يظن زميلنا العزيز سليمان جودة أن ذاكرة المصريين قريبة الشبه – إن لم تكن متطابقة- وذاكرة «السمك»، لا تحتفظ بالذكريات والمواقف، وأي نعم أن المطربة أصالة قالت « نعمة النسيان جميلة» لكننا نقول له –من فوق أرض صلبة- إن ذاكرة الشعب المصري تكاد تكون متطابقة وذاكرة محرك البحث الشهير «جوجل» ، مجرد أن تضع في خانة البحث كلمة، سرعان ما تجد أمامك الماضي كاملا متكاملا دون تغيير أو تبديل، وأن المطربة السورية الأصل لم تكن يوما على قائمة الذين يطربون المصريين. أما الذي يدفعنا للحديث عن أزمة الذاكرة المصرية ، فيتمثل في أن زميلنا «جودة» أراد أن يكتب تحت شعار « دعه يعبر..دعه يمر»، والمراد من العبور والمرور أيضا، النظام السابق، وتحديدا رأس النظام الرئيس السابق محمد حسني مبارك، الذي نظن – وفى حالة «سليمان» كل الظن إثم- أنه لديه معزة خاصة جدا فى قلب الكاتب الأول بالزميلة «المصري اليوم». ولتأكيد تلك المعزة كان من الواجب أن نذكره – لعل الذكري تنفعه- أنه كان من أوائل الذين بدأوا في سيناريو «عودة مبارك» للحياة السياسية، وكانت البداية منذ عدة أسابيع، حيث خرج «جودة» ليكتب، ما لا يمكن اعتباره إلا وصلة « حنية» و « جر ناعم » مع الشعب المصرى، ورغبة منه فى «ترقيق» قلبه علي الرئيس السابق، حيث طالب «سليمان» المصريين بالعفو عن الرئيس واحترام سنه. حديث زميلنا «جودة» عن ضرورة رحمة «مبارك» كان من الممكن أن نتعامل معه تحت بند أنه من أصحاب القلوب الرحيمة والأحاسيس المرهفة، لكنه خرج علينا صباح الأربعاء الماضي ليؤكد لنا أننا «واهمون»، وأنه هناك « في الأمور أمور» ، فقد استغل «جودة» رحلة عمل إلي «الفلبين» واتحفنا بعدة مقالات – المكان والمساحة المتاحة لا يسمحان بتناولها- لكننا سنكتفي بالتأكيد علي أنه وجد ضالته في التجربة الفلبينية لاستكمال سيناريو «جر الناعم» مع الشعب فى مقال عنوانه «خذوه درسا من الفلبين»، حيث فاجأنا بأن الأيام المقبلة من الممكن أن تشهد ترشح قرينة الرئيس السابق « سوزان مبارك» للانتخابات البرلمانية ،ومعها نجلاها «جمال وعلاء»– بما لا يخالف القانون. «جودة» لم يرد أن يتركنا فريسة ل«القيل والقال» و«فئران الشك» ، فقد سارع ليسرد لنا واقعة تاريخية أبطالها عائلة الرئيس الفلبيني وتحديدا «ايملدا» أرملة ديكتاتور الفلبين الراحل «ماركوس»، التي طاردتها الجماهير الغاضبة وأجبرت زوجها علي الهرب من الفلبين، وبعد سنوات طويلة عادت الأرملة لترشح نفسها في الانتخابات ومعها ابنها ، وصار الثلاثة أعضاء منتخبين فى برلمان بلدهم. ومن جانبنا لا نريد من زميلنا «جودة» إلا مقالا ثالثا يشرح لنا فيه – وله الآجر والثواب- رحلة العائلة الهاربة وعودتها لتكسب الحصانة، ولنا في الفلبينيات ومن قبلهن «سليمان» أسوة حسنة.