لم يكن غريبًا أن تخلق استقالة الدكتور محمد البرادعى من منصب نائب رئيس الجمهورية للشئون الخارجية - اعتراضًا على وقوع ضحايا على إثر فض قوات الأمن اعتصامات أنصار الرئيس المعزول - حالة من الغضب الشديد في الشارع المصرى خاصة بعد الهجوم العنيف الذي تتعرض له الإدارة الحالية من قبل عدد من الدول الغربية دفاعًا عن جماعة الإخوان المسلمين وحاجة البلاد إلى تكاتف الجميع خلال الفترة الراهنة. استقالة «البرادعى» ألقت بظلالها على حزب الدستور كون المستقيل مؤسسه، وبات الحزب مغضوبا عليه وبشدة في الشارع المصرى، وأصبح من المستحيل تنظيم أية فاعلية للحزب خلال الوقت الحالى رغم أن «الدستور» كان الحزب المدنى الأول على الساحة السياسية، وكان الجميع يتوقع له الحصول على أغلبية خلال انتخابات مجلس الشعب المقبلة، وحاول عدد كبير من الأحزاب على رأسها الجبهة الديمقراطية والمصرى الديمقراطى التنسيق معه للاندماج أو التحالف قبل الانتخابات البرلمانية لضمان الحصول على عدد من المقاعد. تدهور شعبية الحزب في الشارع المصرى تنبه له قياداته الذين أيقنوا أن الوجود داخل «الدستور» خلال الفترة المقبلة لن يكون في صالحهم ويؤثر فيهم بالسلب، وقد يمنع استمرارهم في الحزب وجودهم في البرلمان المقبل أو الحكومة الجديدة، لذلك تقدم عدد كبير منهم باستقالته من الحزب للقفز من سفية «الدستور» والتوجه إلى أحزاب أخرى، وفى مقدمتهم الدكتور أحمد دراج - وكيل مؤسسي حزب الدستور - الذي قدم استقالته من الحزب اعتراضًا على استقالة «البرادعى في ظل الظروف التي تمر بها مصر. «دراج» اعتبر استقالة البرادعي من موقعه تخليًا عن وطنه في وقت تحتاج إليه بلاده لعبور الظرف الراهن، وأنه لا يشرفه الوجود في حزب الدستور بعد موقف رئيس الحزب السابق، وأعلن انضمامه إلى حزب «فرسان مصر» الذي يضم عددًا من العسكريين القدماء في محاولة منه لاستغلال حالة الثقة والحب الموجودة حاليا بين غالبية الشعب المصرى ورجال القوات المسلحة. كما تقدم النائب السابق مصطفى الجندى باستقالته من الحزب لكنه لم يستقر حتى الآن على وجهته القادمة، خاصة أن هناك بعض المحاولات من السفير سيد قاسم رئيس الحزب لإقناعه بالعدول عن استقالته والتي لم يوافق عليها حتى الآن. قائمة المستقيلين من حزب الدستور ضمت أيضا وزير الثقافة الأسبق الدكتور عماد أبو غازى، بعدما تأكد أن استمرار وجوده داخل الحزب بعد موقف «البرادعى» الأخير يعنى انتحاره سياسيا وضياع أي آمال في توليه أي منصب سياسي خلال الفترة المقبلة، مما دعاه إلى الخروج من الحزب خاصة أنه محسوب على «البرادعى» داخل حزب الدستور، كما تلقى عرضًا بالانضمام إلى حزب المصريين الأحرار ولكنه لم يتخذ القرار النهائى بعد. جميلة إسماعيل - أمين تنظيم الحزب - بدأت تفكر هي الأخرى جديا في تقديم استقالتها من الدستور، وذلك بعد المشاكل الكثيرة الموجودة داخل الحزب منذ أن قدم الدكتور محمد البرادعي استقالته من منصب نائب رئيس الجمهورية، والتي أدت بدورها إلى تقديم عدد من الأعضاء والقيادات استقالاتهم. وفضفضت أمينة تنظيم الحزب للمقربين لها بأنها لم تعد تستطيع تحمل ما يحدث داخل الدستور، خاصة أنها تحملت الكثير منذ توليها المنصب الحزبى وقيامها بوضع خطة لهيكلة الأمانات في كل المحافظات، وهو ما شعر به شباب الدستور والذين طالبوها بالترشح على منصب رئيس الحزب خلال مؤتمره العام الأول المقرر عقده في شهر سبتمبر المقبل بعدما رأوا حرصها الشديد على مصلحة الحزب. وتعكف «إسماعيل» خلال الوقت الحالى على التفكير جيدًا في خطوتها المقبلة سواء بالاستمرار في الحزب أو تقديم استقالتها والاكتفاء بما قدمته للدستور خلال الفترة السابقة.