السيسي للمصريين: «لازم نستمر في صمودنا واستقرارنا حتى نحقق ما ننشده لبلدنا»    للمرة الخامسة.. جامعة سوهاج تستعد للمشاركة في تصنيف «جرين ميتركس» الدولي    موعد تطبيق الدعم النقدي وسعر رغيف الخبز.. أهم 30 تصريحا لوزير التموين    الرئيس السيسي: مجال الرقمنة يُوفّر مليون فرصة عمل جديدة للشباب    بعد انتشال جثمانه من تحت الأنقاض.. أين سيدفن حسن نصر الله؟ (فيديو)    سي إن إن: صور تظهر تجمع 100 آلية عسكرية إسرائيلية قريبة من حدود لبنان    الأهلي يعلن تعيين محمد رمضان مديرا رياضيا لفريق الكرة    مؤمن زكريا يتهم أصحاب واقعة السحر المفبرك بالتشهير ونشر أخبار كاذبة لابتزازه    تفاصيل اتهام شاب ل أحمد فتحي وزوجته بالتعدي عليه.. شاهد    أشهر كومبارس في السينما المصرية.. حقيقة وفاة الفنانة صباح محمود    سي إن إن: صور أقمار اصطناعية تظهر تجمع 100 آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود لبنان    أمين الفتوى يوضح حكم التجسس على الزوج الخائن    محافظ المنوفية: تنظيم قافلة طبية مجانية بقرية كفر الحلواصى فى أشمون    مؤشرات انفراجة جديدة في أزمة الأدوية في السوق المحلي .. «هيئة الدواء» توضح    غدًا.. انطلاق دور الانعقاد الخامس من الفصل التشريعي الثاني لمجلس النواب    تأسيس وتجديد 160 ملعبًا بمراكز الشباب    حدث في 8ساعات| الرئيس السيسى يلتقى طلاب الأكاديمية العسكرية.. وحقيقة إجراء تعديلات جديدة في هيكلة الثانوية    الرئيس السيسي يوجه رسالة للأسر بشأن تعليم أبنائها    "طعنونا بالسنج وموتوا بنتي".. أسرة الطفلة "هنا" تكشف مقتلها في بولاق الدكرور (فيديو وصور)    المعمل الجنائي يعاين حريق شقة في الشيخ زايد    التحقيق مع خفير تحرش بطالبة جامعية في الشروق    "رفضت تبيع أرضها".. مدمن شابو يهشم رأس والدته المسنة بفأس في قنا -القصة الكاملة    محافظ الغربية يودع عمال النظافة الفائزين برحلات عمرة قبل سفرهم إلى الأراضي المقدسة    محافظ القليوبية يشهد تكريم حملة الماجستير والدكتوراه بنقابة المهندسين    3 أعمال تنتظرها دينا الشربيني خلال الفترة المقبلة    السيسي: مصر لا تعمل على تزكية الصراعات أو التدخل في شؤون الآخرين    رمضان عبدالمعز ينتقد شراء محمول جديد كل سنة: دى مش أخلاق أمة محمد    هيئة الأركان الأوكرانية: الوضع على طول خط الجبهة لا يزال متوترا    إنريكى يوجه رسالة قاسية إلى ديمبيلى قبل قمة أرسنال ضد باريس سان جيرمان    هازارد: صلاح أفضل مني.. وشعرنا بالدهشة في تشيلسي عندما لعبنا ضده    وكيل تعليم الفيوم تستقبل رئيس الإدارة المركزية للمعلمين بالوزارة    وزير الصحة: الحكومة تلتزم بتهيئة بيئة مناسبة لضمان قدرة المستثمرين الأجانب على النجاح في السوق المصري    500 وفاة لكل 100 ألف سنويا .. أمراض القلب القاتل الأول بين المصريين    5 نصائح بسيطة للوقاية من الشخير    هل الإسراف يضيع النعم؟.. عضو بالأزهر العالمي للفتوى تجيب (فيديو)    الزمالك 2007 يكتسح غزل المحلة بخماسية نظيفة في بطولة الجمهورية للشباب    20 مليار جنيه دعمًا لمصانع البناء.. وتوفير المازوت الإثنين.. الوزير: لجنة لدراسة توطين صناعة خلايا الطاقة الشمسية    المتحف المصرى الكبير أيقونة السياحة المصرية للعالم    والد محمد الدرة: الاحتلال عاجز عن مواجهة المقاومة.. ويرتكب محرقة هولوكوست بحق الفلسطينيين    خُط المنطقة المزيف    نائب محافظ الدقهلية يبحث إنشاء قاعدة بيانات موحدة للجمعيات الأهلية    تواصل فعاليات «بداية جديدة» بقصور ثقافة العريش في شمال سيناء    يختصر الاشتراطات.. مساعد "التنمية المحلية" يكشف مميزات قانون بناء 2008    «حماة الوطن»: إعادة الإقرارات الضريبية تعزز الثقة بين الضرائب والممولين    طرح 1760 وحدة سكنية للمصريين العاملين بالخارج في 7 مدن    برغم القانون 12.. ياسر يوافق على بيع ليلى لصالح أكرم مقابل المال    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    مصرع شخص دهسته سيارة أثناء عبوره الطريق بمدينة نصر    جامعة بنها: منح دراسية لخريجي مدارس المتفوقين بالبرامج الجديدة لكلية الهندسة بشبرا    محافظ القاهرة يشهد احتفالية مرور 10 أعوام على إنشاء أندية السكان    خلافات في الأهلي بسبب منصب مدير الكرة    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    إنفوجراف.. آراء أئمة المذاهب فى جزاء الساحر ما بين الكفر والقتل    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المايسترو والوتر المشدود
نشر في فيتو يوم 10 - 09 - 2016

محطات المناولة، القلاب، والسعة التصميمية، الحفار، اللودر، والبلدوزر، التقاطر، وعدد النقلات، ومحطة محرم بك..أم زغيو.. والزياتين..والحمام.. وأجهزة الجي بي اس.. والمقطورة.. ورديات مسائية وأخرى صباحية.. مفردات تحياها الإسكندرية يوميا.. من حيث لا نعلم.. مفردات لم تألفها أذناي من قبل حتى أكون صادقة -إلا بعضها- ولا آذان كثير ممن سيقرأون هذا المقال..
