الرئيس: الاحتفال بالمولد النبوي يبعث في الأمة الإسلامة معاني الإنسانية الحقيقية    الأحزاب تتوافق على تعديل قانون الإجراءات الجنائية لتحقيق العدالة وضمان الحقوق    بدء الكشف الطبي على الطلاب الجدد بجامعة جنوب الوادي الأهلية| صور    محافظة جنوب سيناء تعلن تحمل 50% من مصروفات طلاب المدرسة المصرية اليابانية بالطور    المجلس العالمي للمياه: 60% من أحواض الأنهار الدولية لا تخضع لأطر لفض المنازعات    وزير المالية: نتطلع لزيادة استثمارات دول الاتحاد الأوروبي في مصر    استعدادات مكثفة لتدشين مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان» بأسوان    رئيس جهاز شئون البيئة: مصر نفذت برنامجا طموحا لحماية طبقة الأوزون    تعرف على أسعار الزيت اليوم الإثنين 16-9-2024 في الأسواق    ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت اليوم الاثنين في الأسواق (موقع رسمي)    الإعلام الأمريكي يكشف عن تفاصيل المحاولة الثانية لاغتيال ترامب    وزير الخارجية: مصر أكثر دولة متضررة من التصعيد في البحر الأحمر    محمد صلاح يشارك فى مران ليفربول الأخير قبل قمة ميلان بدورى الأبطال.. صور    الإعصار بيبينكا يجتاح مدينة شنغهاي الصينية    كاف يعلن موعد قرعة «أمم أفريقيا للكرة الشاطئية - مصر 2024»    برشلونة يكشف طبيعة إصابة أولمو.. ومدة غيابه    كولر يمنح لاعبي الأهلي راحة سلبية من التدريبات غدًا    بايرن يوضح إصابة مدافعه ويعلن غيابه لفترة    الأمن العام يكشف غموض سرقة 1100 «تابلت» من مخازن التربية والتعليم    تأجيل محاكمة 12 متهمًا في قضية شبكة الفساد الكبرى بوزارة الري    ضبط 2 طن جبنة رومي ولانشون منتهي الصلاحية بالغربية قبل بدء العام الدراسي    «شو جون» يفوز بنصيب الأسد من جوائز «إيمي»    تحت شعار «المسرح.. مقاومة» مهرجان شباب الجنوب يحتفي بفلسطين    وزير الأوقاف: جاء نبينا صلى الله عليه وسلم بالعمران ونهى نهيا شديدا عن الفساد في الأرض    شيخ الأزهر: القتال في الإسلام لا يُباح للمسلمين إلا لرد العدوان على حياتهم    ننشر نص كلمة الرئيس السيسي خلال الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف    محافظ المنيا يفتتح تطوير قسم العناية المركزة بمستشفى سمالوط التخصصي| صور    الكشف على 763 مواطنًا بالقافلة الطبية بمركز دشنا في قنا    رئيس شعبة الأدوية يكشف مفاجأة عن زيادات أخرى قادمة في سعر الدواء    فيلم أهل الكهف في المركز الأخير بدور العرض.. حقق 1490 جنيها خلال يوم    مؤتمر صحفى لمهرجان الموسيقى العربية 32 بالأوبرا الأربعاء المقبل    لافروف: الأوضاع الإنسانية في غزة والضفة الغربية كارثية    «الإصلاح والنهضة»: التسهيلات الضريبية خطوة حاسمة لجذب الاستثمار في مصر    نائب رئيس المصري: سنلجأ إلى المحكمة الرياضية الدولية ضد حسام حسن    في دقيقة واحدة.. شابات أمريكا تتأهل لنصف نهائي كأس العالم بسيناريو مثير على حساب ألمانيا    علي أبو جريشة وعماد سليمان يعتذران عن عدم الاستمرار باللجنة الفنية في الإسماعيلي    دفاع أحمد فتوح يطالب بالاحتكام إلى فتاوى دار الإفتاء لتحديد قيمة الدية الشرعية فى القتل الخطأ    مصرع عاملين وإصابة 23 آخرين إثر حادث انقلاب سيارة في المنيا    الاحتلال الإسرائيلي يعتدي بالضرب على فلسطينيين عند مدخلي إذنا والفوار بالخليل    إعلام إسرائيلي: نتنياهو يستعد لإقالة وزير