الأنبا بولا يشارك في احتفالات انتصارات 6 أكتوبر بالغربية    10 اكتوبر.. حسام حسن يعقد مؤتمرا صحفيا لمباراة موريتانيا    أحد أبطال أكتوبر ببني سويف: أدركنا قرب موعد العبور من نداء قائد الكتيبة لنا «أيها الشهداء الأحياء»    "بدأوا ب140 فردا وعادوا 141".. "الطريق إلى النصر" يكشف بطولات القوات المسلحة في عملية لسان بور توفيق    زراعة المنيا: تعاون محلي ودولي لتنمية المرأة الريفية وصغار المزارعين اقتصاديا    تراجع أسعار الذهب في مصر بقيمة 20 جنيهًا خلال أسبوع    زراعة المنيا وتعاون محلي ودولي لتنمية المرأة الريفية وصغار المزارعين اقتصاديا    محافظ القاهرة يتفقد رفع علم مصر أعلى سارى طريق صلاح سالم    تحذير عاجل بشأن طلبات التصالح في مخالفات البناء بقنا    ميقاتي: الحل الوحيد لوقف معاناة الشعب اللبناني هو وقف فوري لإطلاق النار    ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين في غزة إلى 175    سانشو وجاكسون في هجوم تشيلسي أمام نوتينجهام بالدوري الإنجليزي    المرصد السوري: غارة إسرائيلية على معمل للسيارات الإيرانية بريف حمص    جامعة قناة السويس تحتفل بالذكرى ال 51 لانتصارات أكتوبر بتنظيم أنشطة    إنجاز تاريخي.. بطل التايكوندو عمر فتحي يحرز برونزية بطولة العالم للشباب    الغربية.. مصرع طفل في حريق ورشة دوكو بالمحلة    انقلاب سيارة محملة بالسولار في منطقة برانيس جنوب البحر الأحمر    اتحاد كتاب مصر يناقش دور الترجمة الفورية في العلاقات الدولية    اليوم.. مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية يحتفي بذكرى نصر أكتوبر    خبير اقتصادي: الدولة طورت سيناء زراعيا لزيادة الإنتاج والتصدير للخارج    الوادي الجديد.. تنظيم قافلة طبية لمدة يومين في قرية بولاق بمركز الخارجة    وزير الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 105 ملايين خدمة مجانية خلال 66 يوما    بعد إصابة نشوى مصطفى.. كل ما تريد معرفته عن الذبحة الصدرية    عناصر غذائية تساعد على تعزيز صحة الإنسان طوال عمره.. ما هي؟    تقرير: حرب أكتوبر أرست قواعد الوحدة بين أطياف الشعب المصري    وائل جسار يعتذر عن حفل مهرجان الموسيقى العربية تضامنا مع لبنان    اللواء أحمد المنصوري يكشف تفاصيل أطول معركة جوية    أوقفوا الإبادة الجماعية.. آلاف فى إسبانيا ينددون بالمجازر الإسرائيلية بغزة    عشرات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى تحت حماية قوات الاحتلال    غرق طالبين وإنقاذ ثالث بأحد الشواطئ بالبرلس فى كفر الشيخ    الداخلية تقدم تسهيلات للحالات الإنسانية بالجوازات    ضبط عملات أجنبية بقيمة 6 ملايين جنيه فى السوق السوداء    «الداخلية»: ضبط 8 أطنان دقيق مدعم في حملات لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز    قوات الاحتلال تعتقل 15 فلسطينيًا من الضفة الغربية    أسامة ربيع: قناة السويس ستظل الخيار الأول لكبرى الخطوط الملاحية    وزير الإسكان يتابع سير العمل بمحور "عمرو بن العاص" بمحافظة الجيزة    وزير الرياضة: إجراءات انتخابات الاتحادات الرياضية بدأت.. وهذا موقف قانون