سمعت هذه المفردات لأول مرة من سيدة ثلاثينية جميلة.. تندهش حين تجلس أمامها.. تبهرك بتأنقها الشديد.. ورقتها المفرطة.. ويدفعك الفضول للصمت الطويل وهي تتحدث.. منصتا إليها.. وبقدر خشونة المفردات التي تتداولها في عملها اليومي..بقدر ما تكره أن يقاطعها من يحاورها ليس لشيء سوى أن تتأكد أن ما تراه وتسمعه حقيقة وليس خيالا علميا.. ولكن يبدو أن الخيال العلمي هو الوجه الآخر للحقيقة في هذا البلد.. والعصر.. هذه السيدة بالمناسبة.. من حقي أفخر بها.. كونها سيدة مثلي أولا.. وثانيا لأنها تقوى على ما يعجز عنه "رجال" وهذا الحوار وتلك المفردات التي أدهشت أذناي.. دفعتني لتتبعها.. منذ أن ذهبت إلى الإسكندرية.. حتى افتتاح أول محطة تم إفراغها من آلاف الأطنان من القمامة.. وحرصي على مرافقتها إلى الإسكندرية..
بهذه المناسبة أنا ممن يتابعون أزمة القمامة في الإسكندرية.. ولأنها كانت المسئولة عن هذا الملف بصفتها رئيس جهاز تنظيم وإدارة المخلفات في وزارة البيئة.. بعد تكليف رسمي من مجلس الوزراء بالتدخل العاجل لحل أزمة القمامة في الإسكندرية.. فقد كلفها الوزير د. خالد فهمي بالتالي:
تولي مسئولية هذا الملف كاملا.. والسفر إلى الإسكندرية، ووضع خطة التشغيل بعد التعاقد مع الهيئة العربية للتصنيع..
ولن أتحدث مرة أخرى عن الأزمة فقد سبق، وأفردت لها مقالا كاملا بعنوان (وجع في قلب عروس البحر) تحدثت فيه عن أسباب الوجع الحقيقي بالإسكندرية في هذا الملف..هنا سوف أتحدث بعد مرور ثلاثين يوما من العمل في الإسكندرية، بعد صدور قرار مجلس الوزراء.. وتحديدا عن افتتاح محطة محرم بك وتسليمها لشركة النظافة في الإسكندرية، وإدارتها بعد أن أفرغتها د. فاطمة محسن.. ورجال وشباب جهاز تنظيم وإدارة المخلفات ورجال الهيئة العربية للتصنيع.. من 50 ألف طن من القمامة تكدست على مدى شهور في هذه المحطة الوسيطة، التي لا تتسع لأكثر من ثمانية آلاف طن.. وفقا للسعة التصميمية لها..
المحطة الوسيطة تحملت أكثر مما تحتمل عشرات المرات.. وشوارع الإسكندرية حملت الوزر وامتلأت عن آخرها.. وكان لابد من إفراغ الشوارع أولا.. في مرحلة التشغيل التجريبي.. والعمل على أكثر من محور للوقوف على التحديات والصعوبات.. فتم العمل على إفراغ ثلاث محطات وسيطة.. محرم بك.. وأم زغيو.. والزياتين.. إلى جانب إفراغ الشوارع.. وبعد 14 يوما من الحمل والتفريغ في محطة الحمام، وهي المدفن الصحي الوحيد الآمن بعد غلق مدفن برج العرب بحكم قضائي.. قررت "محسن" غلق محطة محرم بك وتكثيف العمل بها.. وخلال أربعة أيام.. تم تفريغ المحطة من 50 ألف طن.. كان تحديا حقيقيا..
