الأرقام الرسمية، أصدق أنباء من العبارات المرسلة، والتقارير الصادرة عن الجهات الحكومية، تؤكد أن هناك من يفكر في مصر بنعليه، ويمشى على رأسه، حيث تكشف تلك التقارير عن ممارسات اقتصادية مؤلمة، تتمثل في الإسراف في استيراد سلع استفزازية، أو سلع متوفرة محليا، بالشكل الذي يستنزف العملة الصعبة، ما كان أحد الأسباب المهمة في أن يلامس الدولار 16 جنيها مما تعدون، وكأنه ليس غريبا أن البلد، الذي يدخل ثلثا مواطنيه تحت خط الفقر الأليم، الذي تمناه الأقدمون رجلا لينحروه، ويقترض من الأشقاء الذين سرعان ما يعايرونه، أو من البنك الدولى، الذي يفرض عليه شروطه الصعبة، أن يُفرّط في استيراد نحو 500 سلعة، تستنزف اقتصاده المترهل والعاجز، من بينها: طعام الكلاب والقطط، ومنتجات أصناف التبغ الفاخر، والمأكولات البحرية، كالكافيار الأحمر والأسود والجمبرى الجامبو والاستاكوزا، ولحم الطاووس والغزلان، والشيكولاتة بأنواعها المختلفة، وبيض الطيور، وليس انتهاء بحمالات الصدر التي تستورد مصر منها بمليون دولار شهريا! في ظل الوضع الاقتصادى المتدنى، وجنون الدولار، وتراجع إيرادات قناة السويس، وانخفاض تحويلات المصريين بالخارج، ووفاة السياحة إكلينيكياطالب خبراء الاقتصاد بوضع قائمة للسلع غير الأساسية والتي لا مثيل لها ووقف استيرادها لفترة محددة، وفى نفس الوقت تحسين جودة الإنتاج المحلي، وتوجيه حملات توعية للمواطنين بشراء المنتج المحلي، مع السير في اتجاه مواز نحو تحسين جودة تلك المنتجات وجعلها في منافسة مع نظرائها العالمية لافتين إلى قيام الحكومة بالاكتفاء باستيراد الخامات ومستلزمات الإنتاج والتي تقوم عليها غالبية الصناعات والنهوض بمشروعات قومية تسد احتياجات المواطن الأساسية، مؤكدين أنه إذا كانت الحكومة جادة في تنفيذ هذه الفكرة فيجب عليها انتقاء سلع محدودة وحظر استيرادها لمدة 6 أشهر ومعرفة انعكاس ذلك على السوق ومدى قدرتها على توفير هذه السلع محليًا لا سيما في ظل العجز الكبير الذي يضر الميزان التجارى بعنف، وأجمعوا على أن الطريق الأفضل يتمثل في وضع خطة لإنتاج مستلزمات الإنتاج والأدوات والمعدات بدلًا من استيرادها من الخارج لأنها الجزء الأكبر في العملية الإنتاجية، وشددوا على أن السلع عالية الرفاهية والاستفزازية مثل: طعام القطط والكلاب وغيرها لابد من وقف استيرادها فورًا مع الاعتماد على البدائل من المنتجات المحلية وتوعية المواطنين بحجم المشكلة حتى يتحملوا مسئولياتهم تجاه بلدهم ولدعم اقتصادها، مع عدم الاحتجاج بالاتفاقيات الدولية، لا سيما أنها تتضمن بنودا تتيح للحكومة المصرية الحد من استيراد السلع التي لا تحتاجها، ووضع ضوابط على استيراد هذه السلع لفترة محددة بموافقة منظمة التجارة العالمية لحين انتهاء أزمة نقص العملة، وطالبوا المستوردين بضرورة ترشيد الاستيراد، وأن يكون لديهم وازع وطنى، حتى تعبر مصر نفق الأزمة الاقتصادية. ووفقا للأرقام، فإن إجمالى ما تستورده مصر سنويا من سلع استفزازية يزيد على 6 مليارات دولار، حيث تستورد "قمصان نوم» ب 88 مليون دولار، و«حمالات الصدر» بمليون دولار، و«مراحيض الأغنياء» ب 3 ملايين دولار، وطعاما للقطط والكلاب ب 6.3 مليون دولار، و«كرافتات » ب 9 ملايين دولار، و"بايب" ب 400 ألف دولار، والقائمة كبيرة وتتسع لنحو 500 سلعة، تكبد الاقتصاد الوطنى ما يزيد على 6 مليارات دولار، ما دفع اقتصاديين إلى المطالبة بزيادة جديدة في رسوم استيراد هذه المنتجات، لأن معظمها، إن لم يكن جميعها، لا تؤدى وظيفة حقيقية للاقتصاد المصري.. "فيتو" تعرض في هذا الملف جانبا مفصلا من تلك المأساة الاقتصادية، وتطرح حلولا لها عبر المختصين، وتتبنى مبادرة طرحها الرئيس السابق للمركز القومى للبحوث الدكتور هانى الناظر بالتوقف عن الاستيراد السفيه وتشجيع المنتج المصرى..