الرياضة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الأحد 6 أكتوبر على الصعيد المهنى والعاطفى والصحى    هلا رشدي تحتفل بعيد ميلادها وتصدر أغنية «زنجباري» التريند    دموع وحب وضحك.. لقطات من حفل زفاف ابنه الفنان علاء مرسى    دعاء الذنب المتكرر.. «اللهم عاملنا بما أنت أهله»    عمار حمدى: قاضية أفشة لا تقارن مع هدف منسى.. وهذا رأيى فى إمام وكهربا وشيكابالا    جوميز يشيد ب كوستا وندياى ويتنبأ بتألقهما مع الزمالك    رسميا.. غزل المحلة يتعاقد مع لاعب الترجي التونسي    علي معلول مستمر مع الأهلي في حالة واحدة فقط    إدارة الموسيقات العسكرية تشارك فى إقامة حفل لأطفال مؤسسة مستشفى سرطان 57357    قادة النصر.. "dmc" تستعرض مسيرة المشير أحمد إسماعيل خلال حرب أكتوبر 1973    تغطيات تاريخية وكشف للحقائق.. كيف ساهمت الشركة المتحدة في إحياء ذكرى انتصار أكتوبر المجيد؟    ضبط 3 عصابات و167 سلاحا وتنفيذ 84 ألف حكم خلال يوم    "مزمار الشيطان في بيت رسول الله".. رمضان عبد المعز يوضح: ماذا رد النبي يوم النصر؟    جيسوس مدرب الهلال يشيد بجماهير الأهلي بعد كلاسيكو الدوري السعودي    متصلة: خطيبي بيغير من الشحات في الشارع؟.. وأمين الفتوى يرد    إنفوجراف| حالة الطقس المتوقعة غدًا الإثنين 7 أكتوبر    رسميًا.. سعر الريال السعودي مقابل الجنيه اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024 بالتزامن مع إجازة البنوك    السيسي في ذكرى انتصارات أكتوبر: ستبقى خالدة تذكرنا بتلاحم الشعب والقيادة والجيش    تبون: الجزائر دخلت في طريق التغيير الإيجابي وستواصل مسيرتها بثبات نحو آفاق واعدة    «الإفتاء» توضح.. هل يجوز الأكل على ورق جرائد به آيات من القرآن؟    تفسير آية | تعرف على معنى كلمات «سورة الفلق»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصورة الذهنية سابقة التجهيز
نشر في فيتو يوم 07 - 08 - 2018

الصورة.. ربما تبني من الخيال الذي هو جزء من الوعي يحوى الكثير من الحواس، تنتقل ذاكرة الحواس إلى العقل الأيقوني لتشكل وترسم بفرشاة من الروح تعكس ذاكرة ما لحدث أو حلم قادم أو أداة إثبات أو نفي أو دعوة لإثارة.. أو ترسيخ لفكرة.. هو نمط من الشكل يخلق ليظل ثابتا على صراط خارج حدود الزمان والمكان.. يظل هناك ساكنا في منحنيات القلب أحيانا فاعلا ومرات مفعولا به.
الصورة تؤثر وتتأثر، تلعب بالمشاعر والأفكار، اللون، الظل، الزاوية، بطل الصورة.. القطع مستدير، مربع، مثلث، الخطوط متوازية، مستقيمة، متقاطعة، ربما متوارية لتشي بأكثر مما تقدم تلك الصورة.. الصورة لها رائحة وصاحبه إيقاع يتباين في درجة تأثيره ودرجة تأثره بالفكرة لها حضور أو ربما غابت لتبحث عنها.
الصور من طقوس المناسبات ربما تلخصت أحيانا المناسبة في البوم صورها، ومرات تأتي الأغنية كصورة لتتوج تلك المناسبة، فالأغنية أيضا هي صورة وجدانية تطرح مشاعر وأفكار تلمس ما بداخلنا، أو تدفعنا للوقوع في معني معين والتلامس معه، الصورة هي بطل في حياتنا منذ أزمنة بعيدة، هي أداة في التأثير على الوجدان.. وأداة للتعبير عن الوجدان، أداة في التأثير على العقول، أداة لطرح ما يدور داخل هذه العقول.
