400 ألف فدان بمحافظة الشرقية تم التهام نصفها على الأقل، المحاصيل الجديدة هي العمارات والأبراج السكنية، أبطال حالات التعدي: الرشاوي والمحسوبية وغياب القانون، اختفت المساحات الخضراء لتظهر أعمال البناء والزلط والرمل والأسمنت والحفر وتبوير الأراضي، هل هذا يبشر بتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح والأرز؟! ففي مدينة الزقازيق تم إقامة الأبراج علي الأراضي الزراعية وخاصة منطقة الزراعة التي تقع علي بعد أمتار قليلة من مديرية الأمن لدرجة أن مواد البناء كانت تعوق حركة المرور تماما في مداخل ومخارج المدينة وتقلصت الرقعة الخضراء تماما إن لم تكن قد اختفت فهناك برج «علي» السكني الذي أقيم علي مساحة نصف فدان كان مزروعا بالأرز وبرج «الأحرار» وعمارة «الصيادين» وغيرها الكثير وخاصة في مدخل المدينة من جهة محافظة الدقهلية حيث التحمت المباني والعمارات ببعضها البعض وكأنها تجمعات سكنية دون مراعاة لحرمة الرقعة الزراعية. أما مدينة القنايات فلم يعد بها متر أخضر وتم السطو علي الرقعة الزراعية فاختفي إنتاج الأرز والذرة الشامية وعندما نسال الأهالي يقولون إننا في أمس الحاجة إلى هذه المباني التي كلفتنا كل ما نملك لأننا لا سكن لنا. وكذلك ديرب نجم تحولت فيها الرقعة الزراعية إلى سراب مثلها مثل الإبراهيمية التي إذا سرت فيها لن تقع عيناك على مساحة خضراء بل تقع على أعمال البناء والحفر والإنشاءات الجديدة مما يمثل تحديا واضحا للدولة والقانون. ومع أن طبيعة بلبيس صحراوية وامتداد الجبال حتي حدودها مع مدينة العاشر من رمضان إلا أن التعدي على المساحة الخضراء كان له نصيب الأسد حيث تحولت منطقة بساتين الإسماعيلية إلى كتلة سكنية صماء ولم يعد بها إلا القليل من المساحات الخضراء التي على وشك الانقراض تماما بمباركة المسئولين حيث كانت هناك اتفاقيات مبرمة مابين موظفي الإصلاح الزراعي والأهالي فكان الموظف يأتي إلى المعتدى ويعقد معه الصفقة فيقول له بعد أن يحصل على الوليمة وهي عشرة آلاف جنيه كأني لم ألتقيك ومن ناحية أخرى يقوم بتحرير محضر لحماية نفسه من المساءلة وهكذا تمر العملية مرور الكرام وهناك العديد من حالات التعدي لم تحرر لهم محاضر من الاساس بفعل فاعل وأثبتت المباني أنها قديمة قبل عشرين عاما وذلك طبعا بمقابل مالي خيالي المهم الأمور تعدي بسلام وهذا ما حدث أيضا في مشتول السوق التي كانت تشتهر بزراعات القطن والأرز والفول السوداني وتحولت في هذه الفترة الحرجة إلى كتل سكنية صماء والبركة في الرشاوي والمحسوبية وفساد المحليات بالإضافة لما حدث في أبو حماد من سطو على الرقعة البسيطة وتحويلها إلى مساكن وورش صناعية علي امتداد جوانب المركز. ومن الأهالي الذين تعدوا على الأرض الزراعية محمد صبري مدرس يقول لقد ورثت عن والدي ثلاثة قراريط ولا أجد مكاناً أسكن فيه وأسرتي المكونة من خمسة أفراد والعائد من زراعة هذه المساحة الصغيرة لا يثمن ولا يغني من جوع فلم يكن أمامي إلا أن أخذت قرضا بضمان الوظيفة وأقمت منزلا لابنائي يؤوينا من حر الصيف وبرد الشتاء وهذه أرضي وملكي ولم اتعد علي ارض أحد أو حتى أرض الدولة لقد وضعت كل ما أملك في هذا المنزل فهل من المعقول ان تهدمه الدولة وأين اذهب وأبنائي؟ محمد عبد النبي «فلاح» يقول الأرض الزراعية كل حياتي لم أكن يوما اعرف غيرها ولكن الحاجة الماسة دفعتني لأضع تحويشة العمر في بناء منزل لابنائي علي مساحة قيراط وامتلك فدانين وليس من المعقول أن أستأجر منزلا لأبنائي وأنا صاحب ملك بعدما ارتفع سعر الأرض بصورة مفزعة حيث وصل سعر الفدان إلى مليوني جنيه في بعض المناطق والمتر تعدي سعره الالفي جنيه. محمود عبدالله «موظف بالإصلاح الزراعي» مضيفا في الفترة الماضية لم يكن لنا أن نخاطب أو نمنع أحدا من البناء على الأرض الزراعية وإلا فتكوا بنا فكان دورنا يقتصر فقط على تحرير المحاضر عن بعد وتقديمها للمسئولين لاتخاذ الإجراءات اللازمة أما الآن فالوضع اختلف تماما وباستطاعتنا منع التعدي على الأراضي الزراعية بمعاونة الشرطة ونحن لا نعرف حتي الآن ماذا سيتم مع كل من تعدى على الأرض الزراعية التي لم تعد صالحة للزراعة بعد البناء عليها وحفر اللبش وصب الخرسانات والأسمنت لمسافات بعيدة. المستشار محمود المراسي يشرح الموقف القانوني بقوله القانون ضعيف أمام التعدي على الأراضي الزراعية ولابد من تغليظ العقوبة فالمواطن الآن يعلم أن القضية تستغرق وقتا طويلا وفي النهاية فهي جنحة تنتهي بالغرامة أو الإزالة ولايوجد هناك إزالة كاملة وفور انصراف القوات يقوم المتعدي بالبناء ثانية وتكملة ما تم إزالته وهذا ما شجع الكثيرين من أصحاب النفوس الضعيفة علي التهام الرقعة الزراعية في انتظار العقوبة الهزلية. محمد عبد الحميد موظف بحماية الأراضي بالشرقية يقول فور تحرير محضر ينتهي دورنا ويبدأ دور القضاء والجهات التنفيذية ولابد من حماية الموظفين الذين يتعرضون لإهانات من المتعدين على الأراضي الزراعية إلى حد الضرب ولابد من توضيح الأمور للمواطنين وتوعيتهم بخطورة ذلك على الإنتاج والدخل القومي ومدى تأثيره على تراجع الناتج القومي ولجوءنا للاستيراد من الخارج بالعملات الصعبة مما يضر بمصالح البلد والمواطنين.