الحكومة أجرت تعديلات خطيرة بقانون"الإعلام الموحد" لتقييد حرية الصحافة.. وهناك رغبة في كسر شوكة الصحفيين وتكميم الحريات تسبب الحكم الصادر ضد نقيب وعضوى مجلس نقابة الصحفيين في صدمة للرأى العام وليس للشارع الصحفى فقط، فهناك من ذهب إلى وصفه بأنه سياسي يهدف إلى خنق "قلعة الحريات" والإساءة لرموزها في إطار حملة تكميم الأفواه، وبالتزامن مع الحكم فقد لاحت في الأفق إرهاصات تؤشر على نية الدولة في إنجاز وإقرار مشروع قانون الإعلام الموحد، وسط اتهامات من الصحفيين للحكومة بأنها "عبثت" ببعض المواد الخاصة بإلغاء الحبس في قضايا النشر، وذلك قبل إرساله لمجلس الدولة، بما يؤكد سوء نية الدولة تجاه أصحاب الرأى، بعدما ظل حبيس الأدراج ثلاث سنوات، ولمعرفة تداعيات الأمر والوقوف على أحوال الصحافة والصحفيين استضاف "صالون فيتو" جمال عبد الرحيم، السكرتير العام لنقابة الصحفيين في حلقة نقاشية حول تأثير الحكم الصادر بالحبس عامين في نقيب الصحفيين وعضوى المجلس وأوضاع صاحبة الجلالة ومتاعبها... وإلى نص الحوار كيف استقبلتم الحكم بالحبس عامين.. وهل تم توريط النقابة لتصفية حسابات قديمة؟ استقبلنا كمجلس نقابة الصحفيين قرار حبسنا عامًا مع الشغل ودفع غرامة عشرة آلاف جنيه بعد اتهامنا بإيواء مطلوبين داخل النقابة بصدمة شديدة، وبصفة خاصة أرى أن الحكم قاسٍ جدًا، في ظل حصولنا على أعلى عقوبة ممكنة في ذلك الاتهام، خاصة أن أوراق القضية لا تتضمن بين معطياتها دليلا واحدًا يجعل المحكمة تصدر حكمها بالحبس. وبالنظر إلى القضية نجدها تستند إلى قسمين، الأول تحريات مباحث الأمن الوطني، والثاني شهود الإثبات من عمال أمن النقابة الذين تواجدوا وقت حدوث واقعة اقتحام نقابة الصحفيين للقبض على الزميلين المعتصمين في ذلك الوقت "عمرو بدر ومحمود السقا"، وأكدت أقوال عمال أمن النقابة أمام المحكمة بحضوري ووجود النقيب يحيي قلاش وهيئة الدفاع أنهم شاهدونا نجلس بصحبة الزميلين في تمام الساعة الثالثة والنصف بعد ظهر الأحد بتاريخ 1 مايو الماضي، على الرغم أننا قدمنا للمحكمة صورة من جواز سفري أنا وزميلي خالد البلشي يفيد بما لا يدع مجالا للشك أننا كنا في الدار البيضاء بالمغرب، لحضور مؤتمر عن حرية الصحافة وأن عمال الأمن تعرضوا لضغوط لتغيير شهاداتهم. أقاويل عدة تناقلتها الألسن بعد صدور الحكم، أبرزها الحديث عن كسر "شوكة الصحفيين".. إلى أي مدى تتفق وهذا الأمر؟ أعتقد أن الحكم الصادر بحقنا وكذلك اقتحام مقر النقابة لم يكن المقصود به إيذاء شخصي أو شخص نقيب الصحفيين أو زميلي خالد البلشي، لكنه يهدف إلى إلحاق الأذى بكيان نقابة الصحفيين وانتهاكها، وكان لابد أن يصدر الحكم بالصيغة التالية "حبس نقابة الصحفيين عامين مع الشغل وغرامة 10 آلاف جنيه"، فالهدف الرئيسي للقضية منذ البداية تكميم الأفواه وتحجيم دور نقابة الصحفيين، والقضاء على الحريات بمصر، إضافة إلى الرد على دور النقابة في دعم تظاهرات جمعة 15 أبريل الماضي المنددة باتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية وتأكيد مصرية جزيرتي تيران وصنافير. وأتساءل لماذا تغضب الحكومة عندما يهتف المئات من المصريين على سلالم نقابتنا بمصرية الجزيرتين؟ وما يدل على هذا الاعتقاد محاولة إيذاء الصحفيين بدنيًا يوم 4 مايو الماضي، عندما تم جلب مئات من قطاع الطرق ومسجلي خطر السرقات ودفعهم إلى التحرش بالزميلات تحت حماية قوات الشرطة. في رأيك.. هل كان هناك تربص بالصحفيين قبل واقعة اقتحام نقابتهم؟ أرى أن هناك مسلسلا أعد مسبقًا لتكميم أفواه الصحفيين، الفصل الأول منه عندما وضعت الحكومة بعض النصوص في قانون الإرهاب تجيز حبس الصحفيين، ومن وجهة نظري أرى أنها نصوص غير دستورية، حيث وضعتنا الحكومة في سلة واحدة مع الإرهابيين، برغم تاريخ الصحافة المصرية في مكافحة الإرهاب ومواجهة الإرهابيين، فمجلس نقابة الصحفيين تصدى لقانون الإرهاب، وعقد أكثر من اجتماع مع المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء في ذلك الوقت، وتمكنا من إسقاط الحبس في قضايا بقانون الإرهاب، ولكن نجد أنهم استبدلوا الحبس بدفع غرامة نصف مليون جنيه، ومعنى ذلك أنه بدفع غرامة مرة أو اثنتين ستغلق الصحيفة. الفصل الثاني هو قانون "الإعلام الموحد"، فدستور مصر الصادر في يناير عام 2014 تضمن بعض النصوص المتعلقة بالصحافة والإعلام منها المواد 211 الخاصة بإنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والمادة 212 الخاصة بإنشاء الهيئة الوطنية للصحافة، والمادة 213 الخاصة بإنشاء هيئة مستقلة للإعلام، والمادة71 التي تلغي الحبس في قضايا النشر باستثناء 3 جرائم هي التمييز بين المواطنين والتحريض على العنف والطعن في الأعراض، كما نجد أن الحكومة لم تتحرك بعد صدور الدستور للتنسيق مع الصحفيين لترجمة تلك المواد على أرض الواقع إلى قوانين، فقامت نقابة الصحفيين بعد 10 أشهر بتشكيل لجنة بالتنسيق مع المجلس الأعلى للصحافة ونقابة الإعلاميين تحت التأسيس واتحاد الإذاعة والتليفزيون، يمثل عن كل جهة 6 أعضاء، إضافة إلى 26 شخصية صحفية وإعلامية وأساتذة جامعات وخبراء قانون، وأزعم أننا خرجنا بنتيجة جيدة بنسبة 75% وبالفعل انتهينا من القانون الموحد للصحافة والأعلام، وأُعلن ذلك في مؤتمر صحفي، وأرسلنا نسخة منه إلى الحكومة تمهيدًا لإقراره من رئيس الجمهورية لأنه كان يمتلك سلطة التشريع. لماذا لا يتم وضع كاميرات مراقبة بنقابة الصحفيين.. ما أدى لعدم وجود فيديو واحد يرصد لحظة الاقتحام، ويقدم كدليل على تغيير عمال الأمن لشهاداتهم؟ بصفتى سكرتير نقابة الصحفيين أعتبر مسئولا عن عدم الموافقة على وضع كاميرات بالنقابة أم لا، وسبب رفضي وضعها ليس ماديًا ولا تقصيرًا، ولكن لأن سلالم نقابة الصحفيين تعج يوميا بالتظاهرات من قبل زملائنا وغيرهم، وبالتالي وضع كاميرات مراقبة يشكل خطرا أمنيا عليهم في حالة مطالبة قوات الشرطة بالكاميرا للاستدلال على المتظاهرين والقبض عليهم، ولذلك علينا أن نتخذ حذرنا لأن نقابة الصحفيين تتعرض للتشويه وحملات ضدها أمام الرأي العام. ما تحركات مجلس نقابة الصحفيين بعد صدور الحكم بحبسك مع نقيب الصحفيين وخالد البلشي؟ على أن أوضح شيئًا أنني مع النقيب والزميل خالد البلشي سددنا 30 ألف جنيه كفالة من مالنا الخاص، وأصدرنا بيانًا عن نقابة الصحفيين أن المجلس من سدد الكفالة، لأننا في حالة استرجاع مال الكفالة ستكون إجراءات أسهل، مما إذا كان مالا عاما تابعا للنقابة، كما قمنا باستئناف الحكم، وتم تحديد جلسة 25 ديسمبر الحالي للنظر في القضية، فضلا عن ذلك أثق في براءتنا وفى نزاهة القضاء المصري؛ لأن نقابة الصحفيين محترمة خرجت من فوق سلالمها ثورتان متتاليتان 25 يناير و30 يونيو، واحتضنت جميع فئات الشعب المصري، وتحترم الدستور والقضاء والقانون. هل تم تشكيل وفد من نقابة الصحفيين لمقابلة رئيس الجمهورية للتدخل في حل الأزمة؟ وفي حالة صدور تأييد الحكم بالحبس هل ستطالب بالعفو الرئاسي؟ لم ولن يحدث، والموضوع متروك للقضاء، ولن أطلب العفو إلا من الله سبحانه وتعالى، وفيما يتعلق بالاتهامات التي طالت مجلس النقابة بأنه طالب باعتذار رئيس الجمهورية فهذا غير صحيح، لكن حقيقة الأمر أن الجمعية العمومية الطارئة التي عقدت بعد اقتحام النقابة كان المجلس مع رؤساء التحرير خرج بعدة توصيات منها اعتذار الحكومة والمطالبة بإقالة وزير الداخلية، ولكن خلال انعقاد الجمعية قام عدد من أعضاء الجمعية بالهتاف مطالبين باعتذار الرئاسة، وفي ذلك الوقت خرج نقيب الصحفيين في تصريحات له أننا لم نقصد اعتذار رئيس الجمهورية، ولكننا نقصد صفته كرئيس لكل المصريين أن يتدخل لحل الأزمة. ما أسباب عدم إقرار قانون الإعلام والصحافة الموحد حتى الآن؟ في الحقيقة ظل القانون حبيس الأدراج حتى شهر مايو الماضي، وعندما خرجت الحكومة بالموافقة في نفس الشهر على القانون استقبلنا الخبر بفرحة شديدة، ولكن عندما أرسل القانون إلى مجلس الدولة لمراجعته اكتشفنا أنها أدخلت تعديلات خطيرة جدًا بالقانون ضد حرية الصحافة والإعلام منها حبس الصحفيين احتياطيًا في قضايا النشر. لماذا لم تتخذ نقابة الصحفيين حتى الآن قرارًا بشأن صحفيي المواقع الإلكترونية؟ عندما وضع قانون نقابة الصحفيين 67 لسنة 70، لم يكن للإنترنت وجود من الأساس، وبالتالي لم تكن هناك مواقع إخبارية إلكترونية، وبالرغم من ذلك، فالنقابة تقبل 75% من الصحفيين الإلكترونيين، وتمنحهم عضويتها، شريطة أن يكونوا معينين في جريدة ورقية، وليس إلزامًا عليهم تقديم أرشيف ورقي للجنة القيد حسب القانون، فالقانون يشترط التعيين في جريدة ورقية وليس أرشيفًا ورقيًا، وخير مثال على ذلك قبول صحفيين إلكترونيين بالفعل من جرائد "فيتو، والشروق، وبوابة الأهرام". ذكرت في حديثك من قبل أن قانون 67 الصحفيين لسنة 70 لم يتضمن أي مواد تتعلق بقبول الصحفي الإلكتروني.. فهل توجد نية لتعديله؟ نعم، فنقابة الصحفيين تعكف حاليًا على تعديل قانونها، وأهم التعديلات تتعلق بقبول الصحفيين في المواقع الإلكترونية، ولكن بشرط أن تكون حاصلة على ترخيص من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام عن طريق شركة مساهمة مصرية رأس مالها 500 ألف جنيه بهيئة تحرير 10 أشخاص جميعهم أعضاء بنقابة الصحفيين. إلى أي مدى ستتأثر حالة الصحف القومية والخاصة بعد تضاعف ثمنها ليصل إلى 3 أو 4 جنيهات، بعد ارتفاع أسعار الورق والمواد الخام بنسبة 80% عقب قفزة الدولار؟ هذا سؤال مهم للغاية، فارتفاع سعر الورق والأحبار يهدد عددًا كبيرًا من الصحف المصرية الخاصة والحزبية بالإغلاق، ما سيترتب عليه تشريد المئات من الصحفيين، كما يهدد أيضًا بإغلاق مؤسسات قومية، لأن نسبة الزيادة مرتفعة جدًا في ظل تدهور الوضع الاقتصادي في المؤسسات القومية، وتدني الرواتب سواء في القومية أو الخاصة، ما يؤكد أن المؤسسات الصحفية ستعاني لا محالة في الفترة المقبلة، ولدي مقترح بخصوص ذلك الموضوع تحديدا، وهو أن تقوم المؤسسات القومية والحزبية والخاصة بالتنسيق مع النقابة لإنشاء شركة مساهمة بإنتاج الأحبار والأوراق، في المقابل تحصل كل صحيفة أو مؤسسة على عدد معين من الأسهم. مشروع مدينة الصحفيين.. هل أخطأت النقابة عند التنازل عن الأرض مقابل وحدات سكنية تابعة لوزارة الإسكان؟ مشروع مدينة الصحفيين فاشل منذ البداية، وكان غرضه الدعاية الانتخابية للأستاذ مكرم محمد أحمد، بدليل أنه حجز تلك المدينة قبل ترشحه لمنصب نقيب الصحفيين بأيام قليلة، كما أن المشروع يحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة جدا لا تستطيع نقابة الصحفيين توفيرها، مع العلم أن مجالس النقابة السابقة حاولت إنقاذ ما يمكن إنقاذه ولم تنجح، لأن المشروع فاشل، فيما يحاول المجلس الحالي أن يحصل على شقق للصحفيين.