ضغوط أباطرة القمح تتلاقى مع رغبة تركيا.. و180 مليون دولار سر الأزمة مصر تقع في فخ «التحكيم الدولي» من جديد وتوقعات بغرامات مالية كبيرة «مصائب قوم عند قوم فوائد».. هكذا تقول العبارة المأثورة، وهكذا تصنع تركيا تحت قيادة رئيسها الكاره لمصر رجب طيب أردوغان حيث سعى مبكرًا لتحل صادرات بلاده الزراعية بديلا للصادرات الزراعية المصرية في الأسواق الروسية، لتأتى الأزمة الأخيرة الناجمة عن قرار القاهرة حظر استيراد القمح المصاب بالإرجوت، وهو ما ردت عليه موسكو بالحظر المؤقت لحاصلات مصر الزراعية. منذ أسابيع قليلة فاجأ الرئيس التركى أردوغان العالم بعودة العلاقات مع روسيا إلى طبيعتها وقيامه بزيارة إلى موسكو التقى خلالها بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين، يومها تحدث العديد من الخبراء حول «الرابحون والخاسرون» من هذه الزيارة على صعيد السياسة، فيما تحدث البعض عن هرولة أردوغان إلى روسيا بعد الانقلاب الفاشل على نظامه، غير أن أحدًا لم يتحدث عن خطة تركيا لحصار مصر تجاريًا هناك. مصادر "فيتو" أوضحت أن خطة تركيا لحصار مصر تجاريًا في روسيا بدأت في هذه الزيارة حيث منحت أنقرةموسكو خصمًا قدره 20 % على الصادرات الزراعية، لتحل بديلا عن الصادرات الزراعية المصرية في روسيا التي تحتل الصدارة هناك. ما سبق أكده أيضًا الدكتور محمد فتحى سالم، أستاذ الوراثة بكلية الزراعة جامعة المنوفية، بقوله إن البدائل الزراعية للصادرات المصرية موجودة في تركيا وهو ما يجعل الباب مفتوحا أمامها لخطف السوق الروسية التي تربطنا بها علاقات طويلة وجيدة، مشيرًا إلى أن روسيا تستورد من مصر وفق بيانات اطلع عليها بالغرفة التجارية الروسية على نحو 500 ألف طن موالح منذ عام 2012. وأوضح أن مصر تلقت في شهر يونيو الماضى إخطارا من روسيا يعترض على بعض المواصفات الفنية في الموالح المصدرة اليها من مصر وأهمها ذبابة الفاكهة ومرض بكتيرى آخر ولكن لم تتجاوب مصر مع هذا الإخطار بعقد اجتماع فنى عاجل في روسيا من خلال رئيس الحجر الزراعى المصرى، وهو ما فاقم الأزمة الآن. جانب آخر من الأزمة، يقف خلفه أباطرة استيراد القمح في مصر الذين تعرضت مصالحهم للتهديد فضلا عن الخسائر المادية الكبيرة جراء القرار 1421 والذي نص على حظر دخول أي نسب من الإرجوت في شحنات القمح المستوردة، وهو القرار الذي ألغى قرارا سابقًا برقم 1117 صادر من وزير الزراعة عصام فايد والذي كان يسمح بدخول قمح روسى مصاب بالإرجوت بنسبة 0.5 %، لتعتبر موسكو قرار الحظر إهانة لها وإساءة كبيرة للقمح الروسى سيؤثر سلبا على سمعته في الدول التي تستورد القمح الروسي. أباطرة الاستيراد مارسوا ضغوطا كثيرة على الحكومة وبالأخص وزير التموين المستقيل خالد حنفى ووزير الزراعة الحالى عصام فايد، وقفت وراء صدور بالسماح بدخول شحنة القمح المصابة بالإرجوت بعد أن وردت إلى مصر أول شحنة من فرنسا وتم رفضها من قبل الحجر الزراعى لتبدأ الضغوط والمطالبات بتمرير الشحنة من قبل المستوردين في وسائل الإعلام الأمر الذي اضطرت معه الوزارة إلى عقد اجتماع مع هيئة السلع التموينية والحجر الزراعى ووزارة الصحة وممثلين للمستوردين للاتفاق على احترام تشريعات الحجر الزراعى التي تحظر دخول الإرجوت