استغل النظام السابق وسائل الإعلام خاصة الفضائيات في تحويل أنظار الرأي العام عن سياسته وإلهائه بمشكلات صغيرة لا تقارن بالمشكلات الحقيقية له حيث توضح الدكتورة عزة الخميسي أستاذ تاريخ أعلام جامعة 6 أكتوبر أن قيادات النظام السابق استخدمت الإعلام بشكل رئيسي من خلال ملكية وسائل الإعلام للدولة وسخرتها لخدمة أهدافهم وكونوا ترسانة ضخمة من الإعلاميين للترويج لمخططاتهم ، فوجهوا أنظار الرأي العام للشائعات وتناقض الفتاوى وشحنه ضد المعارضة وإهدار ثقافة الشعب بإخضاعه للتفكير في الفضائح . وترد نحوى كامل أستاذ الإعلام جامعة القاهرة بأن الإعلام له نظريات كثيرة منها أجندة الفكر وهو قادر علي تحويل الرأي العام بالتركيز علي الموضوعات بغض النظر إن كانت مهمة أو غير مهمة وأحيانا نجد حدثا تافها لممثل يستحوذ علي جميع الصحف ويختفي بعد أيام .وقام النظام السابق باستخدام الإعلام والتليفزيون لتوجيه سياسته ولأننا اكتشفنا أننا عشنا أكذوبة أسمها أنفلونزا الخنازير وأخذت أكثر من حيزها وقامت الدولة بالتخويف والترهيب حتي أنها وصلت لغلق المدارس وكنا الدولة الوحيدة التي فعلت ذلك وكل الدول مارست حياتها بطبيعية مع الأخذ بالاحتياطات ، وأيضا ً صنعت أزمة مباراة مصر والجزائر وتم تضخيم الحدث ، فالإعلام كان أداة في يد النظام خلق بها أزمات وسوقها للناس لفترات طويلة لإلهاء الرأي العام عن إصدار تشريعات قانونية أو لتغطية أحداث سياسية وإبعاد الأنظار عن الأزمات الحقيقية كالخبز والبطالة أما محمود خليل أستاذ الإعلام جامعة القاهرة فيري أن النظام السابق دأب علي إدارة البلاد طيلة فترة حكمه من خلال توظيف الأزمات وصناعتها بهدف إغراق المواطن المصري في العديد من المشكلات السطحية وبهدف صرفه عن الأمور المهمة ففي الأعوام الأخيرة لحكمه شهدت مصر عدة أزمات خطيرة أفتعلها النظام مثل أحداث التفجيرات المتكررة في شرم الشيخ وسيناء وأحداث التفجيرات التي شهدتها منطقة الحسين وكانت أكبر جرائمه أحداث تفجيرات كنيسة القديسين لإشعال أحداث الفتنة الطائفية وأيضا ً هناك أزمة هشام طلعت مصطفي وتحريضه علي قتل سوزان تميم تم توظيفها بشكل أو بأخر بهدف إلهاء الرأي العام عن الانتخابات سواء مجلس الشعب أو الشورى عام 2010 والتي قاموا بتزويرها. ويضيف أن الإعلام ساهم في تنفيذ سياسة النظام السابق في إحداث الرعب من اثارة القلق وذلك بالطريقة التي تناولها في الإعلام حول أزمة أنفلونزا الطيور مثلا ً حيث أعلنت محطات التليفزيون وغيرها أن بعض التجار ألقوا الطيور المصابة بالمرض في النيل وتداولت وسائل الأعلام التحذيرات من مياه النيل وأن المياه بها فيروس وملوثة ومع أن عدد ضحايا هذا الوباء لم يتجاوز 30 ضحية في أربع سنوات ، وبالمقارنة بحادث العبارة السلام أو حريق قطار أبو رواش والتي راح ضحيتها المئات لم تتناولها التغطية الإعلامية كما تناولت تغطية قضية هشام طلعت مصطفي ومقتل سوزان تميم . ورغم أن النظام سقط إلا أن المجلس العسكري مازال يدير البلاد بنفس المنطق وهو إحداث قلق وتوترات من أجل أن يطالب الشارع المصري ببقائه في الحكم ، فالنظام مازال مستمرا ً ولم يسقط ,الذي حدث هو قطع رأس النظام ولكن صناعة الأزمات مازالت موجودة .