عشت أنا وغيري عذاب وقلق وتوتر وأحلام الثانوية العامة22 مرة مع نفسي واخوتي وبناتي وأبناء عائلتي.. ولم أر في حياتي هذا الإجرام الذي ابتلينا به هذه الأيام. إنها ليست امتحانا دراسيا بمشاكله المعروفة التي عشناها طلابا وأولياء أمور طوال55 عاما ماضية وإنما ما حدث هذا العام مصيبة بكل المعايير الإنسانية وجرائم وحشية ترتكب يوميا جهارا نهارا بلا عقاب ضد الطلاب وأولياء الأمور والنظام السياسي وصورة مصر امام العالم وبخاصة إفريقيا وآسيا. كيف يحدث هذا لنصف مليون من شباب مصر من الطلاب وما يزيد علي5 ملايين مواطن من أسرهم ولا يتحرك أحد؟؟ تسريب وإلغاء امتحانات ولجان خاصة للغش.. وإعادة امتحانات للطلاب.. ومكافآت للفاسدين في الوزارة وغيرهم.. وتقولوا الطلبة غاضبين ليه؟؟ طالب يتعلم ويذاكر ويجتهد ويهرع يوميا وراء الدروس الخصوصية طول السنة وأهله بذلوا الغالي لمساعدته وفجأة يكتشف انه انضحك عليه وسرقوا جهده وحلمه وخربوا حياته.. فماذا تتوقعون منه يا وزارة التربية والتعليم؟! لقد هالني ما أري.. ان الآباء والأمهات والطلاب منهكون لا ينامون صامتون ومسروقون ومذبوحون تأكلهم نار الغضب والحسرة.. وتتصاعد الأفكار الشريرة إلي عقولهم ضد كل شيء. ان التلاعب بمشاعر واحلام الناس الشرعية والقانونية ونشر الشائعات الملعونة وسرقة وتسريب الامتحانات الممنهج والمدعوم من قوي الكترونية ومجموعات فساد جرائم يحاسب عليها القانون المصري بعقوبات قاسية, ولم نجد حتي اليوم صدور احكام بحق الذين ضبطوا واعترفوا بارتكاب هذه الجرائم!! فلماذا ولمصلحة من؟؟ والأثر السلبي الذي عجزت وزارتا الخارجية والتعليم حتي اليوم عن التعامل معه والذي يبدو واضحا في تصريحات وزراء وقادة اجانب حيث وصفوا مصر بضعف قدراتها وفشلها في مجال التعليم بالذات بل قدم أعداؤنا أنفسهم كبديل لتقديم العلم لسبع دول في افريقيا علنا مؤخرا واستشهدوا بما حدث من تسريبات امتحانات الثانوية العامة كدليل علي انهيار التعليم في مصر. ولو أضفنا لذلك تراخي السياسيين من الحكومة والمعارضة في مواجهة الصور الإعلامية السلبية التي تتزاحم كل يوم لإظهار ضعف مصر في مجالات الإدارة وحقوق الإنسان والصحافة والإعلام والتقاضي والصحة والاقتصاد وأضيف لها التعليم مؤخرا.. لاكتشفنا ان مهزلة الثانوية العامة قد أضافت الكثير من الأدلة.. وأضرت بالصورة الذهنية والإعلامية لمصر خلال الشهور الثلاثة الماضية.. وهو ما سينعكس بالسلب علي الروح المعنوية للمواطنين داخليا وعلي المشروعات التنموية الكثيرة التي تحققت وتبني للمستقبل, كما سينعكس ذلك بالسلب ايضا علي قدرات مصر التفاوضية وصورتها امام الدول الاجنبية المتعددة التي نجحنا خلال العامين الماضيين في التواصل الفاعل معها دبلوماسيا واقتصاديا واستراتيجيا. إن الأمر جد خطير ويجب ان يحاسب وبسرعة وردع كل من تسبب في جرائم الثانوية العامة, ولا يكفي ان نتحدث عن تطوير نظام التعليم دون القضاء علي الفساد والمفسدين حرصا علي مستقبل طلاب مصر وشعبها وصورتها داخليا وخارجيا. لعنة الله علي كل من خربوا حياة الأبناء والاهالي واذا لم نواجه وبحسم كل من يشوهون صورة مصر فسوف يدفع المجتمع والبلد والدولة ثمنا غاليا لهذا العبث.. حسبي الله ونعم الوكيل.. والله غالب.