المتابع الجيد يدرك أن قطاع البترول لم يضع الصعيد في عين الاعتبار بالشكل المطلوب، فالدلائل تشير إلى تأخر مشروعات إنشاء خطوط نقل بوتاجاز ومعامل تكرير وتوليد الطاقة من حرارة باطن الأرض، وعدم طرح مزايدات بحث واستكشاف عن الزيت الخام في منطقة جنوب الوادى والتي تمتد على حدود ليبيا وحتى السودان. والملاحظ عند ظهور أزمة البنزين والسولار، دائما محافظاتالجنوب تكون في مقدمة من يعانى من تلك الأزمات؛ بسبب تجاهل البترول تنفيذ مشروعات خطوط نقل منتجات بترولية تربط محافظات الصعيد، ووفقا لمصادر داخل وزارة البترول، فإنه حتى الآن لم يتم تنفيذ خط نقل وقود" بنزين وسولار ومازوت" والذي يبدأ من سوهاج مرورا بقنا والأقصر وينتهى بمحافظة أسوان بطاقة تغذية 5000 طن منتجات بترولية في اليوم. ومن أسباب تأخير تنفيذ الخط أيضا، عدم وجود ميزانية كافية تؤهل الشركات المختصة لتنفيذه حيث تبلغ التكلفة الاستثمارية لإنشاء الخط بنحو 765 مليون جنيه –فالمصادر ذاتها– تؤكد قبل التعويم، كانت البترول أمامها الفرصة في تنفيذ الخط بالتكلفة المذكورة، لكنها تناست الأمر، وحينما فكرت في إعادة تنفيذ المشروع، وجدت تكلفته مرتفعة للغاية بعد التعويم، والتي وصلت إلى 1.230 مليار جنيه. وتتبلور أهمية الخط في أنه يعمل على نقل المنتجات بترولية من سولار وبنزين ومازوت بسرعة بدلا من نقلها عبر وسائل النقل الثقيل والذي غالبا يواجه عوائق في بعض الأحيان على الطرق أثناء الظروف المناخية السيئة والتي تعوق الحركة. وتأخرت البترول في إجراء توسعات ب معمل أسيوط لتكرير البترول لزيادة الطاقة الإنتاجية للمعمل، ووفقا لمصادر بالبترول فإنه حتى الآن لم تنته الوزارة من مشروع وحدة استرجاع الغازات "2VRU" لإنتاج البوتاجاز والنافتا بمعمل تكرير أسيوط لزيادة الطاقة الإنتاجية من 2.2 إلى 4.3 ملايين طن سنويا من البنزين والبوتاجاز؛ وذلك بسبب قلة السيولة المالية لإجراء هذه التوسعات والتي تقدر تكلفتها إلى أكثر من 500 مليون جنيه. مصدر داخل الوزارة أكد أنه إذا تم تنفيذ هذه التوسعات في العام الماضى لاختلف الأمر كثيرا في الوقت الحالى لأنه كان سيسهم المشروع في توفير الوقود بشكل كبير بنسبة 20% في محافظات الصعيد وخاصة أسيوطوقناوسوهاج. تجاهل الدولة لم يتوقف على التأخير في تنفيذ هذه المشروعات المذكورة، لكنه امتد إلى عدم استغلال حرارة باطن الأرض في منطقة جنوب الوادى لتوليد الكهرباء، حيث فشلت اللجنة المشتركة بين البترول والكهرباء في تحويل هذا المشروع من مجرد دراسة إلى واقع يحقق عائدا نفعيا على الدولة، ويحقق قيمة مضافة للاقتصاد. فشل المشروع يرجع إلى عدم وجود دراسة وخطط من الوزارتين حيث لم تشكل هيئة مكونة من خبراء بترول وجيولوجيين عالميين ومهندسين بترول وكهرباء لإجراء الأبحاث في مناطق جنوب الصعيد في قناوسوهاج وخليج السويس لمعرفة طبيعة الطبقات الصخرية بها إذا كانت زيتية أو غير ذلك، حيث تتميز الطبقات الزيتية بأنها تحوى في باطنها على أعلى درجات حرارة، والتي من الممكن استغلالها في توليد الطاقة الكهربائية. والمفاجأة هنا، أنه أثناء إعلان وزارتى البترول والكهرباء عن استغلال حرارة باطن في توليد الكهرباء، تقدمت شركات عالمية روسية وصينية وإماراتية لتقديم التمويل اللازم للمشروع، وهو أمر كان يمكن الدولة من إنشاء محطات كهرباء من هذا المشروع، لكن هذه الشركات تراجعت عن تقديم التمويل والدعم، وذلك بعد إثبات أن المشروع مجرد "فنكوش" لعدم وجود دراسة مجدية. وكان المشروع يهدف إلى التنوع في مصادر الطاقة ويسهم ب 10% من إجمالى الكهرباء المنتجة في مصر، إلى جانب فتح الفرصة أمام شركات الطاقة المتجددة في الاستثمار إلى إنشاء محطات طاقة متجددة، لإنارة المناطق المحرومة من الكهرباء المنقطعة بالشبكة. كما فشلت شركة جنوب الوادى في تحقيق المهام المكلف بها في جذب الشركات الأجنبية للبحث والتنقيب عن الزيت الخام على امتداد الحدود الليبية وحتى السودان، وذلك لزيادة معدلات الإنتاج، رغم أنها تحتوى على كنوز بترولية فإن الشركة لم تطرح مزايدات أو عروضًا للبحث والتنقيب بها على شركات البترول العالمية والمستعدة للعمل فيها، والسبب عدم تعاقد الشركة مع شركة استشارية عالمية للقيام بعمليات بحث سيزمى للبحث عن البترول في هذه المناطق.