حتى الآن مازال المواطن البسيط لا يعرف معنى حقوق الملكية الفكرية، مع أن القانون قضى بهذه الحقوق منذ عدة عقود، وقد كانت القضية طريفة للغاية , فقد قامت فاطمة رشدى بتمثيل رواية على المسرح ادعت انها مؤلفتها وبالصدفة البحتة ذهب مؤلف الرواية ليشاهد العرض المسرحى، وكان يتالم طوال مدة العرض، فها هو يرى ثمرة فكره وجهده تتم سرقته أمام عينيه، وقبل انتهاء العرض كان الدم يغلى فى عروقه، وفى صباح اليوم التالى أقام المؤلف دعوى قضائية ضد فاطمة رشدى، وانتهى القاضى الى احقيته بالرواية، وبالطبع أصدر حكمه بفرض غرامة باهظة دفعتها فاطمة رشدى من ايراد المسرحية. وظل القضاء المصرى يحكم فى قضايا حقوق الملكية الفكرية بقانون الجنح والجنايات إلى أن تم وضع قانون خاص بالملكية الفكرية عام 1995 بموجب قرار جمهورى، وقد زادت المشكلات والقضايا خلال الفترة الماضية، خاصة فى حالة التسيب التى تشهدها البلاد حاليا، بالرغم من تخصيص المحاكم الاقتصادية للفصل فى قضايا حقوق الملكية الفكرية. ومع هذا لا تزال هذه المحاكم تضج بعدد كبير من قضايا تقليد علامات تجارية خاصة بشركات كبرى، وسرقة روايات وقصص وسيناريوهات أفلام وأفكار علمية وابتكار أجهزة ومعدات، ووصل الامر لسرقة الحان وأفلام وسيطرة قراصنة الإنترنت على كل ما هو جديد، حتى أن الإنتاج السينمائى اوشك على الانقراض بسبب قراصنة الإنترنت وهم أيضا السبب فى السطو على البومات كبار المطربين وبثها مجانا. والأخطر من هذا هو قيام مصانع «بير » بتقليد أدوية تعالج أمراضًا خطيرة كالسرطان وفيروسات الكبد والنوبات القلبية والسكتة الدماغية، ووضع الادوية المقلدة فى على كرتون طبعوا عليها اسماء شركات عالمية، فضلا عن أن قراصنة الكمبيوتر سيقومون بالسطو على برامج إلكترونية حديثة للغاية ويقومون بطبعها على سيديهات وبيعها بأسعار زهيدة، الأمر الذى تسبب فى خسائر فادحة للشركات الأصلية. وقد خصص جهاز الملكية الفكرية يوما للاحتفال بحقوق الملكية الفكرية والتى تعد فريضة غائبة فى عصر يسيطر عليه قراصنة من كل لون وأيضا إجراء مسابقة محلية لاختيار أفضل شركة وافضل اختراع وافضل مصنف فنى او مؤلف أسهم فى خدمة المجتمع. ويأتى تخصيص يوم للملكية الفكرية فى مصر فى 26 ابريل ليؤكد أهمية الحقوق الأدبية والمادية للمبدعين والمنتجين. وتعتمد ميزانية جهاز الملكية الفكرية على الإعانات والتبرع والمنح، لذا فإنجازه ضعيف ويعتمد على الموظفين المنتدبين، فلا يوجد جهاز إدارى للجهاز والقيادات الموجودة فيه يعملون كمتطوعين، بالرغم من ان سلطات هذا الجهاز تتيح له قانونا مساءلة اى شركة حكومية او قطاع عام ومراجعتها فى حال قيامها بتقليد منتج او ماركة معينة، وربما لا يكون هذا متاحا فى حالة تخصيص ميزانية من جانب الدولة، المهم أن يظل الجهاز مستقلا عن الدولة والحكومة حتى يملك حرية الحركة وعدم تكبيله بإجراءات بيروقراطية أو ضوابط تمنعه من ممارسة نشاطه. ويقوم الجهاز كنقطه اتصال لشئون حماية الملكية الفكرية وايضا للتعامل مع دول العالم فى مجال العلامات التجارية والمنتجات والماركات، إلا أن هناك عدم وعى محليًا بمفهوم