[email protected] لا أندهش من كثير جدا من تصرفات الإخوة السلفيين، فهم يعيشون منذ سنوات طويلة في كهف أفكار أعظمها مستقى من كتب قديمة, وأكثرها مسند إلى من يسمونهم بالسلف الصالح، دون أن يحاولوا إمرارها علي العقل، ليتأكدوا من صحة الإسناد أو صحتها بالأساس، أفكارهم عن المرأة وعن الشريعة وعن الحيوان وعن الأكل والشرب وعن الحب والزواج والعلم والفن والاحتفالات وغير ذلك لا تدهشني .. بل انتظر أكثر منها . واليوم سأتحدث في قضية بسيطة جدا صارت عويصة جدا على أيديهم, وأعني بها قضية السلام الوطني المصري, لقد شاهدناهم في مجلس الشعب في أولى جلساته لا يقفون تحية للوطن مع عزف السلام الوطني، وكان ذلك مثار دهشة كبيرة، فلكل وطن سلامه, والسلام الوطني يعني حبك للوطن الذي تعيش علي أرضه وتأكل من نبته وتشرب من مائه، وتستعد لدفع حياتك يوما ما للدفاع عنه، وقوفك للسلام الوطني إعلان بالانتماء إلى الوطن، كان المشهد مضحكا عند البعض ومضجرا للبعض وبالنسبة لي لأني أتوقع أكثر من ذلك ضحكت!! كان الموضوع مثار مناقشات في الصحف والفضائيات وعلى الإنترنت، وأنا أخذته باعتباره نوعا من الخيبة، فأنت تقف دقيقة حدادا على رمز من رموز الأمة بصرف النظر عن ملته أو دينه، لكن عدم وقوفهم حدادا كان إعلانا بالعداء للمسيحيين المصريين الذين عودهم البابا شنودة على تحمل الظلم أكثر مما ينبغي. كيف يمكن أن تدخل مع شيخ سلفي في نقاش حول هذين الأمرين؟ ستضيع الوقت..سيخترع لك أحاديث عن الرسول أو الصحابة تحرم الوقوف لسلام أي دولة غير الخلافة الإسلامية. أو القوف حدادا علي أي شخص غير مسلم. وستجد أنت أيضا مئات الحجج على عكس كلامه وتكتشف في النهاية أنك أضعت الوقت فيما لا يجب أن يضيع فيه. هذه أفكار كهفية مظلمة لن تصل إلي قرارها. حتى لو قلت إنه كان يجب الوقوف حدادا على البابا شنودة من باب الذوق لن يستمع إليك أحد. انتقل الأمر من مجلس الشعب بعد أن نسيناه إلى اللجنة التأسيسية للدستور التي تفتتح أعمالها بالسلام الوطني. لم يقف السلفيون هنا أيضا للسلام الوطني الذي هو رمز يشير إلى أن أعمال هذه اللجنة ستكون من أجل الوطن، تماما كما هو في مجلس الشعب أو في أي مكان، المهم الأحداث تتوالى كل يوم ولا أحد يستطيع أن يقف عند كل حدث, لذلك نسيت حكاية السلام الوطني حتى نشرت مواقع الإنترنت صورة للدكتور عماد عبد الغفور رئيس حزب النور وهو يقف تحية للسلام الوطني الأمريكي في حفل السفارة الأمريكية بعيد الاستقلال في الرابع من يوليو الماضي، لم أكن هناك رغم أني كنت مدعوا, ومنعني برد الصيف الذي هو أحدّ من السيف. وربما لو كنت سليما وذهبت كنت سألته لماذا تقف هنا ولا تقف لسلام مصر. طبعا المواقع كلها علقت بأن هذا يؤكد عمالة هذه الاتجاهات لأمريكا. وأعادت المواقع ونشطاؤها حكاية السلفيين مع السلام الوطني كله ومع البابا شنودة, والحقيقة أن الرجل أساء إلى نفسه كل الإساءة وأساء للدعوة السلفية وجعلها متهمة بالعمالة إلى أمريكا .