بعض الأطباء يعقدون «صفقات تجارية» مع شركات أدوية لاستغلال المرحلة الأخيرة في حياة المريض «كابوس العصر الحديث».. الوصف الأدق لمرض السرطان الذي يطارد ملايين البشر حول العالم، وهو عبارة عن مجموعة من الأورام الخبيثة التي تصيب معظم أجزاء الجسم؛ وتفتك بالمريض خاصة إذا تمكنت منه ووصلت إلى مراحل متأخرة. وبسبب توحش السرطان في مصر وانتشاره بشكل سريع بين المواطنين، انطلقت محاولات حكومية متواضعة لتوفير العلاج لمواجهة هذا المرض اللعين، في الوقت الذي تدير فيه المراكز والمستشفيات الخاصة «بيزنس» على أعلى مستوى للتربح من علاج المرضى. الدكتور محمد شعلان، أستاذ جراحة الأورام بالمعهد القومي للأورام، رئيس الجمعية المصرية لمكافحة سرطان الثدي، قدر معدلات الإصابة بالسرطان في مصر ب 100 ألف حالة جديدة سنويًا، إضافة إلى الحالات التي لا تزال تحت العلاج والملاحظة منذ سنوات ماضية، موضحا أن الميزانية المخصصة لمكافحة السرطان لا تتخطى نصف مليار دولار. يأتي ذلك فيما يبحث أصحاب مراكز علاج مرضى السرطان وشركات الدواء عن الربح دون النظر إلى معاناة الحالات التي تعرض عليهم ماديا، وغالبا يعرف أصحاب هذه المراكز نتيجة المرضى مسبقا فيقيدونهم في أغلال سموم العقاقير الكيميائية والإشعاعية ويعيثون بأجسادهم تقطيعا جراحيا ومن ثم يتم إلقاؤهم مستسلمين للقتل الكيميائي البشع. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل إلى احتكار أدوية السرطان، فمنذ أيام اختفى دواء "البيورنثول" و"مالتى فارما"، الخاصين بمرضى السرطان والأورام الخبيثة من معهد أبو الريش والمستشفى الميرى بالإسكندرية، وتسبب ذلك، مع عدم وجود بديل للدواءين، في موت عدد من المرضى، في حين انتعشت السوق السوداء التي بِيع بها "البيورنثول" ب50 جنيها، و"المالتي فارما" ب500 جنيه. ودشن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي "هاشتاجا" بعنوان "فين البيورنثول"، للضغط من أجل توفيره، كما دشنوا "هاشتاجا" بعنوان "صيدلية-تويتر" لبحث توصيل الأدوية للمرضى عبر مبادرات مجتمعية فردية. وأكد عدد من الصيادلة أن هذه الأدوية اختفت من المستشفيات منذ نحو شهر كامل، رغم محاولات البعض استيراد كميات لتغطية العجز، لكن الكميات لم تكف الطلب. وأشاروا إلى أن معظم الأدوية الخاصة بمرضى السرطان اختفت في الفترة الحالية، منذ حدوث أزمة ارتفاع سعر الدولار، وذلك لأن معظم هذه الأدوية تكون مستوردة. وأضافوا أنه لا يوجد بديل مصري لهذه الأدوية، كما أن بعض الأطباء يخلون مسئوليتهم من المريض لعدم توافر الدواء، الأمر الذي يتسبب في تأخير رحلة علاج المريض، بل يمكن أن يتسبب في موته. كما قال معهد «آى إم إس» للرعاية الصحية المعلوماتية في تقرير صادر عنه إن هناك 374 علاجًا للسرطان في منتصف مرحلة التجريب، وهو عدد يفوق الأدوية التجريبية لأى مرض آخر بمرتين على الأقل، موضحًا أن العلاجات المناعية تشكل 25% إلى 30% من بين تلك الأدوية التجريبية. وأثبتت أدوية شركة "ميرك آند كو" و"بريستول مايرز" آثارا طويلة المفعول في بعض المرضى الذين تم تشخيص مرضهم على أنه في مراحله الأخيرة. وأشار إلى أن الكثير من الأدوية التجريبية تمد في حياة المرضى لسنوات وليس لأشهر، كما أن العائد المالى على شركات الأدوية ضخم للغاية، حيث تبلغ التكلفة السنوية لهذه العلاجات 150 ألف دولار، ومن المتوقع أن تصل فاتورة العلاجات المخصصة لحالات بعينها أعلى من ذلك بكثير. وجذبت شركات "كايت فارما"، و"جونو ثيرابيوتيكس"، و"بلوبيرد بايو" اهتمام المستثمرين بأدوية تعديل خلايا النظام المناعى وتشكيلها من جديد بحيث تهاجم السرطان في الدم في تقنية تعرف باسم "CAR". كما ارتفعت أسهم "كايت" و"بلوبيرد" أكثر من أربعة أضعاف، في حين ارتفعت أسهم "جونو" للضعف منذ طرحها الأولى للجمهور. كما تتسابق شركة "بريستول مايرز" وشركة "ميرك" لتوسيع نطاق أدويتها لتشمل أنواع أخرى من السرطان بخلاف سرطان الجلد، وتتوقع الشركتان أن تحصلا على موافقات على علاج لسرطان الرئة هذا العام، كما أنهما تجريان اختبارات على مجموعة كبيرة من الأورام الصلبة هذا العام. وتجرب الشركات استخدام الأدوية المرتبطة بالعلاج المناعى في تركيبة واحدة مع بعضها البعض من أجل تعميم استخدامها وتعزيز قدرتها على الشفاء، نظرا لأن الأدوية المفردة أسهمت في تقليص الأورام في نحو 30%. وقال سيموس فيرنانديز، محلل في شركة "ليرنيك بارتنرز"، إن شركات الأدوية ستشهد منافسة عنيفة، ومن المتوقع أن تنشر "أسترازينيكا" و"روش إيه جي" و"ميرك" بيانات جديدة عن آليات نظام المناعة الجديد. وأضاف فيرنانديز إن شركة "أسترازينيكا" حققت تقدمًا كبيرًا في مجال استخدام الأدوية المركبة وأصبحت منافسًا رئيسيًا في هذا المجال. وتتعاون شركات الأدوية الكبرى مع شركات التكنولوجيا الحيوية في علاجات سرطان الدم مرتفعة التكلفة، ورغم أن قائمة الأسئلة بشأن تكلفة وإمكانية تطبيق تكنولوجيا ال«CAR» لعلاج سرطان الدم على أنواع أخرى لا تزال دون إجابة، تقفز شركات الأدوية وشركات التكنولوجيا الحيوية في هذا المجال دون تفكير. وتوجد بالفعل أربع صفقات ترتفع قيمتها معا فوق المليار دولار لتسويق هذه الأدوية، من بينها اتفاق بين «أمجين» و«كايت» يقدر بقيمة 525 دولارًا لكل جرعة، بخلاف تكلفة براءة الاختراع، وهى الأموال التي تأخذها الشركة المنتجة على كل جرعة من العلاج الجديد. كما أبرمت شركة «سيلجين» اتفاقًا مع «بلو بيرد بايو» بقيمة 225 مليون دولار لكل منتج للشركة الثانية، كما وعدت «سيلكتيس» الفرنسية بدفعة 80 مليون دولار ودفعات منفصلة تصل ل 185 مليون دولار لتشاركها في برنامج العلاج المناعى، كما تعمل شركة «نوفارتس» أيضا على العلاج. وتعتبر شركات التبغ من أكثر الشركات المصدرة لمرضى السرطان، حيث أكدت منظمة الصحة العالمية أن التدخين أحد العوامل الرئيسية للإصابة بسرطانات الرئة والمثانة والفم. ودعت المنظمة حكومات العالم إلى زيادة الضرائب على السجائر وغيرها من منتجات التبغ، لإنقاذ أرواح المرضى وتوفير أموال لخدمات صحية أكثر فعالية. وأضافت أن عددا قليلا من الحكومات هي التي تستخدم بشكل كامل ضرائب التبغ لأثناء الناس عن التدخين أو مساعدتهم على تقليل تلك العادة والإقلاع عنها. كما كشف أطباء في مجال علاج الأورام السرطانية، مأساة يعيشها مرضى السرطان على يد بعض الأطباء غير الشرفاء الذين يعتبرون المريض صفقة رابحة تضمن لهم إما دخلًا ماديًا مرتفعًا أو مرتبة علمية أعلى. ومن جانب آخر، أكد أطباء معالجون أن هناك صفقات علمية «خفية» يديرها أطباء بهدف استغلال المرحلة الأخيرة من مرض السرطان في استخدام الكيماوى على أنه علاج بموافقة المريض، في حين أنهم يستخدمونه بغرض إجراء تجارب علمية خاصة بهم دون إذن المريض بل دون علمه. وأشاروا إلى نوع آخر من الصفقات، وهي الصفقات التجارية ذات العائد المادى وأحيانًا ذات عائد علمى، وفيها يبيع الطبيب ضميره ويعالج المريض بأنواع معينة من الكيماوى بناء على طلب شركة الأدوية التي تنتج هذا النوع من الكيماوى، في مقابل نسبة مادية من إرباح الكمية المستخدمة من الكيماوى تمنح للطبيب. ومنذ عدة أشهر، أظهرت دراسة تحذيرات من العلاج الكيماوى، وأكدت أنه مجرد وسيلة لتحقيق لربح وخداع المرضى، كما أشارت إلى أن مرضى الأورام لا يموتون في الغالب بسبب السرطان وإنما بسبب العلاج الكيماوى والآلام الخطيرة التي يسببها. وكشف مؤتمر الجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريرى عن أحدث صيحة علاجية للسرطان، ويمكن أن تحل بديلًا للعلاج الكيماوى خلال 5 سنوات، وتمتلك فاعلية كبيرة ضد سرطان الجلد والرئة وأيضًا سرطان الكلية والمثانة وسرطان الرأس والعنق.