على عكس من سبقوه من رؤساء مصر, يتمتع الرئيس محمد مرسى, بنظام حماية وتأمين مزدوج فبجانب أجهزة الدولة المختلفة من مخابرات عامة وحرس جمهورى وغيرهما, هناك عدد من الأجهزة المماثلة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين تقوم بتأمين وحماية الرئيس وهو ما قد يؤدى لصراع بين هذه وتلك بغرض الإزاحة والإحلال, لتبدو مصر وكأنها دولتين! والأمر ليس مجرد تكهنات أو ضرب من الخيال, فقد شاهد عشرات الملايين من المصريين عبر شاشات التليفزيون الرئيس مرسى فى أول ظهور رسمى له فى ميدان التحرير السبت الماضى وهو يؤدى اليمين الدستورية محاطا بمزيج من رجال يؤمنون الرئيس بينهم مجموعة من الشبان ذوى اللحى الخفيفة وتكوينهم الجسمانى يؤكد أنهم يتمتعون بمواصفات خاصة جدا قد تضاهى تلك التى تتوافر فى عناصر أجهزة الدولة المعنية بأمر حماية رئيس الجمهورية, لكنهم تابعون مباشرة لجماعة الإخوان المسلمين ويشرف عليهم قيادات غير شهيرة بالجماعة تعمل دائما تحت الأرض وفقا لعقيدة الإخوان منذ عهد مؤسسها الراحل حسن البنا, غير أن الفرصة باتت مواتية كى يخرجوا إلى النور طالما أن رئيس الدولة أحد أقطاب جماعة الإخوان. وبنظرة لعملية تأمين مرشح جماعة الإخوان -الدكتور مرسى ومن قبله الشاطر- قبل إجراء الانتخابات الرئاسية يمكن رصد عدة نقاط مهمة تؤكد أن أجهزة الإخوان الاستخباراتية والأمنية ليست فرية, حيث كان يتم تمشيط المكان المزمع عقد مؤتمر به بشكل دقيق عبر فرق من شبان إخوانيين ذوى أجسام رياضية ويحملون أجهزة تصنت واتصال حديثة, فيما يؤكد الأمر تصريحات خيرت الشاطر نائب المرشد حين قال إنهم – اى الإخوان- يحتفظون بتسجيلات خطيرة تدين مسئولين كبارا فى الدولة – قاصدا المجلس العسكرى وأعضاء باللجنة العليا للانتخابات الرئاسية – وهو الأمر الذى وقع كالصاعقة على المسئولين الأمنيين الرسميين فى البلاد. وأجهزة الإخوان تتباين فمنها جهاز أمن الدعوة, ومنها جهاز الاستخبارات وهو المسئول عن شائعة استقالة الفريق إيهاب مميش قائد القوات البحرية بزعم أنه غير راض عن ممارسات المجلس العسكرى, وهو الأمر الكاذب الذى قصد منه جهاز الإخوان إثارة البلبلة داخل صفوف الجيش المصرى وذلك حين شعرت الجماعة بإن كرسى الرئاسة قد يذهب لمرشح آخر غير مرشحها. خطورة الأمر لا تتوقف عند حد وجود أجهزة موازية -رغم خطورة الموقف- لكنها قد تصل إلى محاولة إقصاء الأجهزة الموجودة بالفعل أو بالأحرى إزاحتها وإحلالها بأجهزة أخرى إخوانية خالصة, فقد نجحت الجماعة فى زرع عناصر لها فى مختلف الاجهزة السيادية ويظهر ذلك بقوة فى حديث خيرت الشاطر عن رصدهم لمكالمات هاتفية بين أعضاء من المجلس العسكرى ونظراء لهم فى اللجنة العليا للانتخابات وذلك عقب استبعاد خيرت الشاطر من السباق الرئاسى. والطريف أن شائعة أخرى سرت مؤخرا تؤكد ترشيح الدكتور عصام العريان لمنصب مدير جهاز المخابرات العامة المصرية وليست الإخوانية وهو الأمر الذى يمكن اعتباره بالونة اختبار لمدى تقبل الشعب فكرة إزاحة كوادر تلك الأجهزة السيادية والحيوية واستبدالهم بكوادر إخوانية. وتعود فكرة الاستخبارات الإخوانية لسنواتها الأولى حين فوجئ البنا بمواجهات عنيفة أفقدته صوابه وأقر بنفسه أن بعض المحيطين به من أبناء الجماعة ألقوا به إلى الجحيم – وذلك بحسب وصفه شخصيا - وأن من ظنهم خلاصة الخلاصة أو ما عُرف ب«النظام الخاص» كانوا وبالاً على دعوته! الأمر دفع البنا إلى إنشاء تنظيم خاص دون علم أعضاء الجماعة وكوادرها, فأطلق عليه اسم جهاز المخابرات الإخوانى وكان ذلك عام 1945 مكلفا الدكتور محمود عساف وهو أحد أبناء الجماعة من الرعيل الأول, ومعه عضو آخر وهو محمود عبدالحليم على أن يكون مؤسس الجماعة القائد لهذا التنظيم.. وتم تقسيم المهام إلى جمع السلاح القديم من الصحراء الغربية والمتفجرات وأدوات التدريب استعداداً لإعلان الجهاد على المستوى الخارجى للجماعة, والدفاع عن وجود الإخوان نفسها ضد محاولات وئدها من الداخل أو الطمع الذى أصاب بعضا من رعيلها الأول! إلى ذلك, كانت هناك مهمة أساسية لجهاز الاستخبارات الإخوانى وهى جمع المعلومات والتجسس على باقى أعضاء جماعة الإخوان المسلمين فى جميع فروعها بالمحافظات وإرسال هذه المعلومات أولاً بأول لحسن البنا مباشرة, والمثير أن الجماعة لجأت للنموذج الروسي الشيوعي من أجل تدريب رجالات جهازها على المهام الخاصة. الخبير الأمنى اللواء فؤاد علام يقول إن الإخوان بالفعل ذهبوا إلى روسيا للتدريب على وسائل استخباراتية من الدرجة الثالثة تركز على التدريب البدنى العنيف وتنمية الذكاء والمهارات العقلية والبدنية وقوة الإرادة, وكذا التدريب على استخدام الأسلحة الحديثة – وقتها – ودراسة العلوم الحديثة مثل الفيزياء والكيمياء والأحياء والهندسة – دراسة متخصصة – إلى جانب استخدام التشفير والاختزال وإجادة اللغات الأجنبية. فيما يشير الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية, الدكتور عبد الرحيم على إلى أن أولى المهام التى أوكلها البنا لأعضاء جهاز استخباراته كانت تسمى "جس نبض الإخوة" وهى باختصار تدور حول جمع معلومات من داخل الجماعة ذاتها لمعرفة ما يدور بداخلها وكذا اتجاهات أعضائها لحماية الجماعة نفسها من الداخل!