ابنته: القذافى ساهم فى علاج والدي.. ومصر «نسيته» حرض على الثورة فى أعماله المسرحية.. والشعراوى أثنى عليه إلى مستشفى القوات المسلحة بالعجوزة توجهنا لزيارة عملاق المسرح سيد زيان، وهناك استقبلتنا ابنته إيمان بحفاوة وترحاب، وفتحت لنا غرفة الفنان الكبير، الذى بادرنا بابتسامة رائعة وعيون تنطق بكل معانى الحياة، سألناه عن صحته، فقال بصعوبة: «الحمدلله .. ادعو لى بالشفاء»،.. هنا وأدركنا أن الأمل فى مواصلة رحلته الفنية يداعبه من جديد، بعد أن حارب المرض لتسع سنوات متصلة، لإصابته بجلطة دماغية أثرت على يديه وقدميه، لكنه بدأ يسير على عكاز، ثم قطعنا هذه الأجواء بعبارة «أنا الذى واللذينا»، وهي أشهر افيهاته، فانطلقت ضحكاته مجلجلة ليقطعها بعبارة من كلمتين: «أنا نفسى أرجع تانى». إيمان سيد زيان أخذت تحكى عن أعمال والدها قائلة: قدم 67 مسرحية أغلبها ذات طابع سياسي، أشهرها «العسكرى الأخضر» و«الفهلوي»، و24 فيلماً أشهرها «البيه البواب» و«وكالة البلح»، وكانت آخر مسرحياته «كحيون ربح المليون»، والتى كانت تعالج قضايا عديدة أهمها مسابقات الاتصالات والمؤتمرات العقيمة وأطفال الحجارة واللحوم الفاسدة، وكان والدى يقف - فى بداية المسرحية- أمام شاشة عرض ضخمة تعرض القضايا المهمة، واستقبل المشاهدون هذا المشهد بعاصفة من التصفيق، وغنى والدى فى هذه المسرحية أغنية عن إسرائيل، تقول كلماتها: «جرى إيه يا إسرائيل.. جرى إيه ياكدابين.. يادمكم التقيل.. ياخبثا ياغدارين»، وعرضت فى لبنان وقطر، وكان من المقرر عرضها فى عدة دول عربية، لكن ظروف مرض والدي حالت دون ذلك وقد غني والدي في مسرحياته من الحان بليغ حمدى وعمار الشريعى وحلمى بكر ومنير الوسيمي، ومن أشعار جمال بخيت وبخيت بيومى وغيرهما، وللعلم فقد ساهم معمر القذافى - قبل مصرعه- فى تكاليف علاج والدى أثناء علاجه فى ألمانيا، لكن مصر مع الأسف نسيته. وتحكى إيمان ما قاله الفنانون عن والدها، قائلة: سألوا الفنان أحمد بدير لماذا لم تقدم مسرحية مع سيد زيان، فقال: لا أستطيع مجاراته والوقوف أمامه على خشبة المسرح، وقال محمود ياسين: نتمنى الشفاء العاجل للفنان العظيم ليعود لجمهوره، وقال حسين فهمي: هذا الفنان ولد ليكون نجم مسرح كبيراً، وعندما كنا فى عزاء الفنان فؤاد المهندس قالت الفنانة شويكار: والدك فنان كبير ويمثل تاريخ المسرح، وقال عنه الفنان أحمد رمزى -قبل وفاته بشهر- سيد زيان اعطاه الله الموهبة، وهو فنان بالفطرة، ودخل قلوب الناس جميعاً. إيمان تستكمل سرد مسيرة والدها المسرحية قائلة: أثناء عرض مسرحية لوالدى كان يهاجم النظام، صاح رجل من بين الجمهور قائلاً: «مش هاتروح بيتك ياعرب»، فانفجر الجميع فى الضحك بمن فيهم والدي، بعدها استضافه برنامج تليفزيونى فقال سيد زيان: «أخاف من الله فقط، وأذهب لبيتى لأجلس وسط أولادى ثم أنام مرتاح الضمير»، أما مسرحية «تيجى تصيده» فكان يطالب فيها بالتظاهر ضد الظلم والفساد، لذا فقد تنبأ سيد زيان بالثورة التى اسقطت النظام الفاسد ويمكن اعتباره أحد الداعين لها. وتحكى عن موقف تعرض له والدها بقولها: كانت حرارته تعدت 04 درجة وأصر على اداء دوره، إرضاء للجمهور وإكراماً للعمال والمساعدين، وفور صعوده خشبة