الدفاع جالانت    محمد كيلاني يرد على متابع «قاله إنت شبه كريم فهمي»: «احنا اخوات»    محلل سياسي: نتنياهو يماطل في قبول صفقة التبادل حتى الانتخابات الأمريكية    أنور قرقاش يثير تفاعلا على «أكس».. لا يوجد حل عسكري للصراع في السودان    «قتله صديقه لسرقة هاتفه».. حل لغز العثور على جثة شاب بالفيوم    عاجل.. «المتحدة» تطلق برنامج «جين زي».. أكبر مسابقة بين طلاب جامعات مصر    موعد إعلان نتيجة المرحلة الثالثة من تنسيق القبول بالجامعات 2024    سفيرة «حياة كريمة»: المبادرة تسعى لاكتشاف مواهب الأطفال وصقلها    أستاذ جراحة صدر: التدخين سبب إصابة 90% من المواطنين بسرطان الرئة    جامعة القاهرة تواصل فعاليات معسكر قادة المستقبل حول بناء الإنسان وتعزيز الهوية الوطنية    مدير "الشباب والرياضة" بالقليوبية يشهد اللقاء الحواري تحت شعار "مع الشباب"    منها برج الحوت والقوس والجوزاء .. أبراج هيتغير حالها في 2025 (التفاصيل)    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة    السجن المشدد 10 سنوات للمتهمين بسرقة سيارة بالإكراه في الشرقية    دراما النصر.. فيلم يوثق الأعمال الفنية خلال حرب الاستنزاف ونصر أكتوبر    الصحة تعلن نجاح الفريق الطبي بمعهد القلب القومي بإجراء قسطرة معقدة باستخدام جهاز الإيكمو    الشيخ أحمد الأزهري: مسجد سيدنا الحسين مكان يجمع فيه القلوب على المحبة والخير    خسوف القمر 2024: موعد وأماكن الرؤية وأهم التفاصيل    عاجل.. حل رابطة الأندية المحترفة! شوبير يكشف ما وراء الكواليس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإفتاء تحذر من تصوير الأفعال الفاضحة ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي
نشر في فيتو يوم 16 - 03 - 2023

ورد سؤال إلي دار الإفتاء يقول فيه صاحبه ما حكم من يقوم بتصوير الأفعال الفاضحة المُخلّة بالحياء في الطريق العام ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي؟ وهل يختلف الحكم إن كان القصد من ذلك هو من باب إنكار المنكر؟"، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:
حرص الإسلام على احترام خصوصية الآخرين
حرص الإسلام على احترام خصوصية الإنسان، وهو أمر داخل في مقصد حفظ العرض، وهو أحد المقاصد الكبرى للشريعة، وشرع الله عزَّ وجلَّ لأجل ذلك من الأحكام والتشريعات ما يحفظ به للإنسان حقه في الخصوصية، في هيئته وصورته، وهذا ليس مقصورًا على أن يخترق الإنسان سترًا مسدلًا أو أن ينظر إلى عورةٍ، بل هو نهيٌ عن عموم اختراق خصوصية الآخرين بغير علمهم وبغير ضرورة لذلك.
ولما كان حفظ خصوصيات الجسد في هيئته وصورته أمرًا واجبًا؛ لا يحل استباحته إلا لسبب مما استقر على تسميته بأسباب الإباحة، وهي حالات تبيح -على خلاف الأصل- ما كان محظورًا؛ كأن يكون له سلطة قانونية تبيح له هذا التصوير: فقد جعلت الشريعة الإسلامية من آدابِ الطريق العام: غض البصر؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ» فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ؛ إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا» قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ» متفق عليه.
وإذا كان من آداب الطريق، غض البصر، وكفُّ الأذى، فإن تصويرَ الناس فيه دون علمهم يشتمل على تجاوز غض البصر إلى استراق النظر وخرق الخصوصية التي كفلها الشرع الحنيف لعباده.
