عودة المحاكمات العسكرية ضرورة.. وبدء سحب السلاح من المخالفين «إمبراطورية الشر في الداخلية».. هكذا يصف البعض أمناء وأفراد الشرطة، نظرًا لكثرة المخالفات والجرائم التي تقع منهم بصفة مستمرة، سواء داخل أقسام الشرطة أو خارجها.. وجاءت واقعة مقتل سائق بالدرب الأحمر على يد رقيب شرطة مؤخرا، لتفجر «ثورة غضب» عارمة ضد تلك الإمبراطورية، مطالبة برحيلها والقصاص من كل من أساء إلى المصريين، قبل أن تتصاعد الأزمة، بشكل يحرج الجميع.. وبحسب مصادر خاصة، فإن أجهزة سيادية ورقابية، أعدت تقارير سرية عن تصاعد حدة الغضب والاحتقان بين المواطنين، بسبب تجاوزات بعض رجال الشرطة المتكررة، وحذرت من عودة العلاقة السيئة والمتوترة بين الشعب، وبين الأجهزة الأمنية، إلى ما كانت عليه قبيل ثورة 25 يناير 2011، وطالبت تلك الأجهزة بالتحرك السريع ووضع حلول عاجلة، واتخاذ إجراءات رادعة لمحاسبة المخالفين من رجال الشرطة.. المصادر أضافت أن الأجهزة المختصة تعكف حاليًا على إعداد دراسة وتقييم شامل لأداء أمناء وأفراد الشرطة، وفحص ملفات المخالفين منهم، والسابق اتهامهم أو تورطهم في أعمال مخالفة للقانون، تمهيدًا لاتخاذ إجراءات رادعة ضد كل من يثبت ضلوعه في جريمة معينة، وكشفت المصادر عن عدة اقتراحات في هذا الشأن، أهمها إعادة المحاكمات العسكرية مرة أخرى، وتغليظ العقوبات الموقعة على المخالفين منهم، وإعادة تقييم أداء الأمناء المفصولين والذين عادوا إلى العمل بقرار من وزير الداخلية الأسبق اللواء محمود وجدى، وتعديل قواعد حمل واستعمال السلاح الميرى خلال وقت العمل الرسمى أو بعده، وفى هذا الشأن أوضحت المصادر أنه في أعقاب ثورة 25 يناير وبعد سرقة الأسلحة من أقسام الشرطة ومديريات الأمن، تقرر السماح لرجال الشرطة بحمل أسلحتهم طوال الوقت باعتبارها «عهدة شخصية»، غير أن بعضهم أساء استخدامها وتورط في جرائم مختلفة.. وبعد واقعة «الدرب الأحمر» صدرت تعليمات جديدة بسحب السلاح من الأفراد والأمناء، السابق اتهامهم في وقائع مخالفات سابقة، عند خروجهم من أماكن عملهم وإعادتها لهم عند عودتهم للعمل. من جهته يرى الخبير الأمني اللواء عبد الحميد خيرت، نائب رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق، أنه يجب التفرقة بين الوقائع التي ترتكب أثناء تأدية أمين الشرطة أو الفرد عمله وتلك التي تقع منه أثناء فترة الراحة، فحينها يجب أن يتم التعامل معه كونه مواطنًا عاديًا وليس بصفته الشرطية ويخضع لمحاسبة القانون وتتم إحالته للنيابة إذا ثبتت عليه تهمة تستوجب ذلك، فلا يجوز في كل مرة يرتكب فيها شرطي مخالفة أو تجاوزًا أن يتم توجيه اللوم لمؤسسة الداخلية بأكملها، خاصة أن الوزارة لم تتستر على رقيب الشرطة في واقعة الدرب الأحمر، بل ألقت القبض عليه وقدمته للنيابة العامة بتهمة القتل العمد.. وعن أفضل الوسائل والإجراءات التي يجب اتخاذها فورًا للقضاء على مخالفات الأمناء والأفراد قال اللواء