استطاعت "محسن" باستنهاض الهمم.. والمشاركة، وزرع أشجار الإرادة في نفوس الرجال أن تحقق شيئا يشبه المستحيل بدون مبالغة.. وتم تسليم المحطة قبل الموعد المتفق عليه.. بيومين.. ولم تكن مساعد الوزير للاستثمار ورئيس جهاز تنظيم وإدارة المخلفات بالشخص الغريب الأطوار.. ولكنها تلميذه لأستاذ يعرف جيدا كيف يعطي وكيف يحقق الهدف.. وقد دفع بها ومجموعة العمل في جهاز تنظيم وإدارة المخلفات وهو يعلم جيدا أنهم يحملون نفس الأيديولوجية في العطاء..
"فهمي" وزير البيئة رجل يعرف جيدا كيف يختار مساعديه وكيف يوظفهم.. يعرف كيف يستفيد من طاقاتهم وكيف يوجهها.. كما يعرف كيف يدعم جهد الرجال.. وكيف يدفعهم لتحقيق المستحيل.. فهو المايسترو الذي يحترف العزف حتى على الوتر المشدود.. لم تكن تلك المعنويات التي اقتربت من حافة الأرض لتقوى على الاستمرار في إنجاز الأصعب.. وقد كان يعلم ذلك جيدا.. وحمل مسئولية دعمهم أيا كانت الظروف.. وارتفع بمعنوياتهم في لحظة يئست النفوس قدومها.. وبعد أن لغى حضوره لظروف خارجة عن إرادته.. في اللحظة الأخيرة.. فاجأ الجميع بالحضور..
وانتقل إليهم يطوي مئات الكيلومترات ليس فقط للدعم النفسي.. ولكن أيضا ليشد على أياديهم فالقادم أصعب على الجميع.. أصعب على الشركة التي لابد لها أن تحسن إدارة المحطة الوسيطة، وتعمل على إفراغها من المتولد اليومي من القمامة.. والمحافظة التي يجب أن تحكم الرقابة على المقاول.. وتنهي مستحقات شركة النظافة كي ترفع كفاءتها وكفاءة أسطولها من سيارات النقل.. وشباب قطاع إدارة المخلفات الذين يقع على عاتقهم إفراغ باقي المحطات التي تبدأ من أم زغيو.. وتصل حتى الزياتين.
السؤال هل إفراغ أم زغيو والزياتين من آلاف الأطنان من القمامة ينهي الأزمة؟ وزير البيئة يقول ردا على هذا السؤال..لا.. إذن.. إذا كنت تعرف الإجابة.. هذا يعني أنك قد فكرت في البدائل.. نعم فكر الوزير في بدائل متوازية.. العمل على إفراغ المحطات.. وتجاوز التحديات.. والتعاقد المؤقت مع شركة نهضة مصر في الإسكندرية تحت إشراف المحافظة لمده خمسة أشهر.. بعقد جديد.. يتجاوز أخطاء العقد القديم ويعطي كل ذي حق حقه.. وإنهاء كراسة الشروط التي ستطرح بعد انتهاء العقد المؤقت بشروط عادلة تتوافق مع الاحتياجات والتحديات...
ولو تحققت كل تلك الخطوات.. ستنتهي الأزمة.. خاصة أن العقد سيراعي طبيعة الجمع من كل منطقة على حدة، وفي نفس الوقت سينص على إشراك كيانات ضخمة لديها خبرة في استثمار المخلفات.. عن طريق تدويرها وإعادة استخدامها كمنتج له قيمة استثمارية.. بحيث تزيد نسبة التدوير.. ويقل معدل الدفن إلى أدنى نسبة.
التفاصيل في هذا الملف أكثر مما يحتمل العقل.. وما كنت أتخيل يوما أن تشغلني تلك التفاصيل والمعلومات.. وما كنت أعلم – وهو جهل ادعيه – أن ووزارة البيئة تحمل تلك الملفات التي تحتك مباشرة بالمواطن من رأسه حتى أخمص قدميه.. ورغم أنني أتحدث هنا عن ملف القمامة.. إلا انني أعلم جيدا أن هذا الملف يحكمه قانون المحليات.. واعلم أن تدخل البيئة في هذا الملف من باب الإنقاذ العاجل.. ولكن هل يقلق هذا التدخل منام المحليات؟ المؤشرات تقول نعم؟ ولكن هل المواطن السكندري لديه رفاهية التعاطف مع مؤسسة عنوانها التقصير والإهمال؟ أشك في ذلك.
الحقيقة أن المحليات في الإسكندرية خاصة وفي مصر بشكل عام تقع في موقع يجب عليها أن تزنه بميزان حساس.. ولو أرادت أن تحافظ على ماء وجهها.. يجب عليها أن تبذل جهدا في الحفاظ على الإنجاز الذي حققته وزارة البيئة.. وتعلم جيدا انها ليست معركة انتخابية لابد من استخدام كافة الأسلحة فيها لكي يفوز طرف ويخسر الآخر.. فالتعاون والحفاظ على ما تم من إنجاز.. مكسب لكل الأطراف.. ولو طرح مبدأ الخسارة سيكون الخاسر الوحيد في هذه المعركة المناهض لمصلحة المواطن.. وليس العكس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.