بداء الإنسان القديم بالرسم على الكهوف، رسم صيد الحيوانات، رسم الطبيعة للسيطرة عليها ثم تحولت الصور إلى رموز وأيقونات تجلب له النصر والتحقيقات وتجلب له الحماية.
رغب دوما الإنسان في تسجيل وتخليد كل ما يمر بحياته وأفكاره ومشاعره في شكل صور، ربما لهذا الدور الكبير الذي يحتله العقل الأيقوني داخل التكوين البشرى. وربما أن الذاكرة الفوتوغرافية هي من أقوى أنواع الذاكرات لدى الإنسان.. ربما أن الإنسان يعتز بملكاته الفريدة التي تميز بها عن سائر المخلوقات، هو المخلوق الوحيد القادر على الرسم والتصوير لكل ما يدور حوله.
تطورت الحياة الاجتماعية وتطور الإنسان فى استخدامه لكل أدوات الحياة، تطور استخدام الصور بشكل مبهر يدعو للإعجاب وتعددت وتنوعت أوجه الاستخدام، مجالات لا حصر لها في السينما، الفوتوغرافيا عبر الإنترنت، والأبحاث في والفلك والطب أو للمتعة والإبهار ولزرع أفكار أو لهدم أفكار.
معظم باقات التنوع البصرى تخدم أهدافا إيجابية ومنجزة، لكننا سنتوقف عند صندوق من الصور الذهنية سابقة التجهيز، والتي أتت الينا من عوالم تكاد تكون خفية لا نعلم مصادرها ولا تواريخها، ولكن في الحقيقة يتم استقبال الصور سابقة التجهيز بتصديقها وتناولها بيقين وايمان إلى أن تصبح جزءا منا ويتم اعتمادها كحقائق ثابتة.
أصبحت الصور الذهنية سابقة التجهيز تحيا بيننا وتنتقل عبر الأجيال تحمل مضامين غير مناسبة لسياق حياتنا وتفكيرنا الحالى تثقلنا بطقوس غير ذات جدوى...ومن سياقات كثيرة أجدها تسئ إلى كثيرين، بعيدين كل البعد عما قدم عنهم في تلك الأقصوصات من الصور الممنهجة الخالية من الحيادية.
قد صنع من أتم صنع الصور سابقة التجهيز وأنتج ومنحنا منحته، وهو يحمل داخل أركان عقله وأهدافه هو التي لم نجتهد لتحليلها أو إعادة فهمها، نتلقفها ككرة بينج بونج ونعيد تصديرها، لا نبذل الجهد في محاولة رؤية نقدية لها، أو حتى إمكانية تخطئتها فالعقلية النقدية لا تقوم بأداء دورها في معظم الأوقات. إنما تدخل في سبات عميق ويتم تداول الصور بلا مرجعية ذاتية حقيقية.
الصور الذهنية سابقة التجهيز تملأ حياتنا بالزحام تراهن على سبات العقل، أراها بوضوح تتراشق على نوافذ وجدران المنازل راسمة ظلالة باهتة رمادية في أغلب الأحيان تشبه الدخان.
هنا ويوجد ألبوم صور قديم له غلاف متداخل الألوان والنقوش، نقوشه تشبه نقوش صندوق جدتي الكبير، صور كثيرة داخل الألبوم سابقة التجهيز، بها مغالطات بعدد سنين ضوئية، كلها بفعل فاعل مع سبق الإصرار والترصد، والفاعل مجهول الهوية والجنس وقد اختفت شهادة ميلاده.
جميع الصور رغم قدمها تبدو للنظرة الأولى كأنها واضحة جدا، بدأت أعبث بالصور.. صورة شيطان ذي مخالب قبيح الوجه يحمل قرنان... ليس هكذا يرسم الشيطان، هذا القوى الذكي المتغلغل إلى النفس العابث بالعقول، اعتقد أنه جميل الطلة، بريء من المخالب والأنياب، يحمل على كفيه كؤؤس البهجة.. قام الفاعل المجهول برسم الصورة الأولى للشيطان، ووقفت أنا أتأملها وقررت إعادة رسمها كما أراها داخلي فرسمت الصورة الثانية....
