة بين الشعوب العربية والإسلامية. وأوضح أن ثمار هذا التعاون والوحدة يجب أن تكون بالتكامل بين شعوب تلك الدول بأن ترسل كل دولة للأخرى ما تحتاجه، مثلما كان الحال في عهد الرسول "صلى الله عليه وسلم" وخلفائه في العصر الذهبي للدولة الإسلامية. وقال "رفاعي": إن الأزهر يستطيع أن يقوم بذلك في فترة أقصر مما ضيعها رجال السياسة؛ وذلك لأن له كلمة مسموعة بين الدول ولدى زعمائها ويُجلّونه، وبالتالى فإن رجل اقتصاد خريج أزهر يستطيع أن يوصل الصورة بشكل أفضل، وهو ما يجب أن تضعه القيادة السياسية في اعتبارها في الفترة المقبلة أثناء محاولة استغلالها لهذا التقارب العربي.