التحذير من تتبع عورات الناس وعيوبهم
أمر الشرع الشريف بالستر وغض الطرف عن عثرات الناس وعيوبهم، وعدم تتبع عوراتهم، وعدم التشهير بهم؛ لئلا يكون سببًا في نشر السوء من وجه، وسترًا وعونًا على التوبة وإصلاح النفس من وجه آخر؛ فعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وفي رواية أخرجها الإمام ابن ماجه في "سننه": «مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ»؛ قال الإمام الصنعاني في "سبل السلام" (2/ 638، ط. دار الحديث): [من ستر مسلمًا اطلعَ منه على ما لا ينبغي إظهارهُ من الزلاتِ والعثراتِ، فإنه مأجور بما ذكره من سترهِ في الدنيا والآخرة؛ فيسترهُ في الدنيا بألَّا يأتي زلةً يَكْرَهُ اطلاعَ غيرهِ عليها، وإن أتاها لم يُطلعْ الله عليها أحدًا، وستره في الآخرة بالمغفرة لذنوبه وعدم إظهار قبائحه وغير ذلك] اه.
حكم تصوير ما يخل بالحياء العام ونشره على وسائل التواصل
تصوير ما يُخلّ بالحياء العام ونشره على وسائل التواصل، وجعلُ ذلك عرضة للتداول بين الناس أيًّا كانت وسيلة النشر والغرض منها -التربح أو إنكار المنكر أو الانتقام -أمرٌ يتعارض مع ما سبق ذكره، ويُعدُّ هتكًا لستر الآخرين بغير سبب مبيح، وهو إشاعة للفاحشة في المجتمع، فهو فعلٌ محرمٌ شرعًا، وموجب للإثم والعقوبة إن لم يلحقه توبة؛ لقول المولى عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النور: 19]. والآية عامة في الذين يَلتمسون العورات، ويشيعون الفواحش.
قال الإمام فخر الدين الرازي في "مفاتيح الغيب" (23/ 345، ط. دار إحياء التراث العربي): [لا شك أن ظاهر قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ﴾ يفيد العموم، وأنَّه يتناول كل مَن كان بهذه الصفة.. العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؛ فوجب إجراؤها على ظاهرها في العموم] اه.
وعن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَنْ بَغَى مُؤْمِنًا بِشَيْءٍ يُرِيدُ بِهِ شَيْنَهُ حَبَسَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو الشيخ الأصفهاني في "التوبيخ والتنبيه".
وفي رواية: «وَمَنْ قَفَّا مُسْلِمًا بِشَيْءٍ يُرِيدُ بِهِ شَيْنَهُ» أخرجها ابن أبي الدنيا في "الصمت"، والطبراني في "المعجم الكبير"، وفي رواية أخرى: «وَمَنْ رَمَى مُسْلِمًا بِشَيْءٍ» أخرجها أبو داود في "سننه".
قال العلامة مظهر الدين الزَّيْداني في "المفاتيح في شرح المصابيح" (5/ 242، ط. دار النوادر): [قوله: «مَنْ قَفَّا مُسْلِمًا» أي: من تبع مسلمًا؛ يعني: مَن تجسَّس عن حال مسلم؛ ليُظهر عيبه وليعيره: حبسه الله على الصراط حتى يَنْقَى مِن ذلك الذنب بإرضاء خصمه أو بالتعذيب] اه.
خطورة إشاعة الفاحشة في المجتمع والتحذير منها
جعل الشرع الحنيف إشاعة الفاحشة مساويًا في الوِزْر لفعلها؛ لعِظَم الضرر المترتب في الحالتين؛ فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "القائلُ الفاحشةَ والذي يشيع بها في الإثم سواء" أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"، وقال عطاء رضي الله عنه: "من أشاع الفاحشة فعليه النكال، وإن كان صادقًا" أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"، وأورده عبد الرزاق في "المصنف" بلفظ: "على الذي يشيع الفاحشة نكال وإن صدق".