خيرت: «تجب مراجعة وإعادة النظر في جميع القرارات والقوانين الخاصة بهيئة الشرطة الصادرة بعد أحداث ثورة 25 يناير، وأخطرها قرار إعادة 12 ألف فرد وأمين شرطة فاسد في عهد اللواء محمود وجدي، والذين فصلوا قبل الثورة بعد فحصهم وتبين تورطهم في قضايا مخلة بالشرف والأمانة وعدم قابليتهم للعمل بالجهاز الشرطي»، وتابع: «الدولة عقب 25 يناير كانت تترنح ودخلت في مرحلة إعادة البناء والنهوض من جديد، واستغل ذلك بعض العناصر الإخوانية والأجندات المدعومة من دول أجنبية في إعادة آلاف الأمناء والأفراد الفاسدين إلى الداخلية مرة أخرى، وتوزيعهم على كل قطاعات الوزارة ليصبحوا كالقنبلة الموقوتة التي تنفجر في أي لحظة، وأؤكد أن وجود هذه العناصر الفاسدة بالداخلية تمثل خطرا داهما وقلقا بالغا بل اختراقا كاملًا للوزارة يمكن تجنيدهم أو شراؤهم بسهولة، وأبلغ مثال على ذلك الأحداث الأخيرة واعتصام أمناء الشرقية وتهريب متهمين من سجون بالإسماعيلية والدقهلية وتسريب معلومات عن الضباط للجماعات الإرهابية». ويضيف اللواء خيرت أن ائتلاف النادي العام لأفراد وأمناء الشرطة من أكبر المعوقات التي تواجه وزارة الداخلية في الحد من تجاوزات بعضهم وإعادة جسور الثقة والاحترام مع المواطن في الشارع، متسائلا عن السبب الذي أدى لبقاء هذا الكيان حتى الآن على الرغم من عدم شرعيته، فلا يجوز –والكلام على لسان خيرت– أن يوجد كيان موازٍ لوزارة الداخلية يمثل وسيلة ضغط بأي شكل من الأشكال على القيادات أو التعامل معهم بنظرية التحدي، فهذا ضد مبادئ ولوائح الشرطة المصرية.. الخبير الأمني أكد حق الأفراد والأمناء في المطالبة بحقوقهم في الحياة الكريمة والتأمين الصحي والبدلات والمعاشات بما يتوافق مع طبيعة عملهم وتضحياتهم، وهي مهمة مساعد وزير الداخلية لشئون الأفراد الذي يكون همزة الوصل بينهم وبين الوزارة، ولكن دون السماح بأن تتخذ من هذه المطالب المشروعة ذريعة للتوحد خلف كيان يتبع سياسة لي الذراع والاعتصامات والتهديد بغلق أقسام الشرطة والمديريات وتعطيل سير العمل ما يخل بمنظومة الأمن ومصالح المواطنين ومن ثم الاعتقاد خطأ بالسطوة والقوة، ما انعكس بعد ذلك في الشارع وأدى لظهور هذه المخالفات والممارسات الفجة من بعض الأمناء تجاه المواطنين في الآونة الأخيرة.. «يكمن الحل في الأزمات المتلاحقة التي يتسبب بها بعض ضعاف النفوس والمخالفين من جهاز الشرطة في تغليظ العقوبات عليهم وإعادة المحاكم العسكرية»، هكذا ينصح اللواء خيرت حيث يرى ضرورة إدخال وزارة الداخلية بعض التعديلات الضرورية على قانون هيئة الشرطة والتي تم حذفها أو تعديلها عقب ثورة يناير، وسرعة عرض القانون على البرلمان لإقراره، مؤكدا ثقته في أن تلقى هذه التعديلات قبول الشريحة الأكبر من الأمناء والأفراد أنفسهم لضمان معاقبة المخالفين والمسيئين منهم لصورة الوزارة والأمن أمام المواطن، وإهدار حقوق زملائهم الذين يضحون بالغالي والنفيس من أجل الوطن.