الجمعية التأسيسية لوضع الدستور اقترحت المادة 92 - فى باب الحقوق والحريات - التى تنص على «حظر العمل القسرى والعبودية والاتجار بالنساء والأطفال وتجارة الجنس»، لذا فهى تحظر زواج القاصرات، إلا أن السلفيين والمتشددين هاجموا هذه المادة الدستورية هجوماً ضارياً، وطالبوا بإلغائها، وهم يستندون لفتاوى وتفسيرات دينية. فقد أفتى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ - مفتى السعودية - بأن زواج الفتيات فى سن العاشرة أو الثانية عشرة حلال، بحجة أنها قابلة للزواج، ومن الخطأ الاعتقاد بأنها صغيرة، مستنكرا ما يسمعه فى وسائل الإعلام بأنه لا يجوز تزويج فتاة أقل من 81 عاماً، ومبرراً: إن امهاتنا وجداتنا تزوجن واعمارهن لم تتجاوز الاثنتى عشر عاماً، لكن التربية الصالحة الجيدة تجعل الفتاة تأتى من بيت أهلها فى هذه السن قادرة على القيام بواجباتها الزوجية. ويؤكد الداعية الإسلامى الشيخ يوسف البدرى أن الزواج المبكر من الاتجاهات المميزة فى مجتمعنا الإسلامى المحافظ، وهذا يعود لعدة أسباب، منها الانجاب، وهو من الأمور التى تنشأ بها بيوت وتستقر وتهدم أخرى نتيجة عدم الانجاب، لذلك كانت هناك ومازالت دعوات للانجاب فى سن مبكرة، خاصة أن ممارسة العلاقة الحميمة خارج نطاق الزواج مرفوض دينيا واجتماعيا، لذلك فإن الزواج يعتبر الضوء الأخضر الوحيد للعلاقة الحميمة، وفى الوقت نفسه يعد حلاً لمشكلة اقتصادية خاصة إذا كان رب الأسرة يعانى العوز والفاقة والحرمان وله بنات كثيرات. وأضاف البدرى أن الشريعة الإسلامية لم تحدد سناً معينة لعقد الزواج، بل اجاز الأولون من جمهور الفقهاء زواج الصغير والصغيرة، أى دون البلوغ، لكن القوانين الأوروبية حددت سن الزواج، فالقانون الفرنسي جعل سن الثامنة عشرة للفتى والخامسة عشرة للفتاة، والقانون الألمانى جعل سن الفتى إحدى وعشرين والفتاة عشرين، والسويسرى جعله العشرين للفتى والسابعة عشرة للفتاة، أيضاً حددت الديانات الأخرى سناً للزواج، ففى الشريعة اليهودية حددت سن الزواج للفتى بثلاثة عشر عاماً والفتاة اثنتي عشرة سنة. البدرى أشاره إلى أن هناك إيجابيات للزواج المبكر، وهى تحمل الزوجين للمسئولية ويقلل من الوقوع فى الرذيلة أو الانحراف والشذوذ، وفيه المحافظة على النسل وتعمير الكون وازدهاره، كما أن التقارب فى السن بين الآباء والأبناء يمكنهم من التفاهم والقدرة على رعايتهم وهم أقوياء. ويرى د.عطية لاشين - أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر- أن فرض قانون لرفع سن الزواج إلى 81 عاماً مرفوض شرعاً، لأن المعول عليه فى الزواج ليس السن ولكن القدرة على تكوين بيت والانفاق عليه، لقول رسولنا الكريم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه اغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» فالمقياس هو القدرة المادية والمعنوية دون الارتباط بسن معينة، والتى متى توافرت حل للفتاة الزواج وان لم تبلغ 81 عاماً. ويرفض د.محمد مختار المهدى - عضو هيئة كبار العلماء - رفع سن الزواج إلى 81 عاماً، مؤكداً أن الإسلام يشجع على التبكير فى الزواج لسد أبواب الحرام، مشيراً إلى قول الله تعالى «وأنكحوا الأيامى منكم»، ولذلك رفض مجمع البحوث الإسلامية معاقبة الأب الذى يزوج ابنته «أقل من 81 سنة» بالحبس أو بأى شكل من أشكال العقاب. بينما يرى د.محمد الدسوقى - أستاذ الشريعة - أن انخفاض سن الزواج لا علاقة له بزيادة حالات الطلاق، لأن ذلك يعود إلى عدم وجود اساس صحيح للزواج واتمامه بدون دراسة، فلم يفرض الإسلام سناً معينة لزواج الفتاة، فالبنت إذا بلغت المحيض يجب على ولى أمرها أن يضع شروطا لتزويجها، منتقدا الأهالى الذين يلجأون إلى جوانب شكلية للتحايل على صغر عمر الفتيات واستغلالهن فى الزواج الذى يحقق الثراء لولى الأمر.