فى انتظار الرئيس الدكتور محمد مرسى تحديات اقتصادية ضخمة تمثل قنابل موقوتة ? حال تجاهلها أو التأخر فى حلها - تهدد استقرار دولته, ويأتي فى مقدمتها ارتفاع معدلات البطالة والعجز الكبير والمزمن فى الموازنة العامة للدولة والتراجع الخطير لمعدلات النمو والاستثمارات فضلاً عن تراجع احتياطي النقد الأجنبى لدى البنك المركزي والذي لا يغطى الواردات المصرية إلا لثلاثة شهور قادمة. المثير أن وعود مرسى لمواطنيه وتعهداته الاقتصادية والوعود التى قطعها على نفسه تستدعى احد أمرين إما الاقتراض والاستدانة لتغطية العجز البين فى الموازنة, وإما إعلان إفلاس الدولة خلال المائة يوم الأولى من رئاسته , وهناك فرضية ثالثة أن يخرج الرجل على شعبه ليعلن انه كان يتجمل ? لا يكذب ? فيما وعد به ناخبيه وجموع المواطنين. فمرسى والذي من المقرر أن يحلف اليمين الدستورية عقب إعلان النتائج النهائية لأول انتخابات رئاسية فى مصر عقب ثورة 25 يناير مصر مطالبا بإعادة الأمن إلى الشارع المصري ، ومواجهة مشكلة البطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية وجذب الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة الوطنية والعربية والأجنبية, وكذا إنعاش حركة السياحة من اجل إعادة التوازن إلى ميزان المدفوعات واستعادة الاحتياطي من العملات الصعبة لدى البنك المركزي الذي تراجع من 36 مليار دولار قبل الثورة وأصبح 15.5 مليار دولار حاليا . الدكتور محمد مرسى سبق وأعلن نيته معالجته للقضايا الاقتصادية فى برنامجه الانتخابي وفقا لمرجعيته الدينية، والتى تستهدف بالدرجة الأولى تحقيق تنمية مستدامة طبقا لمبادئ الشريعة الاسلامية، ودفع عجلة التنمية الشاملة فى جميع القطاعات الانتاجية والخدمية، والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر، إلى جانب تحديث الاقتصاد المصرى ونقله من الاقتصاد التقليدى الى آفاق اقتصاد المعرفة وذلك من خلال التفاعل بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني. ورغم أن البرنامج الإنتخابى للدكتور مرسى يعتمد بشكل أساسى على مشروع النهضة - الذى سبق وأعدته جماعة الاخوان المسلمين وهو شعار الحملة الانتخابية له - إلا أن هناك تناقضا واضحا بين البرنامج والمشروع، فالبرنامج على سبيل المثال يتحدث عن مضاعفة الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى خلال 10 سنوات برفع متوسط معدل النمو السنوى من 1.7% إلى 7%، بينما يؤكد مشروع النهضة على أنه سيتم مضاعفة الناتج المحلى خلال 5 سنوات فقط باستخدام نفس الأداة وهى رفع معدل النمو إلى 7%, كما سبق وتعهد برفع معدلات النمو الاقتصادي إلى7 % خلال خمسة أعوام وخفض التضخم والبالغ 8.8 بالمائة إلى النصف. البطالة البطالة قنبلة موقوتة تهدد استقرار دولة "مرسى " فوفقاً لتقديرات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء يصل حجم العاطلون فى مصر نحو 3.4 مليون عاطل , وعلى الرغم من زيادة نسبة البطالة اكتفى "مرسى "بطرح خطتين ضمن برنامجه الانتخابي للتعامل مع المشكلة فى الأجلين القصير والطويل , وتتضمن خطته العاجلة فى انشاء صندوق قومي لمنح إعانة بطالة للعاطلين, وتيسير اجراءات الحصول عليها عبر قانون ينظم هذا الأمر, وضرورة وجود قاعدة بيانات حقيقية عن إحصائيات وحقائق البطالة, الأمر الذى سيكلف الخزانة العامة ? حال وفاء مرسى بصرف إعانة بطالة قدرها 300 جنيه شهريا وفقا للتقديرات التى