نسخة من مصر المحروسة .. فيها العالم والعابد.. «أبو دقن» وأبو سكسوكة وأرباب «التاتو» .. الليبرالى والمتأسلم والمستسلم.. البيه والبواب.. الدكتور والجزار والشاعر والفاجر وابن السبيل.. وأحمد ومنى ومينا وسلسبيل.. زورونا تجدوا ما يسركم، لكنكم أبدا لن تجدوا الصادق. يوم الجمعة الماضي طلبنى شباب تمرد لحضور حفل الإفطار الجماعى في ميدان التحرير.. لم أرفض الدعوة.. لكن ردى كان "اللى فيه الخير يقدمه ربنا".. بعدها بدقائق طلبنى الشيخ صفوت حجازى للإفطار في ميدان رابعة العدوية..وكان نفس الرد "اللى فيه الخير يقدمه ربنا".. زملائى في درب الفشارين كانوا ينوون تناول الإفطار في ميدان التحرير نظرا لمواقفهم السياسية المعلنة.. زميلى سحلول القاضى أكد لى أنهم سيتحركون إلى التحرير في تمام الساعة الخامسة بعد العصر حتى يتمكنوا من مشاركة الشباب فرحتهم بنجاح ثورتهم.. قلت له: إننى أفكر في الذهاب لميدان رابعة وأشاركهم الإفطار هناك، باعتبار أن جميع الزملاء في درب الفشارين سيذهبون للتحرير، ولابد أن يشارك أحدنا معتصمى رابعة باعتبارهم جزءا من أبناء هذا الوطن.. ضحك الزميل أبوطقة- كبير درب الفشارين- وقال لى: طبعا انتى تريدين الذهاب لميدان رابعة عقب سماعك لفتوى جهاد النكاح.. أتريدين أن تجاهدى ياسطوطة هناك في رابعة؟! قلت له: وماذا في ذلك.. أنت تعلم أننى لم أجرب هذا من قبل لا في الحرام ولا في الحلال.. الشباب في الجريدة وفى الحى الذي أسكن فيه لا ينظرون إلىّ بشهوة مطلقا وكأننى لست أنثى في هذا المجتمع.. يعنى الحلال خلاص بح.. وأيضا الحرام بح.. فلا أحد يفكر مطلقا في العبث معى لا أدرى لماذا.. رغم أننى أضع على وجهى أغلى ماكياج في العالم وأتعطر بأفخم أنواع العطور.. ومن ضمنها العطور التي تجلبها لى أنت بنفسك ياعمنا كلما عدت من إحدى سفرياتك الخارجية.. أنا خلاص هطق ونفسى أعيش الموضوع ده.. فقررت أن أذهب للإفطار هناك.. وعسى أن يطلب منى أحدهم الجهاد فيكون قد تحقق لى ما أريد دون انحراف.. يعنى حلال وبفتوى المشايخ وعلنى ياباشا!! قال سحلول: ألهذا الحد انتى مستعدة للتضحية بنفسك من أجل محمد مرسي ياسطوطة؟! قلت: محمد مرسي إيه يا سحلول.. هو أنا بأذن في مالطة من الصبح.. بقول لك نفسى أدخل دنيا ولو حتى في الحرام.. وهاهى قد جاءت لي على "الطبطاب".. حلالا بلالا وفى ميدان عام.. قال لى أبو طقة: إذن اذهبى..لكن إذا طلبوا منك الجهاد بالنكاح قولى لهم على سنة الله ورسوله.. يعنى اللى عايز ينكح يتجوز رسمى عند مأذون.. وبهذا من الممكن أن "تسحبى" من سيتزوجك وتخرجى به من الميدان وتعيشى معه في تبات ونبات!! قلت: يا سلام يا سيدى.. وما الذي يرغمه أن يتزوجنى.. طبعا هيرفض وبشدة.. الشباب رايحين الميدان علشان يستمتعوا دون أي مسئوليات بعد ذلك.. وثانيا هذه أناس تنتظر الموت ولا تفكر في الزواج.. وإذا فكروا في الزواج لن أكون أنا.. وكفى نقاشا في هذا الموضوع ولا تحسرنى على نفسى ياعم أبوطقة! كانت الساعة قد قاربت على السادسة قبل المغرب..