ترك ابن عطاء الله السكندرى مؤلفات مهمة منها «الحكم العطائية» التي أفرد كثير من العلماء كتبهم في تفسير تلك الحكم ذات العبارات الرائقة والمعاني الحسنة الفائقة قصد فيها إيضاح طريق العارفين والموحدين وتبيين مناهج السالكين حتى قالوا في حق الحكم العطائية كادت أن تكون الحكم قرآناً يتلى، ومن كتبه أيضا «التنوير ومفتاح الفلاح» و«تاج العروس» و«عنوان التوفيق في آداب الطريق» – شرح بها قصيدة الغوث أبو مدين – كذلك «القول المجرد في الاسم الفرد. هو تاج الدين أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن عيسى بن الحسين بن عطاء الله الجذامي نسباً المالكي مذهباً الاسكندري داراً القرافي مزاراً الصوفي حقيقة الشاذلي طريقة أعجوبة.. زمانه ونخبة عصره وأوانه.. الجامع لأنواع العلوم من تفسير وحديث وفقه وتصوف ونحو وأصول وغير ذلك.. قطب العارفين وترجمان الواصلين ومرشد السالكين رضي الله عنه وأرضاه . وَفد أجداد شيخنا ابن عطاء الله السكندري - رضي الله عنه- وهم مَنسوبون لقَبيلةِ جذَام، إلى مصر بعد الْفتح الإسلامي واستوطنوا الإسكندرية حيث ولد ابن عطَاء الله حَوالي سنة 1260م ونَشأ كجدهِ لوَالده الّشيخ أبى مُحمد عبد الْكريم بن عطَاء الله، فَقيهاً يَشتغلُ بالعُلومِ الشَرعية.. حيث تلقى منذ صباه العَلوم الدينية والشرعية واللغوية،وكان في هذا الطَور الأول من حيَاتِه ينُكر على الصوفية إنكارا شَديداً تعصباً منه لعلومِ الفقهَاءِ. فما إن صحب شيخه أبو العباس المرسي1286م و استمع إليه بالإسكندرية حتى أعجب به إعجَاباً شديداً وأخذ عنه طريق الصوفية وأصبح من أوَائل مُريديه. حيث تَدرج ابن عطَاء في منَازلِ الْعلم والمَعرفةِ حتى تَنبأ له الشيخ أبو العبَاس يوماً فقَال له: «الزم، فوالله لئن لزمت لتكونن مُفتياً في الْمذهبين» يَقصدُ مَذهب أهل الحَقيقة وأهل العلم البَاطن. قال رضي الله عنه في كتابه «لطائف المنن» : جرت بيني وبين أحد أصحاب سيدي أبو العباس المرسي رضي الله عنه قبل صحبتي له وقلت لذلك الرجل : ليس إلا أهل العلم الظاهر وهؤلاء القوم يدّعون أموراً عظيمة وظاهر الشرع يأباها ، قال رحمه الله وسبب اجتماعي به أن قلت في نفسي بعد أن جرت تلك الخصومة : دعني أذهب أنظر إلى هذا الرجل فصاحب الحق له أمارات . قال فأتيته فوجدته يتكلم في الأنفاس التي أمر الشارع بها فأذهب الله ما كان عندي وصار رحمه الله من خواص أصحابه ولازمه اثني عشر عاماً حتى أشرقت أنواره عليه وصار من صدور المقربين . وكان متكلماً على طريق أهل التصوف واعظاً انتفع به خلق كثير وسلكوا طريقه قال له مرة شيخه سيدي أبو العباس المرسي رضي الله عنه إلزم فوالله لئن لزمت لتكونن مفتياً في المذهبين - يريد مذهب أهل الشريعة ومذهب أهل الحقيقة – ثم قال والله لا يموت هذا الشاب حتى يكون داعياً إلى الله وموصلاً إلى الله والله ليكونن لك شأن عظيم والله ليكونن لك شأن عظيم والله ليكونن لك كذا وكذا فكان كما أخبر. أخذ عن ابن عطاء الله بعد ذلك الكثير من التلامذةِ منهم ابن المبلق السكندري، وتَقي الدين السبكى شيخ الشَافعية. وترك مؤلفات مهمة منها «الحكم العطائية» التي أفرد كثير من العلماء كتبهم في تفسير تلك الحكم ذات العبارات الرائقة والمعاني الحسنة الفائقة قصد فيها إيضاح طريق العارفين والموحدين وتبيين مناهج السالكين حتى قالوا في حق الحكم العطائية كادت أن تكون الحكم قرآناً يتلى، ومن كتبه أيضا «التنوير ومفتاح الفلاح» و«تاج العروس» و«عنوان التوفيق في آداب الطريق» – شرح بها قصيدة الغوث أبو مدين – كذلك «القول المجرد في الاسم الفرد» . توفى رضي الله عنه بالمدرسة المنصورية بمصر سنة 709هجرية ودفن بمقبرة المقطم بسفح الجبل بزاويته التي كان يتعبد فيها. ومن روائع الشيخ ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه التي أورثها لأهل الطريقة زيادة على الحكم مناجاته المشهورة: إلهي إن اختلاف تدبيرك وسرعة حلول مقاديرك منعا عبادك العارفين بك، عن السكون إلى عطاء، واليأس منك في بلاء إلهي مني ما يليق بلؤمي، ومنك ما يليق كرمك. إلهي وصفت نفسك باللطف والرأفة بي قبل وجود ضعفي، أفتمنعني منهما بعد وجود ضعفي إلهي إن ظهرتِ المحاسن مني فبفضلك ولك المنة علي. وإن ظهرت المساوئ مني فبعَدْلِك ولك الحجة علي. إلهي كيف تكلني إلى نفسي وقد توكلت لي. وكيف أضام وأنت الناصر لي أم كيف أخيب وأنت الحفي بي، ها أنا أتوسل إليك بفقري إليك، وكيف أتوسل إليك بما هو مُحال أن يصل إليك، أم كيف أشكو إليك حالي وهو لا يخفى عليك، أم كيف أترجم لك بمقالي وهو منك برز إليك، أم كيف تخيب آمالي وهي قد وفدت إليك، أم كيف لا تحسن أحوالي وبك قامت إليك. إلهي ما ألطفك بي مع عظيم جهلي وما أرحمك بي مع قبيح فعلي. إلهي ما أقربك مني وما أبعدني عنك. إلهي ما أرأفك بي فما الذي يحجبني عنك، إلهي قد علمتُ باختلاف الآثار وتنقلات الأطوار أن مرادك مني أن تتعرف إلى في كل شئ، حتى لا أجهلك في شئ. إلهي حكمك النافذ ومشيئتك القاهرة لم يتركا لذي مقال مقالاً ولا لذي حال حالاً. إلهي كم من طاعة بنيتها وحالة شيدتها هدم اعتمادي عليها عدلك، بل أقالني منها فضلك . إلهي كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك. أيكون لغيرك من الظهور ما ليس بك حتى يكون هو المُظهرَ لك. متى غِبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك. ومتى بعُدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك، عميت عين لا تراك عليها رقيباً وخسرت صفقة عبد لم يجعل له من حبك نصيباً.