"ليس كل ما يتمناه المرء يدركه".. عبارة يمكن استخدامها لوصف حال أعضاء تشكيل مجلس إدارة الهيئة الوطنية للإعلام، فرغم صدور قرار جمهورى تضمن أسماءهم إلى جانب حسين زين، رئيس الهيئة، وتنظيم القانون 92 لسنة 2016 لاختصاص المجلس ورئيسه، فإن الواقع الفعلى جاء بصورة مغايرة تمامًا لما حملته المواد المنظمة لعملهم. منذ الاجتماع الأول للمجلس وحسين زين رئيسه حزم أمره أنه سيد قراره وما دونه يُعد هباءً منثورًا، خاصة بعد طلبه من الأعضاء التقليل من التصريحات الصحفية وعدم التحدث عن أمور وقرارات الهيئة وأنه هو المعنى بالتحدث إلى وسائل الإعلام، وعقب تشكيل هيئة المكتب ظن البعض منهم أن الأمور ستستقر بشكل أكبر، وستبدأ مرحلة تطوير العمل الإعلامي الذي تم اختيارهم من أجله، إلا أن ذلك كله أصبح دربًا في مقالات الأعضاء لم يجد لنفسه موضعًا على أجندة زين. الاستئثار والانفراد بالقرارات داخل "ماسبيرو" والابتعاد عن مناقشة أعضاء الهيئة الوطنية أصبح الطريق الأيسر ل"زين" في إدارته المبنى، ما أصاب الكثيرين منهم بالغضب، خاصة أنه لم يتم تخصيص أي مكاتب لهم داخل المبنى واكتفى الأمر بحضورهم اجتماعا شهريا داخل إحدى قاعات المبنى مع رئيس الهيئة، وينصرفون بعدها لا يعرفون شيئًا عن إدارة العمل. في ذات السياق كشفت المصادر أن شكرى أبو عميرة، رئيس الاتحاد الأسبق، عضو المجلس الحالى بات من أشد المعارضين لسياسة "زين" في تهميشهم، وهو ما دفعه لإجراء اتصالات بعدد من زملائه الإعلاميين الأعضاء لحشد أكبر عدد منهم ليصبحوا قوة تواجه محاولة رئيس الهيئة إقصاءهم عن مشهد صناعة القرار. كما أشارت المصادر إلى أن محاولات "أبو عميرة" لمواجهة "زين" لم تلق النجاح المأمول في تكوين جبهة معادية، وهو ما دفعه للتهديد بتقديم استقالته وفضح عدم الاعتداد بآرائه في مؤتمر صحفي، طامعًا أن يتم تسريب الأحاديث ل"زين" لتصبح وسيلة ضغط وكارت إرهاب يجعل رئيس الوطنية للإعلام يعود إليه في بعض القرارات أو يشركه معه بالرأى في القرارات المزمع اتخاذها. صدمة أعضاء "الوطنية للإعلام" في وضعهم الذي بات أشبه ب"خيال المآتة" حسب وصف العاملين لهم حاليًا داخل ماسبيرو لم تتوقف حلقاتها عند هذا الحد، بل امتدت عقب اختيار المهندس أمجد بليغ أمينا عاما للهيئة، وحسب نص القانون فإن "بليغ" له صلاحيات واسعة منها تصريف شئون ماسبيرو ماليا وإداريًا وتجهيز الموضوعات التي سيتم مناقشتها في اجتماعات مجلس الإدارة، ومعهود إليه تنفيذ القرارات التي تصدر عن مجلس الأعضاء هيئة، إلا أن كل تلك المواد ذهبت أدراج الرياح، حيث بات "بليغ" لا يستمع ولا ينفذ سوى تعليمات "زين"، ليس هذا فحسب لكنه تنازل عن الكثير من اختصاصاته ولم يتمسك بها تاركا هو الآخر الحرية المطلقة لرئيس الهيئة ما أصاب الأعضاء بحسرة خاصة في ظل خيبة مساعيهم لضم "بليغ" إلى صفهم والاستقواء بصلاحياته ضد محاولات تهميش حسين زين لهم. مصادر من داخل الهيئة أكدت وصول معلومات إلى مسامع "زين" عن تضجر بعض الأعضاء من الوضع الحالي، ومحاولات الشحن التي يقوم بها "أبو عميرة" ضده ما دعا الأول إلى تنفيذ نصيحة مقربين منه لتهدئة الأوضاع واستمالة أعضاء من المجلس إليه خوفا من الصدام المحتمل، وبناء عليه أجرى زين قبل رمضان عدة اتصالات على غير عادته منذ وصوله لرئاسة الهيئة مع أعضاء المجلس لتهنئتهم بالشهر الفضيل، وامتد الحوار معهم إلى أخذ مشوراتهم في بعض الأمور. وكان في مقدمة الذين اتصل بهم "زين" الإعلامي حمدى الكنيسى وعبدالرحمن رشاد، رئيسى الإذاعة الأسبقين، ورغم أن أحاديث زين لم تتعلق بقرارات مصيرية داخل الهيئة، فإن الخطة نجحت، حيث تباهى هؤلاء الأعضاء وغيرهم بأن رئيس الهيئة يتصل دائما بهم ويتابع العمل معهم ليصبح "أبو عميرة" في موقف لا يحسد عليه.