كمال زاخر: من يقفون ضد تواضرس الثانى أصحاب مصالح.. ومقارنته ب«شنودة الثالث» ظالمة لم يكن الطريق أمام البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، مفروشًا بالورود والزهور حال اعتلائه السدة المرقسية عام 2012، فقد فرشت طريقه بالأزمات والمشكلات والأمور الداخلية للكنيسة، والتي تراكمت على مدى السنين الطويلة الماضية، من أحوال شخصية أو أمور تنظيمية وغيرها شابها الكثير خلال فترة إعياء البابا الراحل. الأزمات لم تكن الأمر الوحيد الذي واجهه "تواضروس الثانى"، لكنه كان على موعد مع فريق لم يشأ الاعتراف به بديلا للبابا الراحل شنودة الثالث الذي ترك بصمة في قلوب المسيحيين والمسلمين معا طوال نصف قرن من الزمان، الأمر الذي جعل الكثيرين يتصورون أنه آخر باباوات الكنيسة وبعدها يحل يوم القيامة الموعود، ومنهما البطريرك الحالى ذاته لما رآه في شخصية البابا الراحل. تراكم الأزمات مع صعود بطريرك جديد للكنيسة لم يكن بالأمر السهل لدى الكثيرين، فلا تزال المقارنات قائمة –حتى وقتنا الحالى – بين البابا الراحل و"تواضروس الثانى"، في كل الأمور. من جانبه لم يخجل البابا الحالى، تواضروس الثانى، من الاعتراف بأنه أحد أبناء مدرسة البابا شنودة الثالث، ولم يتصور يومًا أو يتخيل الوصول إلى الجلوس على المقعد الأعلى في الكنيسة، وليس ذلك فحسب فقد قال في عدة حوارات له: "أنا رجل ريفى لا علاقة لى بزخم العاصمة"، ورغم هذا أدار البيت من الداخل بوضع قواعد مؤسسية لتكون ركائز أساسية، وجدد لائحة انتخاب البابا وأقر لائحة لاختيار الأساقفة والكهنة، وجميعها خطوات لم تكن في صالح البعض. اتبع البطريرك أسلوبًا إداريًا جديدًا لم تعرفه الكنيسة خلال الحقبة الزمنية الماضية بتقسيم الإيبراشيات وإسناد الخدمة لأساقفة جدد، كما لو أنه أراد ضبط كفة الميزان بوجود رجال جدد إلى جواره، إضافة لنشر الخدمة، حيث رسم ما يزيد على 20 أسقفا خلال 4 أعوام فقط. "التحدى والصمود" شعار رفعه البابا تواضروس الثانى، منذ يومه الأول خلال حكم الجماعة الإرهابية واقتناصها البلاد، وفسر البعض تأسيس البابا تواضروس مقرات باباوية له بالعديد من الكنائس والكاتدرائية، منذ إعلان مقر باباوى بالزيتون، واعتزامه تأسيس مقر بكاتدرائية التجمع الخامس، وكذا الكاتدرائية المزمع بناؤها بالعاصمة الإدارية الجديدة إضافة للمقار القائمة بأنها إحدى حلقات مواجهة معارضيه بالانتشار والتوسع. ورغم المقارنات التي تلاحق البابا تواضروس، لكنه لم ير عيبا في إعلانها صريحة "أن لكل عهد رجاله، ولكل منهم أسلوب يواكب العصر يتبعه في إدارته لمقاليد الأمور فلا مقارنة بين رئيس وآخر أو بطريرك وآخر. وتعقيبًا على هذا الأمر قال كمال زاخر، المفكر القبطي، مؤسس التيار العلمانى: إن توسع البابا تواضروس في تأسيس مقار باباوية ليس هربا من مواجهات خصومه، لكن الأمر محكوم بالتوسع الجغرافى والزيادة السكانية، والمقر الباباوى كان بمصر القديمة صغيرا حينما كان تعداد المسيحيين أقل والمساحات تحكمه. "زاخر" أكمل قائلا: المكان الحقيقى للمواجهة بين البطريرك وخصومه يكون في اجتماعات المجمع المقدس حيثما عقد، والبطريرك لا يحتاج الهروب من حصار خصومه بينما هو يخرج الأقباط من حصار أزمة بناء الكنائس فيعوض ذلك بتشييد كاتدرائيات بها العديد من المذابح لإقامة الشعائر الدينية. وشدد على أن تشييد الكاتدرائيات والكنائس الكبرى هي حكمة باباوية لمواجهة أزمة حالكة في بناء الكنائس يداويها البطريرك بحكمة شديدة لتجنيب البلاد والأقباط مواجهة أزمات كارثية. وعن المقارنات بين البطريرك الحالى والسابق، قال "زاخر": "إن الشخصيات التاريخية لا تقارن ولا تستنسخ فالسادات لم يكن شبيها لعبد الناصر أو غيره، وأزمات عهد البابا الراحل غير الأزمات التي يواجهها البابا الحالى، فإن كل منهما ابن ثورة مختلفة وجيل مختلف" والمقارنة بينهما ستكون ظالمة. وأضاف أن البابا شنودة ابن الثورة الصناعية وتواضروس ابن ثورة الاتصالات، ولا يمكن استخدام المفاتيح القديمة في فتح الأبواب الجديدة، ومن الطبيعى أن تكون التغييرات قد تتسبب بالضرر لأصحاب المصالح الذين يخشون ضياع مكاسبهم في حالة التجديد وذلك الأمر ليس قاصرا على الكنيسة وإنما المجتمع كاملا، مستشهدا بأنه عند قيام الحملة الفرنسية بإنشاء محطة تنقية مياه النيل ووضعوا مخططًا لدخول المياه للمنازل وما شابه جاء شيوخ ممن لهم مصالح وحرموها، ورددوا أنه حرام أن تحبس المياه التي خلقها الله لتجرى في مواسير، وظل المواطن في حيرة إلى أن أفتى شيخ آخر من المذهب الحنفى ليسمح بالأمر. "زاخر" أنهى حديثه بقوله: أصحاب المصالح طبيعى سيقاومون ما هو جديد ويرددون ولا يوم من أيام الماضي، وتحويل العمل الاجتهادى لمؤسسى يضايق من يسيرون بالبركة، وليظلوا مواجهين للبطريرك ليس تواضروس الثانى بينما أي بطريرك آخر يأتى".