في الذكرى الأولى لوفاة «الجورنالجى» «قطب» يشتكى ل«عبد الناصر»: «يضعون كلبا شرسا معى في الزنزانة» أحمد هيكل: جميع أوراق «الأستاذ» شخصية لا تهم أحدا.. والوثائق حرقت في «برقاش».. ودار الكتب: خاطبنا أسرة الكاتب الراحل أكثر من مرة ولم نتلق أي رد صلاح عيسى: هيكل اشترى وثائق مهمة من جهات أمريكية وأوروبية يرى الكثيرون أن الوثائق تعد جزءا من تاريخ الشعوب، تكشف عن مراحل تاريخية ومواقف رجال من الأجدر أن تتكشف للباحثين عن الحقيقة، إلى جانب أنها محطة مهمة جدا في رحلة الباحثين في التاريخ، لأنها تمتلك المقدرة على رواية القصة، ليس هذا فحسب، ولكنها تقدم رسما واضحا ودقيقا لتفاصيلها. بعد رحيل الأستاذ محمد حسنين هيكل، العام الماضى، خرج الكثير من الأصوات لتطالب بالكشف عن وثائق «الأستاذ»، فالرجل «الاستثناء»، الذي يعد حالة فريدة في الصحافة والسياسة المصرية.. وعاش حياة ثرية في دائرة السلطة أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كما أن قربه من دائرة صناع القرار آنذاك، إن لم يكن أنه كان أحد صناعه، تؤكد امتلاكه العديد من «الوثائق» و«المخطوطات» المهمة التي قد لا تتوفر مع غيره. «الجرنالجى» الذي لا يعرف الغياب، رغم استئذانه الرحيل، غيابه زاده بريقا، فرغم مرور عام كامل على رحيله، إلا أن عشرات المقالات كتبت، أغلبها يطالب بالكشف عن «وثائق» الأستاذ.. تطرح العديد سؤالا مهمًا هو.. أين ذهبت الوثائق؟ «فيتو» حاولت البحث في «المتاح»... طرحت على المقربين سؤال: «أين وثائق الأستاذ.....؟»، وفى السطور الآتية تعرض ما توصلت إليه. وصية "الأستاذ"،- كما أشيع- وضع الوثائق في دار الكتب والوثائق، التابعة لوزارة الثقافة، وهو قرار اتخذه بعد حريق منزله في "برقاش"، بالجيزة باعتبارها آمنة، ولديها من الإمكانيات ما يؤهلها لحفظ الوثائق، وحتى اليوم ورغم مرور عام على رحيل "الجورنالجي" لم تصل وثيقة واحدة لدار الكتب. وبحسب الدكتورة نيفين محمود، رئيس الإدارة المركزية للوثائق، فإن الدكتور «شريف شاهين» رئيس دار الكتب والوثائق السابق، خاطب أسرة «هيكل» أكثر من مرة لإرسال الوثائق والمخطوطات الخاصة ب«الأستاذ»، لكن لم يصل رد حتى اليوم من جانبهم. وأضافت: الحديث كثر عن وضع وثائق هيكل في دار الكتب، لكن الأسرة لم ترسل ولم ترد على خطابات القطاع حتى اليوم، وسنخاطبهم مرة أخرى لإرسال الوثائق والمكتبة الخاصة به، خاصة أنها تعتبر جزءا هاما من تاريخ مصر». وأوضحت «أن القطاع لا يعرف بالتحديد ما تحويه هذه الوثائق وما أهميته، لكنها سوف تخضع لعملية فرز فور وصولها، لبيان المهم منها، مع حصول الأسرة على صورة ديجيتال من جميع الوثائق والمخطوطات». «هيكل» أيضا أشار قبل رحيله إلى إمكانية وضع «وثائقه» في مكتبة الإسكندرية، لكن الدكتور خالد عزب، مدير العلاقات العامة والإعلام، المتحدث الرسمى للمكتبة، أكد أن المكتبة لم تتسلم أية وثائق حتى اليوم، مشيرا إلى احتمالية وجود محادثات بين الدكتور إسماعيل سراج الدين، رئيس المكتبة، وأسرة «هيكل» بشأن الوثائق. الكاتب الصحفى صلاح عيسى - الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة، كان أحد شركاء «هيكل» في زمن العواصف الذي عاشه، وشارك في صنع جزء من ملامحه، فجمعهما معتقل ملحق في «مزرعة طرة»، خلال حملة الاعتقالات الواسعة التي شنها الرئيس الراحل «أنور السادات» ضد معارضيه، والتي أطلق عليها اسم «اعتقالات 5 سبتمبر 1981»، إذ كان قرار القبض عليه، يشمل تفتيش منزله الريفى في «برقاش»، الذي كان قد نقل إليه الجزء الأكبر من مكتبته، بهدف