فالإنسان مأمورٌ -كما سبق- بسترِ حالِ غيرِهِ وغَضِّ الطرْفِ عن فِعلِه، إن هو اطَّلع على شيءٍ من أموره وأحواله، لا بكَشْفِها وفَضْحِ أمْرِه؛ امتثالا لقولِهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ» متفق عليه؛ ولقولِهِ صلى الله عليه وآله وسلم لهَزَّالٍ رضي الله عنه حين أمر خادمه ماعزًا رضي الله عنه بأن يخبر عن فعلته ليُقام عليه الحد: «وَيْلَكَ يَا هَزَّالُ، لَوْ كُنْتَ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ» أخرجه أحمد في "المسند"، والنسائي -واللفظ له- والبيهقي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
حث الشرع الشريف الإنسان أن يستر على نفسه إذا وقع في معصية
فضلًا عن هذا؛ فإن الشرع الحنيف لم يكتف بالأمر بالستر على الآخرين، وإنَّما تطرق إلى أن الواجب على الإنسان أن يستر على نفسه خطأه، وألَّا يظهر عيبه أو يفضح نفسه إن وقع في معصية أو اقترف إثمًا؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا، فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ، نُقِيمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ» أخرجه الإمام مالك في" الموطأ" واللفظ له، والحاكم في "المستدرك".
قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (5/ 337، ط. أوقاف المغرب) شارحًا الحديث: [وفيه أيضًا ما يدل على أنَّ السِّتْرَ واجبٌ على المسلمِ في خاصةِ نفسهِ إذا أتى فاحشةً] اه.
وقال الإمام ابن رشد في "المقدمات الممهدات" (3/ 256، ط. دار الغرب الإسلامي): [الإنسان مأمور بالستر على نفسه وعلى غيره] اه.
ويقول أيضًا في "البيان والتحصيل" (4/ 262، ط. دار الغرب الإسلامي): [الفواحش يجب على الرجل أن يسترها على نفسه وعلى غيره] اه.
ماذا يفعل الإنسان إذا وقع في معصية
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب في شرح روض الطالب" (4/ 131، ط. دار الكتاب الإسلامي): [والمراد بقولهم: يستحب أن يستر على نفسه المعصية ألَّا يظهرها لِيُحَدَّ أَوْ يُعَزَّ فيكون إظهارها خلاف المستحب، أما التحدث بها تَفَكُّهًا أو مجاهرة فحرام قطعًا للأخبار الصحيحة فيه نَبَّهَ عليه الْأَذْرَعِيُّ] اه.
وقال العلامة ابن قدامة في "المغني" (10/ 182، ط. مكتبة القاهرة): [إنما ورد الشرع بالستر، والاستتار] اه.
يضاف إلى ذلك أَنَّ نشر الفضائح الأخلاقية للآخرين على وسائل التوصل للتشهير يغلب ألَّا يكون مقصده سليمًا؛ بل غالبًا ما يندرج تحت طلب مذموم للشهرة؛ وقد ورد عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «حَسْبُ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ -إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللهُ- أَنْ يُشِيرَ إِلَيْهِ النَّاسُ بِالْأَصَابِعِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ»، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يُشَارَ إِلَيْهِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللهُ» أخرجهما البيهقي في "شعب الإيمان".
موقف القانون المصري من التعدي على حرمة الحياة الخاصة بالآخرين
نص المشرع المصري على وجوب معاقبة كلِّ من يعتدي على حرمة الحياة الخاصة للآخرين، سواء كان ذلك بالتنصت عليهم، أو التسجيل لمحادثاتهم، أو تصويرهم، أو نقل صورهم الخاصة بأيِّ وسيلة من الوسائل، كما جاء في المادة (309) مكررًا من قانون العقوبات المصري رقم (85) لسنة 1937م وفقًا لآخر تعديل صادر في 20 نوفمبر عام 2021م، والمادة (25) من القانون رقم (175) لسنة 2018م بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
حكم نشر الفعل الفاضح وإشاعته بقصد إنكار المنكر
لا يختلف الحكم في ذلك بكون المقصد من النشر هو إنكار المنكر؛ لأن إنكار المنكر له ضوابط وثوابت لا ينبغي إغفالها، وفي مقدمتها: أن يكون الإنكار بطريقة مشروعة، وألا يترتب عليه مفسدة- بحيث تكون المصلحة فيه راجحة على المفسدة- وفقًا للقاعدة الفقهية: "درء المفاسد أولى من جلب المصالح". كما في "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 87، ط. دار الكتب العلمية).