يملأ الفاعل المجهول ألبوم الصور بصور جيرانه... صورة لرجل دين يتحلى بابتسامة صباحية، ويعبث في وجه مريديه تهديدا ووعيدا بجهنم تحرقهم، يخبرهم أن الرب غاضب، وأنهم خطاءون، وأن الحياة خطيئة كبرى إذ عاشوا فيها هانئين... رجوتك يا فاعل أن تدخل شيخك يشرب من نهر الكوثر، ويعود بلا عطشا حتى لا يشىرب عرق مريديه وتجف عروقهم.
تلك صبية ترقص في الحانة ليلا.. ترقص كي تحضر دواء لجدتها.. جدتها ترقد بجسد متهدل يلفظ الروح لبارئها لكن الرقدة أضحت سنوات، البنت ترقص أمام المارة في حانة بلا أسوار... لم تملك سوى جسد ممشوق فتجلى الرب الأعظم في إتمامه لم ترقص يوما في بيت مغلق يمتلكه تاجر غلال... لم تنم ليلتها على وسادة جارتها القبيحة، لم ترض أن تخدم في ييت الناظر وتكون ملك يمينه..
اما تلك الصورة ذات بريق ذهبي لسياسي قديم يخبرنا أنه نابغ.. ولا أحد من هناك قد تحدث عن أي نبوغ، الكل ينبئ عن لمعانه.. سيفه يلمع ونجوم تضوى على كتفيه، جيوش خيول لها ذيول فضية يسمع عنها أصوات نباح تقتل كل المارة..
أما صورة الجميلة.. بائعة زهور القرية فتلبس فستانا أحمر يتوهج ويغني.. يحمل خداها كل زهور الحقل ويغرس طابع حسن يقال عنه هو قبلة من مغرم بزهور الأوركيد البيضاء... تفتح شرفتها عند شروق الشمس وغروبها تبيع زهورا وعطورا.. وقد أخبرني أقدم رجل في القرية أنها تصنع خبزا مسموما من عطر الأوركيد الأبيض وتبيعه هناك. لمرضي السرطان..
أغلقت الصندوق
قررت أن أرسم
أرسم لوحة لصديقي هو حامل الصليب..
قد سابوه الأرض وماء النهر.. أعطوه القمح ليعمل طحانا يطحن ليل نهار، وصليب صديقي مرشوق يصعد إلى السماء، يشكر الرب ويصلي من أجل أبناءهم.
ساوقع إمضائي على اللوحة وسأكتب التاريخ
وليشهد التاريخ
توجد الكثير من الصور الذهنية سابقة التجهيز تحمل مغالطات ساذجة تخص فقط من رسمها.. أنماط من الصور تعبث بحياتنا وتكبل أفكارنا تستخدم من قبل الفاعل المجهول لإتمام تنميط سلوكنا ليصبح له السيطرة.
نحن يا سادة نملك منطقنا وأفكارنا وتجاربنا، لنا إرادة يجب علينا الوقوف أمام الصور سابقة التجهيز لتأملها وإعادة صياغتها بيقين ذاتي، وتوجه شخصي حقيقي ومقدرة حرة على التحليل والاستنتاج.
يجب أن تصبح مقدساتنا هي عابره لعقولنا نحن، مشمولة بخمر أفكارنا نحن.. يجب أن نمتلك القدرة على إعادة رسم الصور وتعميدها بقناعات خاصة وليس بصكوك وأختام الفاعل المجهول.
جميعا نمتلك العقل القادر على التحليل والاستنتاج، نمتلك الخصوصية لذواتنا وتذوقنا... فلم يعد من المقبول أن نوضع في براويز مذهبة، تحت ألواح زجاجية تعكس صورة من يقف أمامنا.
فلتكن صورنا هي انعكاس لأرواحنا وبصمة وجودنا بتنوعها وقيمتها، فلنتحرر ونعيد رسم كل الصور الذهنية السابقة التجهيز كي نرقي إلى حياة نحتارها وتناسبنا.. فليسقط الفاعل المجهول ولتتقدس الصور غير سابقة التجهيز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.