البحث عن الوثائق الرسمية التي كان يحتفظ بها. «عيسى» طرح سؤالا حول: هل كانت الوثائق موجودة في «برقاش» حين اقتحم وسرق وأحرق؟.. خاصة أن «الأستاذ» كان لديه نية تحويل منزله إلى مركز للأبحاث والدراسات، ومقر لمؤسسة «هيكل للدراسات الصحفية» التي أنشأها، لكن أحرق المنزل في أعقاب ثورة «25 يناير». كما أوضح أنه لم يتأكد وجود المكتبة والأسطوانات النادرة والوثائق في منزل «برقاش» أم في مكان آخر، خاصة أنه كان يحتفظ بجزء من «الوثائق» خارج مصر في عهد الرئيس الراحل «السادات» خوفا من تدميرها، وكشف أن معلوماته قليلة حول وجود مفاوضات بين أسرة "هيكل" ودار الكتب والوثائق ومكتبة الإسكندرية، مؤكدا أن الوحيد الذي يعرف مصير «الوثائق» ومكان وجودها هي أسرته. وكشف «عيسى» أن عن «هيكل» أخبره بأن جزءا كبيرا من الوثائق موجود خارج مصر، وعندما يحتاج أيًا منها كان يأتى بمستنسخ، واستمر الوضع هكذا حتى رحيل السادات، ويعتقد أن الوثائق لا تزال موجودة خارج مصر. وأكد «عيسى» أن «وثائق هيكل» أغلبها يخص الشأن المصري، لأن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، أمر مكتبه بإرسال صورة من جميع المكاتبات التي كان يتبادلها إلى «هيكل»، بينها تسجيل «50 ساعة» عبارة عن حوارات أجراها مع «أحمد حسنين باشا» آخر رئيس لديوان «الملك فاروق». وأضاف «عيسى» أن «عبد الناصر» أمر بإرسال مستنسخ من «المكاتبات» إلى «هيكل»، للعلم أحيانا، ولإبداء الرأى في أحيان أخرى، ولكى يستفيد منها في كتابة مقالاته أو صياغة الخطب والخطابات الرسمية التي كان كل منهما يكلفه بكتابتها أو بالرد عليها، ونشر بعض هذه الوثائق في عهد «عبد الناصر» وبإذن منه، وأهمها مباحثات الوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق في عام 1963. وأوضح «عيسى» أن «هيكل» جمع جزءا كبيرا من الوثائق عن طريق شرائها من جهات أمريكية وأوروبية خاصة من إنجلترا، أو من يملكها، فقد كان حريصا على جمع الوثائق فور الكشف عنها، ومن هنا جمع مجموعة ضخمة من الوثائق، ويعتقد أنها مهمة للغاية وما زالت سليمة. وأشار إلى أن «هيكل» نشر العديد من هذه الوثائق في كتبه ومقالاته، لكن هناك وثيقة خاصة تحوي خطاب القيادى الإخوانى «سيد قطب» إلى الرئيس جمال عبد الناصر، يبرر فيه الاتهامات التي وجهت له في قضية عام 1965 بشأن «إحياء الجهاز السرى لجماعة الإخوان». وكشف أن «الخطاب» احتوى أيضا على شكوى «سيد قطب» من التعذيب الذي تعرض له في «السجن الحربي»، حيث كان يوضع معه في الزنزانة «كلب شرس»، وأشار «عيسى» إلى أنه حصل على نسخة من هذا الخطاب، كما منح «هيكل» نسخة ثانية للكاتب «فهمى هويدي». وأخيرا قال «عيسى» إن «وثائق هيكل» لا بد أن تكون موجودة لدى الورثة، وقد تكون هناك وصية خاصة للتصرف فيها أو وضعها في منزل «برقاش» كمرجع في المركز العلمى الذي كان «هيكل» ينوي تأسيسه. «هيكل» يعتبر من أكثر الكتاب الذين اعتمدت كتاباتهم ومقالاتهم على «وثائق حقيقية»، بعضها كتبت بخط اليد خاصة للرئيس الراحل جمال عبد الناصر- بحكم قرب الكاتب والرئيس، كما أن مقربين من «الأستاذ» أكدوا أنه كان يحتفظ بكل قصاصة ورق أيا كان حجمها. وفى اتصال هاتفى بالدكتور أحمد هيكل، نجل "الأستاذ" أكد أن أغلب «الأوراق» قد أحرقت في الهجوم الذي تعرض له منزلهم في «برقاش» أعقاب ثورة «25 يناير»، وما تبقى منها لا يزال في مرحلة «الفرز». وأكمل قائلا: عملية الفرز تتواصل بشكل متأن للغاية، خاصة أننا لا نعرف بالتحديد ماذا تضم هذه الأوراق، وأعتقد أنه لا يوجد بينها شيء مهم كما