مصر، ووافق الجميع على وجهة نظر الزراعة، قبل أن تبدأ ضغوط فرنسية على مصر من خلال السفارة الفرنسية في القاهرة ليصدر بعدها بستة اشهر قرار السماح بدخول الإرجوت بنسب لا تتعدى 0.5%، وتتعاقد هيئة السلع التموينية ومستوردى القطاع الخاص على نحو 860 ألف طن من القمح المصاب بنسب من الإرجوت وفقا لتصريحات اللواء محمد الشيخ فور توليه منصبه الجديد كوزير للتموين خلفا لخالد حنفى حيث عقدت مناقصات وجاء بها السماح بدخول الإرجوت بالنسب الواردة في قرار وزير الزراعة. مصادر مسئولة بوزارة التموين أكدت أن 540 ألف طن من إجمالى الشحنات المتعاقد عليها من روسيا ستواجه الحكومة مصاعب كبيرة في إعادتها مرة أخرى إلى بلدها بعد الرفض. مصدر حكومى رسمى بوزارة الزراعة أكد أن وزير التموين المستقيل حذر من الحكومة من عدم استيراد القمح المصاب بالإرجوت حتى لا تفرض عقوبات صارمة على الصادرات الزراعية المصرية وعلى وارداتها أيضا من الغذاء، وهو ما استجابت له الحكومة وأوصت وزير الزراعة بإصدار القرار 1117، الذي تلاه التعاقد على شحنات القمح المصاب بالأرجوت حتى تم إلغاء القرار بعدها بشهرين وهو ما أشعل غصب المستوردين الذين يحصلون على خصومات بنحو 15% على الأقماح المصابة بالإرجوت إلى جانب تسهيلات أخرى نظرًا لاستيرادهم كميات كبيرة للدولة الأكثر استهلاكا للقمح في العالم. وأكد المصدر أن بعض المستوردين شنوا حملة إعلامية فاشلة للهجوم على وزارة الزراعة قبل أن يلجأوا إلى الظهور بأنفسهم على بعض القنوات للدفاع عن استيراد الإرجوت ومنهم طارق سعيد حسانين رئيس غرفة الحبوب في الغرفة التجارية وعضو مجلس النواب الذي ظهر في عدد من البرامج يهاجم وزارة الزراعة ويدافع عن استيراد الأقماح المصابة بالإرجوت، ولفت المصدر إلى أن الغضب الروسى نشأ بعد أن حاول بعض المستوردين الضغط من أجل رفع الحظر عن الإرجوت، من خلال اللعب بورقة التحكيم الدولى تجاه مصر لزيادة الضغط على الدولة خاصة بعد تلويح رومانيا بطلب تعويض قدره نصف مليون دولار بعد رفض مصر الشحنة الرومانية المصابة بالإرجوت وقدرها 63 ألف طن. كما حمل المصدر الدكتور خالد حنفى مسئولية الوقيعة بين مصر وروسيا بتأكيده ضرورة استيراد القمح المصاب بالإرجوت لتفادى العقوبات الاقتصادية مشيرًا إلى أن وزارة الزراعة مصرة على عدم إدخال الإرجوت إلا إذا وصلت الحكومة إلى اتفاق مع الدول المستورد منها وخاصة روسيا حول قبول شحنات القمح المصابة خالية من الأجسام الحجرية للفطر، لمنع توغلها في البيئة الزراعية المصرية. وأرجع الدكتور نادر نور الدين مستشار وزير التموين الأسبق خبير البورصات الزراعية ضغوط المستوردين على روسيا لاستيرادهم نحو 90% من احتياجات مصر من القمح والتي تصل إلى 6 ملايين طن سنويا، مؤكدا أن غرفة صناعة الحبوب أول من مارس ضغوطا على الحكومة المصرية وعلى الدول الأخرى التي تصدر القمح المصاب بالإرجوت. وقال مستشار وزير التموين الأسبق إن مصر تستورد القمح الخالى من الإرجوت من روسيا طوال الستين عاما الأخيرة مشيرا إلى أن مافيا المستوردين لجأت إلى استيراد القمح المصاب بالإرجوت نظرا لانخفاض سعره بنسبة 15 % عن الأقماح النظيفة، بما يوفر للمستوردين هامش ربح خياليا يصل ل180 مليون دولار العام الحالي.