وأخيرا أصبح لدينا رئيسا بعد أكثر من عام ونصف العام ظلت مصر خلالها تغط فى ظلام مرحلة انتقالية أعقبت ثورة يناير, ولأننا على أبواب الجمهورية الثانية وأمام شعب بات لا يقبل بإخفاء المعلومات ومنع تداولها أصبح لزاما على الدكتور محمد مرسى , الرئيس الجديد, أن يواجه عددا من الملفات الشائكة والمتشابكة بداية من الاقتصاد المهترئ مرورا بالانفلات الأمنى وليس انتهاء بالعلاقات الدولية, حيث يعانى المصريون من مشكلات عديدة يبرز منها أزمة البوتاجاز ورغيف العيش والبطالة , ومع ذلك فهناك ملفات أكثر سخونة وكأنها ألغام فى طريق الرئيس مرسى مثل الأقباط والعلاقة بين التيار الإسلامي والليبراليين وكذا الملف القبطى وجماعة الإخوان , والمزيد فى السطور التالية. الأمن إعادة الأمن للشارع المصري واحدة من القضايا المطروحة على أجندة مرسى بقوة لاسيما أنها تتضمن تعقيدات كثيرة فهي مرتبطة بفلسفة النظام السابق , فوزارة الداخلية كانت مجرد أداة للدفاع عن مصالح النظام, وقد انعكست هذه الفكرة على المجتمع المصري خلال السنوات الأخيرة واستقر في وجدان الشعب أن الجهاز الأمني آلية من آليات النظام المستبد يقمع من خلاله الحريات ولا يحترم أدنى مقومات حقوق الانسان. وبمرور الوقت تراكمت على العلاقة بين الطرفين المزيد من السلبيات ومع انفجار الثورة كانت وزارة الداخلية من أولى المؤسسات التي تم إسقاطها بحيث انتشرت فكرة المواطن المقهور في مواجهة رجل الشرطة ومن ثم كانت المحصلة لهذا الأمر انتشار حالات البلطجة والانفلات الأمنى. وفي هذا السياق يؤمن مرسى بضرورة التعامل بدرجة عالية من الواقعية مع هذا الملف الذى يحتل أولوية كبيرة لدى الرئيس, أما فيما يتعلق بأدوات التعامل مع الأزمة فالرؤى موحدة تجاه إصلاح وزارة الداخلية وإعادة هيكلة تنتهي إلى استعادة الدور الأساسي للمؤسسة الأمنية وبالتالي إيجاد علاقة التوازن بين المواطن والداخلية مع إعطاء مساحة أكبر للتعاطي مع فكر المؤسسة الأمنية بحيث يتم إعادة تدريب وتأهيل الكوادر الأمنية وطلاب كلية الشرطة بالإضافة إلى تعزيز الرقابة المدنية الحقوقية على سياسات وزارة الداخلية. الحركات الاحتجاجية الثورة بطبيعتها تعبيرعن رفض للممارسات والمؤسسات القائمة فى أى مجتمع, والخط التصاعدي للاحتجاجات الشعبية بدأ في مصر منذ سنوات مع تزايد معدلات الظلم والاستبداد وبالوصول إلى الحالة الثورية في 25 يناير 2011 وزاد على واقع الاحتجاجات الشعبية عنصر آخر تمثل في تزايد الطموحات لدى قطاع عريض من المجتمع بصورة فرضت على النظام الجديد الاستجابة لمطالب عدة من جهات متباعدة وبالتزامن مع غياب قدرة المؤسسات القائمة على التفاعل مع واقع الاحتجاجات أصبحت الاعتصامات والمطالب الفئوية تتصدر المشهد السياسى في مصر خلال الفترة الماضية. والمتوقع – أو ربما المفترض – أن يتعامل مرسى مع هذا الملف عبر ثلاثة مستويات, يمثل المستوى الأول الاستجابة للحركات الاحتجاجية وتبنى موقف مبدئي يتضح من خلال التصريحات المعلنة باحترام حق التظاهر والاعتصام والثاني يعبر عن الرؤية المؤسسية وتأكيد دور المؤسسات في تلبية الاحتياجات المجتمعية وينطوى المستوى الثالث على منظومة تتفاعل من خلالها ديناميكيات الحركات الاحتجاجية مع قضية العدالة الاجتماعية والسياسات الاقتصادية, فمرسى يطرح آلية التعامل مع الحركات