عدم وجود قاعدة بيانات يهدر ملايين الجنيهات.. والدعم المقدم يصل لغير مستحقيه ٫ انتقد الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، ما وصفه بغرق أجهزة الدولة في الروتين والبيروقراطية، مشيرا إلى أن الحكومة لم تقم بما عليها في تدريب موظفيها أو تجديد الدماء داخل المصالح الحكومية، مشددا في الوقت نفسه على أن أغلب الموظفين يتعاملون مع طالبى الخدمة من المواطنين بشكل لا يليق، وكل ما يعنيهم كيف يحصلون منهم على أموال بطرق غير قانونية لتخليص الخدمة. الدكتور سعيد صادق أكد أن مصر تعانى مشكلة اقتصادية، كما أن مؤشرها ضعيف، مضيفًا أن الفترة الماضية الوضع الاقتصادى لمصر لم يتحسن بل ازداد سوءًا على سوء، وذلك بسبب أننا ندير الأمور بنفس الطريقة القديمة، ولا نريد أن نطور آلياتنا ولا نفكر خارج الصندوق. وأضاف: "بعض المصريين أصبحوا لا يثقون في أجهزة الدولة بسبب تفشى البيروقراطية، فعقليات الموظفين ما زالت كما هي، ولا يوجد أي مواكبة للتطور أو التقدم، والمصريون قاموا بثورتين، ولم يقوموا بثورات على أنفسهم ولا على طريقة تفكيرهم في المستقبل ولا على طريقة تربيتهم لأبنائهم". وأشار أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية إلى أن الجهاز الإدارى في الدولة غارق في البيروقراطية والمركزية، لافتًا إلى أن خطأ ذلك يقع جزء منه على الحكومة والجزء الآخر على الموظفين الذين اعتادوا الجلوس على المكاتب بدون "لا شغلة ولا مشغلة"، فخطأ الحكومة يتمثل في عدم التوجيه والتدريب باستمرار، وضخ الدماء الجديدة والتشجيع، وإرسال البعثات لاكتساب الخبرات من الدول الأجنبية، كما كان يحدث في الماضي. وأوضح أن الأوضاع الاقتصادية الحالية تضغط وبلا هوادة على المواطنين، والطبقة الوسطى أصبحت كالغريق الذي يتعلق بالقشة في وسط المحيط، والكل مشغول بتدبير قوت يومه، متابعا: "رغم كل ذلك فإن مصر دولة قوية وقادرة على التغيير، فمصر ليست دولة صغيرة ولا ضعيفة ولا قليلة الحيلة ولا محدودة التأثير، بل هي تستطيع التغيير لو أرادت، وأن تعيد تشكيل الموازين". وأشار إلى أن هناك 178 دولة بمؤشر الدول الهشة، وتقع مصر في المرتبة ال36، مؤكدًا أن ذلك يعد مأساة وطامة كبرى، متابعًا: "لا أدرى لماذا لا نعى ذلك ونتحرك وننتشل أنفسنا من القاع"، فضلًا عن ترتيبنا ال161 بمؤشر حرية الإعلام. وتابع: "ما زلنا نعانى حتى الآن من عدم وجود قاعدة بيانات تشمل كل الفئات مما يهدر على الدولة أموالًا طائلة، بسبب وصول الدعم لغير مستحقيه، وذلك تفصيلًا وليس إجمالًا، فكم من حكومة أتت ونادت أنه ليس هناك قاعدة بيانات، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا توجد قاعدة بيانات واضحة حتى الآن؟! ولماذا دائمًا نشجب ونلقى باللوم على سابقينا دون أن نأخذ خطوة للأمام أو نفعل شيئا لأولادنا ولأحفادنا في المستقبل، بل إن الموظف يتعامل مع المواطن طالب الخدمة بمبدأ "اللى اطّلعه من جيبه كله فايدة". وأشار صادق إلى أنه حتى الآن الحكومة لا تُشرك المواطن في عملية الإصلاح، ومازالت هناك فجوة وهوة كبيرة بين المواطن والحكومة، وهناك قوانين تُصدر "لدلع" فئة من الشعب، وإرهاق فئة أخرى، مؤكدًا أن مصر من المفترض أن تكون دولة مؤسسات، لأنها بلد ليست فقيرة، بسبب ما تمتلكه من موارد طبيعية، وآثار ضخمة لم نحافظ عليها، فضلًا عن قوة الأيدى العاملة والتي لا نجيد استغلالها حتى الآن، وبالرغم من أن جميع الدول المتقدمة اعتمدت في تقدمها على الأيدى العاملة، فإننا لا نجيد استخدام ما يتوافر لدينا من موارد، وأضاف أن هناك سوء توزيع للثروة في بلادنا، والبيانات متوفرة والتي توضح الخلل الكبير والفادح في توزيع الدخول خاصة بعد موجة الإصلاح الاقتصادي، والتي عصفت بالطبقة الوسطى في المجتمع، وطالب أستاذ علم الاجتماع السياسي بتبنى مشروع قومي، والاهتمام برفع شأن الفقراء والتخطيط للمستقبل وتمكين الشباب الواعد، فضلًا عن الاهتمام بتدريب الموظفين وثقلهم بكامل المعرفة حتى يتم مسايرة ركب التطور والتقدم.