فلا يصح الارتكاز هنا على دعوى إنكار المنكر بنشر الفعل الفاضح وإشاعته؛ لاشتماله على عدة مفاسد وأفعال مستقبحة تفوق الفعل في نفسه، وقد تقرر أنه "لا يجوز إنكار المنكر بما هو أنكر منه".
حكم إبلاغ السلطات بوقوع الأفعال المخلة بالحياء
ليس في إبلاغ ولي الأمر شيء من المحظورات السابقة، ولا يتعارض ذلك مع الأمر الوارد بالستر والاستتار على النحو السابق تقريره؛ قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم" (16/ 135، ط. دار إحياء التراث العربي) عند شرح قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»-: [وأما الستر المندوب إليه هنا فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممَّن ليس هو معروفًا بالأذى والفساد، فأما المعروف بذلك فيستحب ألَّا يستر عليه بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة؛ لأن الستر على هذا يُطْمعهُ في الإيذاء والفساد وانتهاك الحرمات وجسارة غيره على مثل فعله.. فلو رفعه إلى السلطان ونحوه لم يأثم بالإجماع] اه.
وقال الإمام الصنعاني في "سبل السلام" (2/ 638): [فلو رفعه إلى السلطان كان جائزًا له، ولا يأثم به، قلت: ودليله أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يَلُمْ هزالًا ولا أبان له أنه آثم، بل حرضه على أنه ينبغي له ستره، فإن علم أنه تاب وأقلع حرم عليه ذكر ما وقع منه ووجب عليه ستره، وهو في حق من لا يعرف بالفساد والتمادي في الطغيان، وأما من عرف بذلك فإنه لا يستحب الستر عليه، بل يرفع أمره إلى من له الولاية إذا لم يخف من ذلك مفسدة؛ وذلك لأن الستر عليه يغريه على الفساد ويجرئه على أذية العباد ويجرئ غيره من أهل الشر والعناد] اه.
وهذا يدخل في حق التبليغ عن الجرائم المقرر لكل من علم بوقوع جريمة - وفقًا للمادة (25) من قانون الإجراءات الجنائية رقم (150) لسنة 1950م، طبقًا لآخر تعديلاته في عام 2020م - كنوع من أنواع استعمال الحق، باعتباره أحد أسباب إباحة الفعل غير المشروع في القانون المصري والفقه الإسلامي.
ولا يجوز لأحد بحال من الأحوال أن يسوغ لنفسه استباحة ما خص الله به غيره، إلا بسبب مشروع من "أسباب الإباحة" حرمة للخصوصيات واحترامًا لها وحفظًا للأعراض.
التحذير من تصوير الأفعال الفاضحة ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي
بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن القيام بتصوير الأفعال الفاضحة للآخرين ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي وغيره؛ يُعدّ إشاعة للفاحشة في المجتمع ومن التعدي على قيمه وثوابته، وهو عمل محرمٌ شرعًا ومجرمٌ قانونًا، ولا يُعدّ من إنكار المنكر في شيء؛ بل هو منكر في ذاته، والأجدر للناشر تقديم العون والنصيحة والإرشاد للفاعل ومنعه من ارتكاب هذا الفعل قدر إمكانه، بدلًا من التصوير والتشهير به، وأن ينأى بنفسه عن الوقوع في التهلكة أمانًا له، وصونًا لمجتمعه ووطنه، والواجب على أفراد الناس إذا وقعت تحت أيديهم مثل هذه المقاطع والصور ألَّا يُعاودوا نشرها أو ترويجها.
ما هي بدائل الشبكة الذهب للمقبلين على الزواج في الإسلام.. الإفتاء تجيب
حكم الكتابة على العملات الورقية؟ الإفتاء تجيب
ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل: الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.