المسرح نسى الألم تماماً وتفاعل مع جمهوره، وكنت قد ذهبت معه بسيارتنا لشراء بعض الأشياء، وفوجئت بهجوم الجماهير كانت لحظة رائعة، أحسست وقتها بقيمة شهرة والدى وحب الجمهور الشديد له، أيضاً عاصفة التصفيق التى اندلعت حينما صعدت لاستلم وسام تكريمه من صفاء أبوالسعود والشيخ صالح كامل، ووقتها تم تكريم جورج سيدهم وشيريهان. وعن أعماله الإذاعية تقول: كان والدى يقدم برنامج «مين ولاد مين» وكان يذاع فى شهر رمضان لمدة عشر سنوات، حتى مرض والدى فى عام 2002 وتوقف البرنامج، ورفضت الإذاعة استكمال البرنامج بفنان آخر، واكتفوا بإعادة الحلقات القديمة، ويذيع البرنامج العام حلقة يوم الجمعة من هذا البرنامج، وبسببه حصل والدى على جائزة «الميكروفون الذهبي» كأفضل صوت اذاعي. وتضيف كان والدى يريد تقديم مسرحية «زوربا اليوناني»، فقد كان معجباً بها وشاهدها 71 مرة، وأيضاً شاهد مسرحية «كأسك يا وطن» مرات عديدة، وأنشئنا شركة «النور» للإنتاج الفني، إذ كان والدى يرغب فى اداء تواشيح الشيخين نصر الدين طوبار وسيد النقشبندى بصوته، وتوقف المشروع بسبب مرضه، وأتمنى شفاءه لأحقق أحلامه، لتقوم شركتنا بإنتاج مسرحيات جديدة، فوالدى يغار على المسرح العربى بشدة، ويتمنى نقل الابهار الذى وصلت إليه لندن والعواصم الأوروبية مسرحياً إلى مصر. وعن سبب اطلاق لقب «الفنان المحترم» على والدها تقول إيمان: كان والدى يقوم بدوره فى مسرحية ناجحة بالإسكندرية، وفوجئ بعدد من الممثلين يقولون ألفاظاً خارجة عن الآداب، فنبههم إلى أن هذا لا يليق لوجود أسر وأطفال بين جمهور المسرحية، لكن الممثلين ظلوا فى إطلاق هذه الألفاظ، فترك والدى المسرح وأغلق هواتفه وأقام لدى أحد أصدقائه، وتحمل الشرط الجزائى بمفرده. إيمان زيان تحكى عن علاقة والدها بالشيخ الشعراوى قائلة: قبل وفاة الشعراوى ذهبت إليه شقيقته لتزوره، فقال لها: أنا مدين لوالدك، فقد قال: أحب فى التليفزيون المصرى الأذان وحديث الشيخ الشعراوي، أما عن الفنانين فتقول: كان يحب عبدالحليم حافظ ويقول عنه إنه أذكى فنان مصري، وكانت علاقته وطيدة بالفنان محمد عبدالوهاب والفنان فريد الأطرش، ويعشق فن فؤاد المهندس، وزاره أكثر من مرة فى فترة مرضه، وكذلك الفنان محمد أبوالحسن. أما علاقته بأبنائه فتقول عنها إيمان: هى علاقة صداقة، والدى يحكى لنا عن كل ذكرياته وغرامياته قبل زواجه، ونحكى أسرارنا له ونصارحه بكل شيء، وكان والدى يفصل بين البيت والعمل، ففور عودته من عمله ينسى كل شيء ويتذكرنا نحن فقط، وتحكى موقفاً طريفاًَ بقولها: أنا وحنان نغني، وسامية تعشق الرسم، ويوم زفاف شقيقتى صعدنا «الاستيدج» وقدمنا فقرة غنائية نالت إعجاب الجميع، فاقترب النجم عادل إمام من والدى وقال «بناتك دول ولا مأجرهم»، وانفجرنا جميعاً فى الضحك. بشرى سارة تزفها إيمان بقولها: الحمدلله صحة والدى فى تحسن، هو يستجيب للعلاج وبدأ يتحرك وينطق ببعض الكلمات، والأطباء نصحونا بسفره إلى باريس أو تشيكوسلوفاكيا لوجود أجهزة طبية حديثة هناك، وأبذل كل جهدى من أجل سفره لاستكمال علاجه، حتى لاتتفاقم حالته ونخسر ماوصلنا إليه. انتهى اللقاء، سلمنا على الفنان الكبير الذى منحنا باقة حب وأمل بنظرة تفاؤل، على وعد بلقاء جديد.