الاحتجاجية كجزء من ملف العدالة الاجتماعية بما يحقق التنمية البشرية ويراعي احتياجات طبقات وفئات مجتمعية تم تهميشها خلال السنوات الأخيرة. الإسلام السياسي من أهم التغيرات التي طرأت على الساحة المصرية بعد الثورة بزوغ تيار الإسلام السياسي بقوة وحصوله على أغلبية مقاعد البرلمان بمجلسيه – بعيدا عن حكم المحكمة الدستورية العليا - في سياق اتسم بالصراع بين قوى التيار والقوى الأخرى وهذا الصعود للقوى الإسلامية أسفر عن عدد من القضايا الشائكة, يتعين على مرسى التعامل معها, فهناك تساؤل حول كيفية التعامل مع التيار الإسلامي بتنوعات أفكاره واتجاهاته ناهيك عن التصور حول حدود الحريات في الدولة فضلاً عن الوضع المتعلق بتطبيق الشريعة وباستثناء التوافق حول المادة الثانية من الدستور أن المرجعية الفكرية تمثل محورا أساسيا في تعامل مرسى مع هذا الملف . السياسة الخارجية يتضح من خلال برنامج مرسى الانتخابي وتصريحاته الاتفاق حول إعطاء أولويات جديدة في السياسة الخارجية, كملف العلاقات الإفريقية وبالأخص دول حوض النيل والبحث عن صيغة جديدة للعلاقة مع الولاياتالمتحدة وإنهاء حالة التبعية التي وصف بها النظام السابق, وعن طبيعة العلاقة مع المقاومة الفلسطينية أوضح أنه سيقيم علاقات وثيقة مع حركة حماس والحفاظ على المعاهدات مع إسرائيل. مجلس الشعب مجلس الشعب أحد أهم مراكز القوى في مصر الآن وذلك بافتراض عدم حله واستمراره, لذا فإن العلاقة بين هذا المجلس الذي تحوم حوله وحكم المحكمة الدستورية التاريخى ببطلان الثلث والرئيس يمثل إشكالية جديدة للطرفين قد تنتهي ببقاء الحال على ما هو عليه أو اندلاع حالة صراعية بين الطرفين خاصة فيما يتعلق بصلاحيات الرئيس لاسيما فيما يرتبط بسلطة حل المجلس وتشكيل الحكومة. ووفقا للإعلان الدستوري الحالي يمكن لمرسى أن يقوم بتعيينات أساسية لكن لا يمكنه أن يصدق على سياسات كميزانية الدولة التي لا تزال حكرا للبرلمان وحده ولا يمكن تمرير قانون دون موافقة كل من الرئيس والبرلمان.. وفي حال عدم تغيير هذه الآليات فإن الرئيس سيبدو أمام الشعب ضعيفا وخاضعا للبرلمان. المرأة والأقباط ينظر التيار الاسلامى الذى ينتمى له الرئيس مرسى للمرأة والقبطى نظرة قد لا تتفق مع المأمول من شعب قام بثورة للخلاص من التمييز, وعن المرحلة المقبلة تشير الدكتورة نسيبة اشرف مسؤل ملف المرأة فى مكتب الرئيس إلى أن دعم وتمكين المرأة المصرية وإفساح الطريق لها للمشاركة المجتمعية والسياسية وأولويات العمل الوطنى والتنموى نابعًا من إيماننا بأن المرأة مكافئة للرجل في المنزلة والمقام متكاملة معه في العمل والمهام والسعى لتمكين المرأة المصرية فعلاً لا قولاً . مضيفة: وتحقيق جميع حقوق المواطنة للإخوة الأقباط والمساواة القانونية الكاملة لهم كمواطنين مصريين مع الاحتفاظ بحقهم المصون في الاحتكام لشريعتهم السماوية فيما يتعلق بأمورهم الشخصية والعائلية. العشوائيات وللعشوائيات مكانة على خارطة الرئيس, فهى تضم الملايين من المصريين الذين يعانون الفقر والتهميش, وهو لذلك مضطر للبحث عن حلول جذرية لأهالي تلك المناطق خشية اندلاع ثورة جياع وغضبة المحرومين, وذلك بتوفير المحفزات المالية والعمرانية التي تشجع العائلات المصرية القاطنة بالعشوائيات على اتخاذ قرار الانتقال بذات نفسها وبدون ضغط من جانب الدولة.