الملكية الفكرية لدى قطاعات شعبية كثيرة. وكشفت جمعية منتجى برامج الكمبيوتر التجارية - تتبع الهيئة العالمية المتخصصة فى مجال الدفاع عن حقوق صناعة البرمجيات- عن تفاصيل قرصنة البرمجيات، لتؤكد أن المعدل الاجمالى لقرصنة البرمجيات فى الشرق الأوسط بلغ 58٪ خلال عام 2011، وتطالب الجمعية بضرورة اتخاذ خطوات للحد من معدلات القرصنة فى دول المنطقة، وأشارت الجمعية الى أن أكثر قراصنة البرمجيات من الرجال وينتمون بنسب متفاوتة الى جيل الشباب، وأن 20٪ من القراصنة المألوفين فى هذه السرقة موجودون فى الأسواق المستقرة و15٪ منهم فى الأسواق الناشئة. ويكشف المستشار خليل مصطفى -المستشار القانونى للجهاز- أن مجالات الملكية الفكرية تنقسم ل4 مجالات أساسية، هى براءات الاختراع والعلامات التجارية والنماذج الصناعية وحقوق المؤلف والحقوق المجاورة والأصناف النباتية، وهذه الحقوق تهدف الى وفاء مصر بالتزاماتها امام المجتمع الدولى وضمان حصول مصر على أحدث التكنولوجيا العالمية فى جميع المجالات وضمان أن يتمتع اصحاب الاختراعات المصريين بحماية اختراعاتهم وثقة المستهلك فى السلع المضمونة من جهاز حماية الملكية الفكرية. ويقضى مشروع المساعدة لحقوق الملكية الفكرية المبرم بين الحكومتين المصرية والأمريكية بتدريب العاملين بمكاتب الحماية الفكرية بالوزارات ورفع كفاءتهم والتوعية العامة بقوانين الملكية واحترامها لخلق ثقافة احترام الملكية. ونتيجة لانتشار سرقة الأفكار والكتب، طالب اتحاد الناشرين المصريين دار الإفتاء المصرية بفتوى رسمية حول حكم طباعة ونشر وتوزيع كتاب بأى صورة كانت مقروءة أو مرئية أو إلكترونية دون موافقة أو إذن كتابى من صاحب العمل أو الدار الناشرة له، وجاء الرد من دار الإفتاء بأن: "جاء الإسلام بحفظ المال، وجعل ذلك من المقاصد الكلية الخمسة التى قام الشرع الحنيف عليها وهى حفظ النفس والدين والعرض والعقل والمال، وحقوق الملكية الفكرية والأدبية والفنية وبراءات الاختراع والأسماء والعلامات التجارية والتراخيص وغيرها هى من الحقوق الثابتة لأصحابها شرعا وعرفا". وأكدت دار الإفتاء أن انتحال الحقوق الفكرية أو التعدى عليها دون إذن من أصحابها محرم شرعا، لما فى ذلك من تضييع حقوق الناس وأكل أموالهم بالباطل، موضحة أن المجامع الفقهية الإسلامية تؤكد هذا الحكم، وقد نص قرار مجمع الفقه الإسلامى المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامى أن حقوق التأليف والاختراع والابتكار مصونة شرعا، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها. كما أمر الشرع بتحرى الأمانة فى إسناد الأقوال والجهود ونسبها إلى أصحابها، وحرم انتحال الشخص قولًا أو جهدًا أو إنتاجًا لغيره على أنه هو الذى قاله تضييعاً لحق قائله، فجعل ذلك من الكذب المنهى عنه، كذلك احترم الإسلام حق الأسبقية وجعل للسابق ما ليس للمسبوق. "فيتو" ترصد فى هذا الملحق أهم سرقات حقوق الملكية الفكرية فى مختلف المجالات ، وتجرى حوارات مع عدد من المعنيين فى هذا الموضوع ، حرصا منها على تأكيد حرمة السطو على جهود الآخرين ، وذلك بمناسبة يوم الملكية الفكرية.