يشيع البعض. ونفى نجل «الأستاذ» علمه بوجود وثائق خاصة ب«هيكل الأب» خارج مصر، وأن ما بين أيديهم من أوراق ومستندات لا تعدو كونها متعلقات شخصية، لا تهم المصريين، وتعجب عن ما يطلق عليها أنها تخص «تاريخ مصر»، قائلا: «كلها أوراق شخصية.. ومعتقدش أنها تهم حد». وأوضح «هيكل» أن الأسرة لم تتخذ قرارا بعد بشأن ما وجدته من أوراق، أو ما تبقى بعد حريق «برقاش»، هل ستضعه في دار الكتب والوثائق، أم هناك إمكانية طرحه في كتب لتستفيد منها الأجيال القادمة. وأخيرا رفض «نجل الأستاذ» الإفصاح عن مكان «الوثائق»، واكتفى بأن ما عثر عليه من أوراق لا يزال في مرحلة «الفرز». وفى رده على الإعلامية منى سلمان، بعد مطالبتها بالحصول على الوثائق التي كان يحتفظ بها «هيكل»، وإتاحتها للجميع، قال رئيس مجلس إدارة دار الشروق إبراهيم المعلم- تربطه صلة وثيقة بمحمد حسنين هيكل، «لا يوجد وثائق تخص مصر لم تنشر، كل الوثائق نشرت»، (خلال الجلسة التي أقامها النادي الإعلامي بالمعهد الدنماركى المصرى للحوار، لتكريم سيرة الكاتب الصحفى الراحل محمد حسنين هيكل، بأحد فنادق جاردن سيتي». وفى كتابه «أحاديث برقاش.. هيكل بلا حواجز»، المتوقع أن يصدر قريبا عن دار الشروق، ذكر الكاتب «عبدالله السناوي» على لسان «هيكل» بعد حريق «برقاش»: «أول ضربات الكوارث أن الكتلة الرئيسية من الكتب النادرة والوثائق التاريخية، التي لا سبيل لتعويضها راحت». وذكر «السناوي» في كتابه «وسط أطلال الحرائق أبت صخور أحضرها إليه العالم الجيولوجى الدكتور «رشدى سعيد» على التدمير، بعضها من الصحراء الشرقية، وبعضها الآخر من أرض السد العالى، وظلت شاهدة على ذاكرة المكان». وأضاف أيضا «السناوي» في كتابه «شرع في زيارات خارجية ابتدأها بلبنان للحصول على وثائق يؤكد بها روايته للحوادث العاصفة التي جرت، وكان لديه ما يقوله جديدا وموثقا». أشهرها «خريف السادات» 40 مؤلفا بتوقيع «الأستاذ» «هيكل» يعد أبرز الكتاب الصحفيين فى العالم العربى فى القرن العشرين، وكتب 40 مؤلفا عن أهم القضايا التى تشغل العرب، ونبرز فى الآتى أهم المؤلفات التى كتبها «الجورنالجي». أبرزها.. 1 «هيكل» يعد أبرز الكتاب الصحفيين فى العالم العربى فى القرن العشرين، وكتب 40 مؤلفا عن أهم القضايا التى تشغل العرب، ونبرز فى الآتى أهم المؤلفات التى كتبها «الجورنالجي». أبرزها.. 2 «الانفجار حرب الثلاثين سنة 1967»، ويوثق فيه «هيكل» أحداث «نكسة» يونيو 1967، وهى ثالث حرب خاضتها مصر وسوريا والأردن مع إسرائيل، وتكبدت فيها الدول العربية الكثير من الخسارات البشرية وما يقارب 80 فى المائة من العتاد الحربي، والأهم قطاع غزة والضفة الغربية وسيناء والجولان السوري، ووثق الكاتب تفاصيل دارت فى ثلاثين سنة قبل الحرب وبعدها. 3 أما فى كتاب «خريف الغضب.. قصة بداية ونهاية أنور السادات»، يروى «هيكل» مجريات تسلم السادات للحكم وسياساته الداخلية والخارجية، أما كتابه «مدافع آية الله: قصة إيران والثورة»، فهو الأول عن الثورة الإيرانية، التى أطاحت بشاه إيران محمد رضا البهلوى عام 1979، حيث أصدر قبله كتاب «إيران فوق بركان» عام 1951. 4 أصدر «هيكل» أيضا كتاب «المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل»، وتحدث فيه عن التغيير الجذرى الحاصل فى العلاقة العربية مع إسرائيل، فيقول على الغلاف «إن المعايير اختلفت من سنة 1974، وعندما جاءت سنة 1994 كانت العجلة قد دارت دورة كاملة. وسقطت موانع التحريم، كما زالت دواعى القداسة، لكن وجه الغرابة أن وجه الحقائق والقيم لم تكن قد تغيرت».