يقترحها بعض المطالبين - 1.3مليار جنيه- وهو ما يؤكد صعوبة تنفيذ ذلك الوعد فى ظل العجز الكبير فى الموازنة العامة. وسبق ان اقترح "مرسى " ضمن مشروع النهضة إعادة تشغيل الطاقات المعطلة والموجودة في مختلف قطاعات الاقتصاد القومي, وإعادة النظر في سياسة الخصخصة والمحافظة علي المشروعات العامة الناجحة, مع العمل علي تحسين مناخ الاستثمار والقضاء علي معوقات انطلاق القطاع الخاص, والنهوض ببرامج الخدمات الصحية والتعليمية العامة وهو الأمر الذي يستوعب أعدادا كبيرة من الخريجين, والتوسع في برامج التدريب للمهن المختلفة , وعلى الرغم من استهداف خطة مرسى تضييق مصادر البطالة مثل الخصخصة من جانب, والتوسع في توفير فرص العمل من جانب آخر, لكن بعض بنودها لن تظهر آثاره الإيجابية قبل خمس سنوات مما يعني أن مداها الزمني سيكون قصيرا ومتوسط الأجل. أما علي المدى الطويل فسبق وأن طرح مرسي فى برنامجه الانتخابى عدة إجراءات ركزت بالدرجة الأولى على توجيه دفعة قوية للاستثمار لخلق فرص العمل ورفع معدلات النمو في مختلف قطاعات الاقتصاد القومي, وتحفيز الجهاز المصرفي لتشغيل المدخرات غير الموظفة والتي تبلغ 500 مليون جنيه , وزيادة الاستثمارات العامة إلى 30% من الناتج المحلي الإجمالي حتى يمكن استيعاب الأعداد الداخلة سنويا لسوق العمل,والاستفادة من الاستثمارات الاجنبية المباشرة بشكل حقيقي لإنشاء مشروعات جديدة والبعد قدر المستطاع عن صورة نقل الملكية. الاستثمار تعهد مرسى بإعطاء الثقة الكاملة للمستثمرين بجدية مناخ الاستثمار واحترام جميع العقود التى تبرمها الحكومة معهم, وانتقد إلغاء العديد من العقود التى أبرمتها حكومات النظام السابق مع عدد من المستثمرين العرب والأجانب ثم أبطلها القضاء المصرى وأعطت انطباعا سيئا لدى المستثمرين بأن الحكومة لا تحترم تعاقداتها, إلا انه لم يعلن صراحة الآليات التى سيقررها لجذب الاستثمارات فى المستقبل, واكتفى بإعلان بمحاربة الفساد كأحد أهم المحددات لزيادة الإستثمارت . كما أن مرسى تعهد بإعادة البورصة المصرية لمكانتها وسط البورصات العالمية كمرآة حقيقية للاقتصاد , كما تعهد أن تشهد فترة رئاستة نموا فوق العادة للبورصة وزيادة استثمارات المستثمرين ? سواء العرب أوالأجانب ? وتوفير تدفقات نقدية بالعملات الأجنبية لتمويل المشروعات, لكنه بدلا من ان يسعى لإيجاد الآليات التى تحقق تعهداته طالب بفرض ضرائب على أرباح البورصة بواقع 3% على الأموال التى تخرج خلال فترة أقل من 6 شهور , و2% على الأموال التى تخرج بعد 6 شهور , و1% على الأموال التى تبقى فى السوق عاما فأكثر, وهو ما يهدد بعودة استثمارات الأجانب للبورصة بعد خروج أكثر من 90 % منها خلال الثلاثة أشهر السابقة. السياحة عودة السياحة لسابق عهدها قبل الثورة كأحد اهم موارد النقد الأجنبى تعد من التحديات التى تقع على كاهل الرئيس الجديد , ولكن مرسى أطاح ? عبر تصريحاته النارية ? بالاهتمام السياحة الدينية بدلا من السياحة الشاطئية وهو ما يهدد مستقبل 5 ملايين مواطن يعملون بالقطاع. العدالة الاجتماعية تحقيق العدالة الاجتماعية استحوذ على نصيب الأسد فى برنامج وتعهدات مرسى والذى توعد بتطبيق الحدين الأدنى والأقصى للدخول وفرض ضرائب تصاعدية على الطبقات الأكثر ثراء أو إعادة النظر كليا في نظام دعم الطاقة والسلع الأساسية, وإعادة تنظيم الدعم المقدم للسلع الأساسية لينتقل من دعم السلع والمنتجات الى دعم الفقراء .