في عهد المخلوع الفاسد وجهاز أمن الدولة المخيف ، كان يعيش المواطن الشريف، عبد اللطيف ، وهو رجل ظريف خفيف ، يعمل ببنك تجاري منيف ، يمشي بما يرضي الله ويطيع الأوامر دون تحريف ، ويتقن عمله بقسم القروض ولا يمد عينيه أو يديه إلى ما لا يخصه ، لأنه رجل نظيف ، ونتيجة لمجهوداته وسيرته العطرة وإصراره الشخصي العنيف ، تمت ترقيته لرئاسة القسم متجاوزا زملائه الأقدم منه وعلى رأسهم الأستاذ شريف ، الذي حاول بكل الطرق أن يرقعه «الإسفين» المتين الحصيف ، إلا أن أفعاله الطيبة كانت بالمرصاد لكل تلك الشرور وكل ذاك التجديف ، حتى كان ذات مرة في مهمة لأحد فروع البنك في يوم من أيام الخريف ، وقد أذن لصلاة العصر في مسجد تابع لإحدى الجماعات ذات المنهج السلفي، وهو غير ما يقوم به في عمله من « تسليف» ، وقد أمّ المصلين الشيخ «البهتاني» الذي أثنى عليهم بدرس وعظي بعد الصلاة المكتوبة التي لم يتبع فيها مبدأ التخفيف ، وقد كان حديثه منصبا عن حرمة الإقراض والاقتراض بالربا أو الفوائد. البهتانى: «إن النظام الربوى شر كله ، وسبب بلاء المسلمين واستعمارهم وانعزالهم وبعدهم عن الإسلام، ولا يمكن أن ينصلح حال الأمة الإسلامية وأحكام الإسلام وشرائعه منفية مستبعدة فلابد من العودة إلى الله ، ومن صور الربا فى المعاملات الدولية المعاصرة ، الفائدة على القروض التى تعطيها الدولة الغنية إلى الدول الفقيرة، سواء أكان القرض نقداً أو عيناً، وسواء سددت الفائدة من جنس القرض أو من غير جنسه، وسواء أكانت الفائدة عالية أو منخفضة ، وأما الفائدة على القروض التى تعطيها المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولى إلى الدول الفقيرة والقروض التى تعطيها الدول الغنية للدول الفقيرة دون فائدة ، ولكن بشرط الحصول على منافع معينة ، مثل التسهيلات العسكرية والتبادل الثقافى والامتيازات التجارية ،ً فهذا ينطوى تحت القاعدة الشرعية «كل قرض جر نفعاً فهو ربا» ، وأقول لكم يا إخواني إنه على الحكومات الإسلامية أن تدرك بل توقن أن ما تعانى منه من ضنك وأزمات اقتصادية ومشاكل اجتماعية وخلقية يعتبر من قبيل الحرب التى يشنها الله على المسلمين بسبب تعاملهم بالربا ، ولقد صدق الله إذ يقول: «ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا»، فعليهم أن يصدروا التشريعات اللازمة لإلغاء الربا من المعاملات: «إن الله ليذع بالسلطان ما لم يذع بالقرآن» ، ودعوكم من فقهاء السلطان ، الذين يتبعون الهوى فيما يشرعون ويفتون به لعباد الرحمن ، هدانا الله وإياكم إلى طريقه القويم وصراطه المستقيم ». وبعد الدرس تقدم عبد اللطيف ، إلى الشيخ البهتاني العفيف ، ليسأله في ظل فتوى الشيخ عن وضعه المخيف. البهتانى: أعوذ بالله من غضب الله وأنت أيضا رئيس قسم الاقتراض في هذا البنك الربوي اللعين ؟ هداك الله يابني استقل من هذه الوظيفة الفاسقة المارقة وفر بدينك يا مؤمن. عبد اللطيف: ومن أين آكل يا مولانا أنا وأولادي ؟ البهتانى: إن ربا كفاك بالأمس ما كان ، سيكفيك في غد ما يكون ، والإخوة لن يتخلوا عنك بإذن الله وسيوفرون لك العمل الصالح الذي سيدر عليك الرزق الحلال الطيب المبارك فيه . وبعد عام كان الشيخ عبد اللطيف ، يبيع المساويك والعطور بباحة جامع الشيخ البهتاني راضيا بما يدره عمله الضعيف ، من جنيهات بسيطة حلال بالكاد تقيم أوده وحده بعد أن خلعته زوجته وأخذت معها ولديه اللذين يربيهما الآن زميله القديم الأستاذ شريف ، ثم قامت الثورة التي شارك فيها بماله ونفسه وعينه إلى أن ولى الله عبده الصالح مرسي النظيف ، الذي فوجئ به ذات يوم يذهب أيضا إلى صندوق النقد الدولي الربوي ذي الحيف ، ليقترض بالربا كما كان يفعل النظام الفاسد المخلوع السخيف ، مما جعل رأس عبد اللطيف ، يغلي من الغيظ حتى كاد أن يصل مرحلة التخريف ، إلا أن بقية عقل ألحت عليه حتى هجم على الشيخ البهتاني الذي كان يفتي في درسه بعد العصر بجواز القرض بل واستحبابه لأن من طلبه إمام مسلم حنيف . عبد اللطيف : كيف يا مولانا تجعلون الحرام حلالا ؟ البهتاني: يا ولدي إنه حلال بلال زلال ، بل إنه نعم المال . عبد اللطيف : كيف وهناك فوائد على هذا القرض وهو ما يعد ربا صريحا؟ ولا تقل لي إنها مصروفات إدارية فالعقد منصوص فيه صراحة أنها فوائد ربوية ، ولا تقل لي إن الضرورات تبيح المحظورات ، فالبدائل كثيرة ومرسي ليس في الصحراء وأموال القرض ميتة يأكلها حتى يتبلغ بها . البهتانى: يا بني أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ، هذا ما يقول به السفهاء من طلبة العلم الفاشلين ، وحيلة المصروفات الإدارية لا يقبلها عقل أو منطق رزين ، ولكن شيخك العلامة البهتاني الأمين ، بحث واستقصى وسأل جميع المتخصصين ، حتى وصل إلى السر الدفين ، الذي جعل مولانا الشيخ مرسي الناصر للحق إلى يوم الدين ، يقبل بهذا القرض الحسن الحلال المبين ، فإن مولانا الدكتور مرسي وحكومته لم يقترضوا من صندوق النقد الدولي الربوي اللعين ، وإنما اقترضوا من نفس صندوق النقد الدولي ذاته ولكن من فرع المعاملات الإسلامية بالصين !!