تزامنًا مع استعداد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية للاحتفال بأعياد القيامة المجيدة، رحل الراهب الناسك شيخ رهبان دير الأنبا بولا بالبحر الأحمر، القمص فانوس، بعد صراع طويل مع المرض، وافته المنية ليقضي عيدي القيامة وعيد رهبنته ال 69 بعيدًا عن الوهن وآلام الجسد. عرف -شيخ رهبان البحر الأحمر- بالنسك والصلوات والتعبد والتوحد بعيدًا عن الضجيج والأصوات، اتخذ من الأصوام طريقًا للتقرب إلى الله، ومن الصلوات والتسابيح والترتيل قوتًا، فكان زاهدًا لا ينظر للأكل، متعطشًا للعبادة والصلاة. منديل يلف رأسه وجلباب «فراجيه» يحملان تاريخًا رهبانيًا حافلًا بالعطاء والزهد، وهو بسيط في تعبيراته وأدائه وردود أفعاله العفوية تعكس صفاء قلبه الطفولي، ليسير على نهج الكتاب المقدس وفقًا للآية: «إنه يلزمنا أن نصير كالأطفال لندخل ملكوت السموات» (مت 18: 3). ذاع صيته بين أبناء الكنيسة وغيرهم بأنه رجل المعجزات والعجائب لما منحه الله من مواهب عدة توازى إيمانه وصلواته ونسكه، فكان يخرج الشياطين ويتبارك منه الجميع، تهافت الكثيرون لنيل البركة بدوام الزيارات لدير في أقصى الصحراء يطل على البحر الأحمر – دير الأنبا بولا أول السواح. ظهرت العديد من الأمور اللافتة للانتباه فكانت تظهر أنوار من "قلايته" أو محل سكنه بالدير، بل تطور الأمر ليشع من أيديه نور.. الأمر الذي دفعه ليرتدي بيده جوارب ليخفي ما يحدث من أمور تبدو غريبة أو غير مألوفة لكثيرين وتعد مواهب منحه الله إياها. إنه الراهب فانوس، ولد بقرية (دفش) بمركز سمالوط بعروس الصعيد المنيا، وكان اسمه قبل الرهبنة (بولس هارون عبده الدفشي)، وله أخ أكبر يدعى حنا، وشقيقته الصغرى مريم. أراد أن يخطو ويسير على خطوات القديس الأنبا بولا أول السواح، فترك أهله وتوجه لدير القديس الذي يحبه بالبحر الأحمر ليموت عن العالم بكل شهواته واحتياجاته، ويصبح راهبًا. عيد رسامته كراهب ال 69 يصادف غدًا الأربعاء، ليحتفل بعيده متخلصًا من الآلام المرض، حيث إن رسامته كانت في 20 أبريل 1947 عامًا، كما رسم قسًا في يناير 1951، ونال درجة القمصية في يونيو 1958. وكان الراهب الراحل يطمئن الرهبان من أبنائه وأخواته بالدير بأنه لن يموت إلا في الصوم الكبير –أي هذه الأيام– كما لو كان لديه شعور مسبق أو معرفة مستقبلية. ظل نحو 16 عامًا متوحدًا بعيدًا عن الاختلاط، مكتفيًا بالصلاة والنوم على الأرض، وأكل فتات الخبز أو التمر، فكان مثالًا للزهد والنسك، فارق العالم وعمره نحو 90 عامًا، قضى منها نحو 69 عامًا راهبًا.