وكان جميع زملائى في درب الفشارين قد ذهبوا إلى ميدان التحرير وتركونى حائرة في أمرى وهم يتضاحكون من قرارى هذا ويحسبونه من باب التهريج.. ظنا منهم أننى قررت ألا أذهب معهم إلى التحرير وأننى أنوى إفطار المغرب في البيت.. إلا أننى كنت أفكر بجدية ولا أخفى عليكم سرا أن مشاعر الأنوثة بدأت تتفجر في جسدى.. وسرى في عروقى إحساس كنت قد افتقدته منذ زمن.. جلست أتحسس هاتفى المحمول قبل أن أقرر الاتصال بالشيخ صفوت حجازى وأسأله عن حال ميدان رابعة كمقدمة لفتح أي حوار أعرف منه ما يجرى هناك! قلت: إيه يا شيخ الأخبار.. وهل امتلأ الميدان كما كنا نتوقع أم العكس؟! قال: الميدان مملوء عن آخره يا سطوطة هانم.. ورجال الصعيد والفلاحين جاءوا من كل مكان وسيكون أكبر إفطار جماعى في التاريخ إن شاء الله.. قلت: أكيد طالما مشايخنا العظام الذين يحبهم الناس ويصدقونهم في كل شيء موجودين بالميدان! قال: أنا هنا نقلت لهم في إذاعة الميدان أن سطوطة الفنجرى هانم أشهر فشارة في مصر والوطن العربى ستأتى لتتناول معنا وجبة الإفطار في ميدان رابعة.. وقد علت الصيحات من الشباب فرحا بقدومك يا ست الكل! قلت: بجد يا صفوت؟! قال: طبعا يا سطوطة هانم..هو انتى شوية؟! قلت: ميرسى ياحبيبى.. أنا نفسى أجرى وأجيلكم لكنى بصراحة خايفة.. وانت مش غريب يا صفوت بيه! قال: ومم تخافين يا سطوطة هانم؟! قلت: من فتوى جهاد النكاح التي أفتيتم بها للشباب في ميدان رابعة! قال: وما الذي يخيف في ذلك.. فهذا جائز شرعا! قلت: أعلم أنه جائز لكن مش أي حد يا صفوت.. يعنى أنا ممكن أن أجاهد معك انت أو مع المرشد العام للجماعة! قال: أنا الخيمة بتاعتى مليانة مجاهدات وكذلك الدكتور بديع.. لكن ممكن تجاهدى مع نور الدين عبد الحافظ..فالسيدات هنا والبنات يرفضن الجهاد معه! قلت: ومن هو نور الدين هذا؟! قال: خميس بتاع قناة 25 الإخوانية! قلت: يعنى أنا أصوم أصوم وأفطر على خميس ياعم صفوت؟! قال: إنتى بس عيشى الحياة مع خميس وربنا هيسهلها لك أكيد وهتلاقى حد تانى يرضى أن تجاهدين معه يا خالة سطوطة! قلت: إنت كمان بتقول خالة.. دا شىء لا يطمئن.. أنا أخشى أن أحضر للميدان والجميع يقول لى يا خالة سطوطة ولا يفكرون في تلبية رغبتى في الجهاد معهم.. حاول أن تتصرف يا صفوت.. فهذه آخر فرصة لى كى أجرب النكاح.. أنا أريد أن أجاهد من أجلكم وأنتم تخذلوننى بهذا الشكل! قال: طب إيه رأيك في البلتاجى.. أنا ممكن أكلمه وأقول له إنك تريدين الجهاد معه بالنكاح في سبيل الله.. وهو يعشق الشخصيات المشهورة! قلت: لا ياعمنا.. يعنى أنا وافقت على الجهاد معكم وأنت لا ترشح لى غير بواقى البنى آدمين.. إما خميس أو البلتاجى.. إذن لا ياعمنا لن أجاهد وسأفضل أن أبقى هكذا بقية حياتى! قال: تعالى ياخالة وبالتأكيد ستجدين من تجاهدين معه من المجاهدين القادمين من الصعيد والوجه البحرى! قلت: لا.. أنا سأنتظر حتى يخرج محمد العمدة من السجن ويأتى للميدان..فهذا الشاب راضع من لبن أمه ولبن جاموسة الجيران ولبن البقرة الضاحكة.. أو خيرت الشاطر حبيبى فلى معه ماض لكن لم يكتمل وستكون فرصة أن يكتمل في شكل جهاد.. أو حتى الكتاتنى الرايق ده.. لكن خميس لأ.. البلتاجى لأ.. فأنا لن أصوم أصوم وأفطر على بصلة!