أثار قرار المرجع العراقي آية الله على السيستاني بالتوقف عن إبداء آرائه السياسية التي يعلنها ممثلة في كربلاء أحمد الصافي في خطب الجمعة، جدلًا واسعًا في أسباب اتخاذه هذ القرار. وأكد أحد المقربين من المرجعية أن السيستاني يحاول تذكير الجميع ب"فلسفة النجف المختلفة عن ولاية الفقيه". وفكرة إيجاد "ولي فقيه" عراقي طالما كانت مسعى، ليس للقوى السياسية الشيعية التي تتبنى النظرية، بل حتى لتلك القوى المؤمنة بفلسفة النجف التقليدية التي تحاول الفصل بين الدين والسياسة، واتخذت من تعاظم دور السيستاني الديني في الأوساط الشعبية، خلال السنوات الأخيرة، مبررًا محاولة منحه دورًا سياسيًا مباشرًا. وقال ممثل السيستاني أحمد الصافي في خطبة الجمعة الماضية أن "المرجعية دأبت على قراءة نص مكتوب يمثل رؤيتها في الشأن العراقي، ولكن تقرر أن لا يكون ذلك أسبوعيًا في الوقت الحاضر"، مضيفا أن "آراء المرجعية ستُطرح بحسب ما يستجد من الأمور وتقتضي المناسبات". وكان الصافي يعلن موقف المرجعية أسبوعيًا كل جمعة، ومن أبرز مواقفه خلال الشهور الماضية دعمه لرئيس الوزراء حيدر العبادي لتنفيذ الإصلاحات التي أعلنها، وتأييده التظاهرات الشعبية في بغداد والمحافظات الجنوبية، وانتقاده الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003. وربط سياسيون بين قرار السيستاني وفشل حكومة العبادي في إجراء الإصلاحات، مؤكدين أن المرجع يرغب في النأي بالنجف عن الفشل السياسي، خصوصًا أن الحكومة تتخذه غطاء. لكن مصدرًا في المرجعية قال إن "السيستاني الذي قاطع الوسط السياسي العراقي سنوات، ومارس عبر منبر الجمعة دور المعارض والمحرض على التغيير، لا يريد أن يتم التعامل مع خطبه باعتبارها توجيهات سياسية، وهو يصر على أن تكون المرجعية بعيدة عن الشئون السياسية إلا في حدود ضيقة". وكشف المصدر أن السيستاني "سبق أن وبخ العبادي في رسائل شفوية وأخرى مكتوبة، بسبب محاولته استشارته عبر مقربين منه أو عبر ابنه محمد رضا في قضايا تخص شئون الدولة والحكم، وهذا ما يرفضه المرجع بشكل قاطع".