طالب خبراء اقتصاديون بتعديل بنود الموازنة العامة للدولة لتحسين الأداء الاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية، وأيضا لوجود خلل واضح ببنودها وإهدار أموال الدولة على أمور لا تستحق، في وقت تعاني فيه الموازنة من عجز يقتضي تقليصه، وتعديل الموازنة بما يحقق إيرادات كبيرة ويقلل من الإنفاقات غير المبررة التي تشكل عبئا كبيرا على الاقتصاد المصري في المرحلة الراهنة، وفي الوقت ذاته يضمن الاستفادة الكاملة من موارد الدولة. المستشار الاقتصادي للمفوضية الأوربية، الدكتور صلاح جودة، يؤكد أهمية إجراء تعديلات على الموازنة العامة للدولة، مشيرا إلى ضرورة تغييرها تماما من ناحية الشكل والمضمون، ووصف جودة الموازنة العامة للدولة بأنها موازنة "فقر"، لأنها تعكس ترديا فكريا واضحا لمن وضعوها ولا تحقق الإيرادات الاقتصادية التي تتناسب مع دولة غنية بالموارد كمصر، موضحا أن الموازنة لا تختلف كثيرا عن الموازنات العامة للدولة والتي تم وضعها منذ تولي الرئيس المخلوع مبارك في يناير 1982، وما تلاها من موازنات. وأضاف جودة أن التعديلات المنتظرة ينبغي أن تتلاءم مع إمكانات مصر الجديدة، وطموح الشعب المصري، الذي قام بثورة 25 يناير من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، مطالبا بضرورة أن تخرج الموازنة العامة للدولة من عباءة "الأربع تربع"، والتي كان يخصص فيه 25% من الموازنة للدعم و25% لفوائد القروض، و 25% للأجور، و25% للاستثمارات. وأوضح جودة أنه ينبغي إعادة النظر في كافة الإنفاقات الخاصة بالدعم، البالغ 205 مليارات جنيه بالموازنة، في الوقت الذي لا يستفيد فيه المواطن سوي ب 30% فقط كحد أقصي من هذا المبلغ، والباقي يتم إهداره على الفاسدين والمحسوبيات وجيوب الوسطاء، كذلك من المفترض أن يتم تعديل بندي الإنفاق على التعليم والصحة، بما يتناسب مع المعدلات العالمية، حيث يخصص لهم نحو 1.5% من الناتج المحلي، مقابل من 15% إلى 20% في الدول الاخري، وينبغي أيضا إعادة النظر في كافة الإنفاقات المتعلقة بالدعم، وزيادة الإيرادات للموازنة بما يتماشي مع موارد الدولة الحقيقية، وإيجاد الحلول المناسبة للخروج من مأزق الديون الداخلية والخارجية. وفي سياق متصل قال الدكتور حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي، رئيس أكاديمية السادات الأسبق، إنه يرجح تعديل العديد من البنود الخاصة بالموازنة العامة للدولة، وعلي رأسها إلغاء الدعم على المصانع كثيفة استهلاك الطاقة وتخفيض المكافآت الخاصة بالمستشارين، كذلك زيادة ما تحصل عليه الموازنة العامة من الصناديق الخاصة، بحيث لا يقل عن 40%، بدلا من 25% حاليا. وطالب عبد العظيم بضرورة تعديل الضرائب، وتحصيل ضريبة تصاعدية تصل إلى 40% من الأرباح التي تتجاوز نصف مليار دولار، و35% ابتداء من ربع مليار دولار، و30% على الأرباح التي تصل إلى 100 مليون جنيه، و25% من الأرباح التي تبلغ 10 ملايين جنيه، و15% على الأرباح التي تقل عن 10 ملايين جنيه، أيا كانت بعد حد الإعفاء من الأعباء العائلية. وطالب الخبير الاقتصادي أيضا بزيادة الضرائب على السلع الكمالية المستوردة والتي يطلق عليها سلع "استفزازية"، كذلك السلع التي لها بديل محلي، كما ينبغي أيضا زيادة ضرائب المبيعات على تلك السلع وتحويلها إلى ضريبة على القيمة المضافة. ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفي النشرتي، إن الموازنة العامة للدولة لم يتم مناقشتها بجدية، وهو ما أسفر عنه عجز شديد بها، وما يزيد الطين بلة هو عدم إيجاد مصادر واضحة لتمويل هذا العجز، لافتا إلى أن الموازنة بها بنود عديدة غير مبررة للمصروفات، وبالتالي فنحن ننتظر من حكومة الببلاوي تعديل هذه الموازنة، بهدف تخفيض الإنفاق الحكومي وتطبيق القانون الذي أصدره "الببلاوي" أثناء توليه منصب وزير المالية في حكومة عصام شرف، بوضع حدين أدني وأقصي للأجور، كذلك دمج الصناديق الخاصة بالكامل في موازنة الجهات التابعة لها، الأمر الذي سيحقق فائضا في الموازنة قد يصل إلى 60 مليار جنيه. وطالب النشرتي بإصدار قانون ضريبة القيمة المضافة على المصانع والمستوردين، وإلغاء ضريبة المبيعات التي يتحملها المواطن البسيط، بما يضمن زيادة موارد الدولة من جهة وتحقيق العدالة الاجتماعية من جهة أخرى، ويضمن أيضا توزيع الأرباح، وبالتالي حصول الدولة على نصيبها من تلك الأرباح، والباقي بعد خصم الضريبة المضافة يتم توزيعه طبقا للقانون. ويري النشرتي ضرورة إلغاء التجنيد للأمن المركزي وقصره على الجيش فقط، لتخفيض الإنفاق بالموازنة، إذ يبلغ عدد المجندين بالأمن المركزي 200 ألف مجند، بنفقات تتجاوز 20 مليار جنيه.